خبر لا تُخلوا ميغرون- يديعوت

الساعة 08:51 ص|27 أغسطس 2012

بقلم: ناحوم برنياع

يُفترض ان تُخلي الشرطة الى غد الثلاثاء بتعزيز قوات كبيرة من الجيش، البؤرة الاستيطانية ميغرون شمالي القدس. وكان هذا الاخلاء مطلوبا على أثر مداولات في المحكمة العليا أعلنت الدولة في خلالها ان الارض التي تقوم عليها البؤرة الاستيطانية هي كلها أو في أكثرها لفلسطيني، وقد بنت الدولة للمستوطنين بلدة بديلة عند منحدر الشارع. وتزعم الآن 17 عائلة من الـ 50 اللاتي يسكن الجبل، أنها اكتسبت في هذه الاثناء ملكية جزئية لجزء من الارض وانه لا سبب يدعو الى نقلها الى البؤرة الاستيطانية الجديدة الى أسفل. وهي تطلب ان تبت المحكمة العليا أمرها من جديد.

كنت في ميغرون في الاسبوع الماضي وعُدت أمس وتجولت في المستوطنات على سفح الجبل شمالي القدس. وأنا على يقين من ان الاستنتاجات التي جئت بها من هناك لن يقبلها مجلس "يشع" ولا متحدثو اليسار ولا الغُلاة من المؤمنين بسلطة القانون ولا قضاة المحكمة العليا، وبرغم ذلك أقترح عليكم قائلا: لا تُخلوا ميغرون. وتجنبوا أذى أعصاب الجنود ورجال الشرطة؛ وليُوفر رئيس الوزراء ووزير الدفاع تعبهما وهما يستعدان للحرب في ايران؛ ووفروا عشرات الملايين التي أُنفقت وستُنفق بعد. ودعوا أهل ميغرون في حالهم.

وُلدت الخطيئة القديمة في المحكمة العليا. في العقد الثاني بعد حرب الايام الستة حينما تحولت المستوطنات من نزوة هامشية الى سياسة حكومات اسرائيل الغالبة في المناطق، طُلب الى المحكمة العليا ان تحدد موقفها بسلسلة من الاستئنافات. واختار القضاة على اختلاف أجيالهم تجاهل القانون الدولي الذي يحظر استيطان ارض محتلة، وان يحصروا عنايتهم في مسألة الملكية فقالوا انه اذا كانت الارض لفلسطيني فلا يجوز استيطانها واذا لم تكن فانه يجوز.

كان هذا الاختيار مريحا للجميع: فقد عرض محكمتنا في العالم على أنها بطل حقوق الانسان، فمن الحقائق ان بابها مفتوح حتى للفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال؛ ومكّنت اليسار الاسرائيلي من الفوز بين الفينة والاخرى في نضاله ضد المستوطنات؛ والشيء الأساسي أنها مكّنت حكومات اسرائيل من استيطان المناطق وكأنه لا يوجد غد. بدأ بيرس وغليلي وتابع بيغن وأتم شارون. وكان هدف الحكومات منع انشاء دولة عربية بين الاردن والبحر. واليوم، مع 300 ألف مستوطن يعيشون بصورة دائمة في يهودا والسامرة، ومع جماعة ضغط سياسية عظيمة القوة وترتيبات تعويضات من غوش قطيف اذا نُقلت الى الضفة فستبلغ مئات المليارات، يمكن ان نقول ان الهدف قد أُحرز.

لم يبق سوى الاختصام على الفُتات، على قطرة من الاولبانه وحفنة من ميغرون وربع عمونة. وأنا أقترح على وزراء الحكومة وعلى قضاة العليا قضاء يوم في ارض المستوطنات. فسيتبين لهم انه في حين ان البناء في الكتل الاستيطانية التي اعترف الرئيس بوش بصلتها باسرائيل معتدل نسبيا وخاضع لرخص وزير الدفاع، فان البناء في البلدات الجماعية التي يقول حتى نتنياهو ان حكمها ان تُخلى، يزداد ويطغى. ليُسافروا الى معاليه – مخميش أو الى متسبيه – داني أو الى جفعات – هرآ أو الى يتسهار والى عشرات المستوطنات والبؤر الاستيطانية الاخرى في سفح الجبل. انهم لا يحتاجون في البلدات الجماعية الى موافقة وزير الدفاع، فقد خُصصت الارض منذ زمن ولواء الاستيطان التابع للهستدروت الصهيونية مسؤول عن البناء.

ان البلدات الصغيرة التي تحتل كل موقع في الجبل تكلف الدولة مالا وبنى تحتية ووسائل أمنية وحراسة. كان يجب على حكومة يمينية مستقيمة ان تصوغ سياسة تناسب تصورها العام تقول ان البناء في المستوطنات الكبيرة مباح أما البناء في الصغيرة فغير مباح. ولكن لا حاجة الى ذلك، فقد ماتت اوسلو وماتت خطبة بار ايلان، وأصبح العالم كله يعلم. ويمكن الآن الكف عن الغمز والبدء في الاستثمار في ما هو صحيح.

من المؤكد ان القاريء يتذكر الدراما حول بيوت الاولبانه في بيت إيل التي انتهت بالتزام الحكومة ان تعيد نشر البيوت التي أُخليت وأن تبني مقابل كل واحد منها عشرة بيوت في الجانب الثاني من المستوطنة. وتم البناء بالطبع على حساب الدولة. وكذلك الحال ايضا في ميغرون، فقد بُنيت المستوطنة الجديدة بانفاق عشرات ملايين الشواقل، وبدل ميغرون واحدة أصبحت توجد الآن اثنتان.

يسكن في ميغرون مستوطنون يبحثون عن القانون (لم يكن استيلاؤهم على الارض قانونيا، لكنهم يحاولون منذ ذلك الحين ان يكونوا على ما يرام). حينما زعمت النيابة العامة في المحكمة العليا أنهم على ارض ليست لهم اختصوا بأعمال الاراضي. وبعد ان جندوا المال اشتروا ما يُسمى "مشاعا"، أي الشراكة في قسيمة ارض ومهدوا لما يُسمى "متروكة" – وهي طريق تؤدي الى قسيمة اشتُريت من غير اجتياز بقسائم خاصة. وليست المتروكة طريقا حقيقيا وليس المُشاع كذلك ايضا، لكن حينما يكون كل شيء لعبة وكل شيء يتم بالغمز فلماذا لا نفعل ذلك، يسأل مستوطنو ميغرون.

تحتاج المحكمة العليا الآن الى البت في أنه هل تستطيع الـ 17 عائلة في ميغرون المشاركة في الغمز العام أو ينفُذُ الحكم فيها.