خبر وباء التحرش الجنسي في مصر -هآرتس

الساعة 09:04 ص|28 أغسطس 2012

وباء التحرش الجنسي في مصر -هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: قصة الوقاحة المتزايدة في الشوارع المصرية والتحرش الجنسي الفاضح بالنساء حتى المحتشمات منهن  – المصدر).

الرزق، اسعار الغذاء المرتفعة والسياسة غير المستقرة هي فقط جزء من مصادر القلق المتفاقمة في مصر. وتزعج بقدر لا يقل عن ذلك مشكلة الامن الشخصي ولا سيما التنكيل الجنسي بالنساء في الشارع. ومع أن هذه ليست مشكلة جديدة، الا أنها تحتدم في السنتين الماضيتين بالتوازي مع غدوها ظاهرة علنية ورائجة الحديث.

مؤخرا بدأت مجموعة من الشباب العلمانيين بتنظيم "ورديات حراسة شعبية" لحماية النساء من التنكيل. وهم يقفون في محطات الميترو والباصات ويحاولون بمجرد تواجدهم منع التحرش. وتقول نهال زغلول من جمعية "بسمة" ان "الوضع وصل الى أن نصف الجمهور، النساء، يخشون النصف الثاني، الرجال". وحسب بحث أجري في مصر في 2010، فان اكثر من 84 في المائة من المشاركات في الاستطلاع تحدثن عن أنهم عانين من التحرش الجنسي وقالت 46 في المائة منهن انهن يتعرضن للتحرش الجنسي كل يوم. ثلثا الرجال الذين سُئلوا اعترفوا بانهم تحرشوا بالنساء "ولا سيما لما يرتدينه من ملابس مثيرة".

محرر صحيفة "الوطن" المصرية الجديدة، مجدي الجلاد، الذي كان قبل ذلك محرر صحيفة "المصري اليوم" قرر طرح هذه المشكلة على جدول الاعمال. وأمس، في موقع المقال الرئيس، نشر حديثا أجراه مع واحدة من قريباته، تعرضت لتنكيل من هذا النوع. الحديث، بالاختصار المطلوب، نقدمه هنا:

هي في الاربعينيات من عمرها، جميلة جدا، اعتادت على اخفاء محاسنها والا تكشفها الا على زوجها. الحجاب على رأسها يمنحها أبهة وحشمة. اتصلت بي في ساعة متأخرة من الليل. بداية قال لي زوجها: "لم أتمكن من تهدئة روعها. فقد كادت تختنق من شدة الأزمة والغضب. قالت لي: لن أنام الا بعد أن أتحدث مع من ينقل أقوالي الى الدولة بأسرها. ها هي، اسمعها بنفسك". أنا أعرف المرأة وزوجها ولم يسبق لي أن وجدتها في وضع انهيار تام مثلما كانت أول أمس. وقد بدأت الحديث وهي تنشج بكاءً"ـ يقدم الجلاد للقصة.

اعرف انكم منشغلون بالمظاهرات والمشادات مع النظام. أنا أيضا مشغولة مثلكم بما يحصل. ولكن هذه الليلة اشعر لاول مرة باني أكره مصر. نعم أنا اكرهها رغم أني كل حياتي أحببتها بشدة، تقول، في ذروة الازمات والمشاكل احببتها. بكيت عند الثورة على حياة الشباب الذين قتلوا بالرصاص الخائن وهم يحمون حريتنا وشرفنا. حلمت بوطن يحافظ على شرف أبنائه وبناته. ولكني الان فهمت كذبة الحلم وحقيقة أن شرفنا يداس.

الكلمات تحشرجت في حلقي، كتب الجلاد يقول، حاولت أن اهدئها ولكني لم انجح في أن أتلفظ بشيء غير تعبير "مصر كبيرة، سيدتي، ولكنها قطعت أقوالي بصراخ: لا أحتاج الى الشعارات والنظريات. اسمعني، عندك بنات؟ ثلاث، أجبتها. والدكتور مرسي عنده بنات؟ واصلت نعم قلت، عنده بنت، شيماء.

تصور، تقول ان ابنتك أو ابنة الرئيس تزور أحد ما في المستشفى في وسط القاهرة في الساعة الثامنة مساءً. المدينة مليئة بالناس ولا يوجد مكان واحد لايقاف السيارة. فتضطر الى ابقاء سيارتها على مسافة 300 متر عن المستشفى. وهي تزور مريضة كواجب. وذلك لانها تربت على التضامن مع الناس في أزماتهم. بعد الزيارة تخرج نحو سيارتها. فهل يوجد أي عيب في ذلك؟ هل مست بذلك بالدين أو بالاخلاق؟.

رأيت الشارع مليئا بالشباب. قلت في قلبي عيد اليوم والناس يحتفلون. ولكن سرعان ما وجدت نفسي أمام أربعة رجال يبدون على وجوههم انهم بلا ضمير. اهانونني. مزقوا الحجاب عن رأسي، أمسكت به كي لا يسقط. وضعت يدي على رأسي بقوة بينما أيديهم كانت تتحسس جسدي.

دافعت عن نفسي بيدي. ولكن مائة يد امتدت كي تقتل شرفي. صرخت للنجدة. سيارتي كانت على مسافة خطوات معدودة فقط، ولكنها بدت لي وكأنها في بلاد اخرى. رجل عجوز واحد فقط أنقذني من أيديهم، حين خرج من باب مبنى على مسافة امتار معدودة وصرخ عليهم "ماذا يوجد هنا؟" ففروا وضحكوا بصوت عال. احد من المارة لم يهتم. بعضهم فقط نظر اليّ نظرات شفقة.

دموع المرأة غمرت جهاز الهاتف، كتب الجلاد. هل رفعتِ شكوى في الشرطة؟ سألتها. أي شكوى؟ أي شرطة؟ أين هذه الشرطة؟ أين الدولة؟ أين الطاعة؟ أين الاخلاق؟ الضمير؟ أين مصر؟ لو كنت ابنتك أو زوجتك فهل كنت ستقول لي إرفعي شكوى في الشرطة؟ هل كنت تتحمل هذه الفضيحة؟ زوجي رجل محترم، ابني انهى الجامعة وابنتي توشك على الزواج. فهل أكون قصة في الشرطة؟ في دعوى؟ في الصحافة والتلفزيون؟

الموضوع أكبر بكثير من مجرد رفع شكوى. الدولة مسؤولة عن شرف المواطن. التنكيل الجنسي ليس جديدا والكل يعرف بانه تزايد. فهل فعل أحد ما شيء؟ هل الرئيس الجديد عرض علينا ماذا يوشك أن يفعله بالجريمة التي يقتل فيها شرف البنات في الشوارع؟

أريد أن تصل رسالتي الى د. محمد مرسي. أنت سيدي الرئيس مسؤول عنا جميعا أمام الله. أنا وكل مواطنة مصرية مثلها مثل ابنتك شيماء. احمِ شيماء من كلاب الشارع وإلا فاننا جميعا سنكره مصر. سنأتي الى القصر الرئاسي ونهتف عاليا نحو محمد مرسي: لماذا لا تحمينا كما تحمي ابنتك".