خبر صَدَقَ ليبرمان- هآرتس

الساعة 08:00 ص|26 أغسطس 2012

بقلم: جدعون ليفي

        (المضمون: تُظهر رسالة ليبرمان التي دعا فيها الى تبديل السلطة الفلسطينية مبلغ بؤس وسخافة الحكومة الاسرائيلية الحالية - المصدر).

        يصعب ان نفهم التطور الآلي لتصريح وزير الخارجية افيغدور ليبرمان الدوري. فقبل ان يجف الحبر عن رسالته الى وزراء الخارجية ذوي الشأن في العالم، أُلقيت التنديدات من غير ان يُجهد أحد نفسه في تناول مضمون رسالته والحقائق الصائبة التي تظهر فيها.

        أحسن ليبرمان تشخيص سلطة هي عائق للسلام، وحكومة فاسدة؛ ودعا الى تبديلهما بانتخابات. فما هو غير الصحيح هنا؟ وما هو السيء في ذلك؟ في الشرق الاوسط سلطة هي العقبة (بأل التعريف) أمام السلام، ووزير الخارجية الاسرائيلي الباحث عن السلام كان على حق حينما دعا الى تبديلها. فهذه السلطة تفعل كل ما أمكن لمنع كل تقدم والتشويش على كل احتمال واضعاف كل اقتراح أو شريك ممكن. وهي تثير حروبا اقليمية لا حاجة اليها مرة في كل بضع سنين.

        وكان ليبرمان على حق ايضا في تشخيصه الحساس الذي يقول ان هذه السلطة مصابة بالفساد. فبعد ان حوكم رئيس الوزراء السابق بطائفة من القضايا الجنائية، وأصبح رئيس الدولة مطروحا في الحبس ومثله ايضا وزير المالية مع آخرين من الوزراء والمنتخبين الآخرين، وقد عُلق تحقيق جنائي مع وزير الخارجية المتولي عمله وهو معقد وطويل – يمكن ان نُعرف هذا النظام بأنه "مصاب بالفساد" على الأقل. هذا الى كون الحديث عن سلطة ليست سلطة، بل هي جنون اجهزة حقيقي: ففي تلك السلطة التي قصدها نتنياهو كما يبدو يفعل كل واحد ما يحلو له. انها فوضى. فوزير الخارجية يكتب رسالة رسمية، يتحفظ منها رئيس الحكومة في الغد ويقول ان الرسالة لا تعبر عن رأيه، ويقول وزير الدفاع ان الرسالة تضر بمصلحة الدولة القومية. ولا توجد أية دولة تستطيع ان تنظر الى هذه الحكومة بجدية، ومن المؤكد انه لا يمكن انشاء سلام معها. فليس عجبا ان ساءت سمعتها في العالم. وباختصار يجب اسقاط هذه السلطة التي هي عقبة أمام السلام وفاسدة ولا تنسيق فيها، وكلما كان ذلك أبكر كان أفضل؛ كان ليبرمان على حق.

        أُضيفت الآن الى ذُرى الوقاحة الاسرائيلية وهي قائمة طويلة مليئة بالذُرى، أُضيفت رسالة ليبرمان الفاضحة التي تدعو الى تبديل محمود عباس. ان السياسي الفلسطيني الأكثر اعتدالا في جميع الأزمان – لم يوجد ولن يوجد بعد معتدل ومؤيد لعدم العنف مثله – ليس جيدا لاسرائيل ليبرمان. وقد أُضيف الآن الى ثرثرة قصف ايران ومن جملة ما يدعو اليه تبديل نظامها ايضا، هذه السخافة الفظة، وهي تبدو أصغر قليلا مما سبقها كله. بعد ان زعمت اسرائيل طوال سنين ان ياسر عرفات هو العقبة وبعد ان صعدت حماس وأصبحت هي ايضا عقبة، استقر رأي وزير الخارجية على ان يُضيف عباس ايضا الى قائمة مرفوضي السلام عنده. وبعد ان زعمت اسرائيل طوال سنين أنه اذا كف الفلسطينيون فقط عن الارهاب فسيكون سلام وكف الفلسطينيون عن الارهاب – لم يحدث شيء حتى ولا تجميد المحلل اللامع ليبرمان، ويزعم عدد من معارضيه ايضا انه لا يفوقه في هذا الشأن أحد، وهو لا يُجهد نفسه بالطبع في تفصيل من يتولى الحكم بدل عباس الذي رُفض في لجنة الانتخابات الاسرائيلية. من الذي فكر فيه بالضبط حينما دعا الى اسقاطه؟ هل انستاسيا ميخائيلي؟ أو ربما دافيد روتام؟ يبدو انه قصد الى ذلك حينما كتب انه "حان الوقت لوزن حل خلاق والتفكير من خارج الصندوق، لتقوية القيادة الفلسطينية". وتحدث ليبرمان عن انه استقر رأيه على كتابة رسالته لأنه شعر بأن "رسائله في الشأن الفلسطيني لا تُنقل بصورة جيدة". ونُقلت رسائله الآن بصورة رائعة: فقد أصبح لاسرائيل وزير خارجية متحرش يستمتع بين الفينة والاخرى برمي الحجارة واثارة ضجيج وجذب الانتباه، الى ان يغرق مرة اخرى في مشاغله الغامضة ويختفي في هاوية النسيان.

        لكن ليبرمان ليس هو الشأن بالطبع، فلا أحد في العالم، ربما اذا استثنينا روسيا البيضاء، ينظر اليه بجدية. ولا يصعب ان نُخمن ما الذي فعله من وُجهت الرسالة اليهم بعد ان قرأوها، وقد أخذ تأثير ليبرمان في الداخل يقل ايضا – فمن اجل عدم صنع السلام يوجد عندنا بنيامين نتنياهو. ومع كل ذلك نحتاج الى ليبرمان، فمن مثله سيعطينا مثل هذه السخافات، كرسالته السخيفة وفيها ادراكات لكل التهديدات الجدية.