خبر عسكرى: إلغاء اتفاقية السلام سيدمر الاقتصاد المصري

الساعة 03:19 م|24 أغسطس 2012

فلسطين اليوم

قال رون بن يشاى المحلل العسكرى الإسرائيلى بصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، إن الدبابات المصرية فى سيناء لا تقلق إسرائيل بقدر ما تقلقها العلاقات الدبلوماسية شبه المعدومة مع القاهرة، وبقدر ما يقلقها أيضا نجاح الرئيس المصرى محمد مرسى فى تقليص التنسيق الأمنى بين مصر وإسرائيل إلى الحد الأدنى.
وزعم بن يشاى أن القادة العسكريون الجدد فى مصر يدركون جيدا أن إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل قد يؤدى تصعيد يدمر الاقتصاد المصرى تماما، وربما ينتهى بهزيمة عسكرية للقاهرة.
وأضاف المحلل الإسرائيلى أنه لهذا السبب يقوم مرسى الذى يسابق الزمن لنيل قوة سياسية على حساب قوة الجيش بإحداث تآكل تدريجى فى اتفاقية السلام، موضحاً أنه يقوم بذلك بحذر وبخطوات صغيرة ومحسوبة.
وأشار بن يشاى إلى أن جماعة "الإخوان المسلمين" يتصرفون منذ بدء الثورة العام الماضى بحذر وبطريقة محسوبة جدا، وعندما يشعرون أنه بإمكانهم أكل قطعة كبيرة من الكعكة السياسية أو العسكرية فهم يعملون بتصميم وبدون تردد، خلافا لتصريحاتهم السابقة، وهذا ما يحصل على ما يبدو بشأن اتفاقية السلام مع إسرائيل.
وفيما يتعلق بعدد الدبابات التى أدخلها الجيش المصرى مؤخراً إلى المنطقة المنزوعة السلاح "ج" فى شمال سيناء، وفقا للملحق العسكرى المرفق باتفاقية السلام الموقعة بين البلدين قال بن يشاى إنه صغير جدا، ولا يشكل أى تهديد على إسرائيل، مشيرا إلى أن الأخيرة وافقت فى العام الماضى على أن تقوم مصر بإدخال مركبات مدرعة إلى المنطقة بهدف "الحرب على الأنفاق والتهريب والمجموعات الإرهابية الناشطة فى سيناء.
وأشار المحلل الإسرائيلى إلى أن عدد المدرعات والدبابات والمروحيات التى أدخلتها مصر إلى المنطقة التى حدد فيها حجم القوات فى سيناء بهدف "مكافحة الإرهاب" لا يزيد عما اتفق عليه، لافتا إلى أن التنسيق الأمنى بين ممثلى الجيشين الإسرائيلى والمصرى على المستوى الميدانى لا يزال قائما، وكذلك الحوار بين كبار المسئولين فى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وبين كبار المسئولين فى أجهزة الاستخبارات المصرية.
وأضاف بن يشاى أن ما يقلق متخذى القرار فى إسرائيل ليس ما يحصل فى سيناء على الأرض، وإنما ما يحصل بين القاهرة وتل أبيب، أى محاولة الرئيس المصرى الجديد تقليص التنسيق والحوار الأمنى مع إسرائيل، وأن ذلك على ما يبدو بهدف إحداث تآكل فعال فى اتفاقية السلام بين البلدين، وجعله مجرد حبر على ورق.
وقال بن يشاى، إن كتيبة دبابات واحدة زيادة أو أقل فى شمال سيناء لا تغير من ميزان القوى على الحدود بين مصر وإسرائيل، ولكن إدخالها إلى المنطقة "ج" الحدودية بدون أى تنسيق مسبق مع إسرائيل، وبدون الحصول على مصادقتها، يشير إلى توجه النظام الجديد إلى إرغام إسرائيل على ابتلاع خطوات من جانب واحد.
ولفت المحلل الإسرائيلى إلى قيام مصر قبل عدة شهور بإلغاء اتفاقية الغاز من جانب واحد، والآن قضية الدبابات، على حد تعبيره.
وأضاف بن يشاى أنه فى السنوات الـ 33 التى مرت منذ التوقيع على اتفاقية السلام حصلت خروقات من هذا النوع، وربما أخطر، ولكن فى كل الحالات كان يكفى تقديم شكوى سرية من إسرائيل إلى قيادة القوات الدولية فى سيناء وإلى وزارة الخارجية الأمريكية، من أجل إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه.
وأوضح المحلل الإسرائيلى أنه كان من الواضح أنه يوجد للنظام المصرى مصلحة اقتصادية وأمنية وسياسية وإستراتيجية فى الحفاظ على الاتفاق، وعلى دعم الولايات المتحدة النابع من ذلك، بالرغم من حقيقة أن كثيرين من كبار المسئولين فى النظام، مثل نسبة كبيرة من المثقفين والشعب المصرى كانوا ولا يزالون معادين شعوريا ودينيا لإسرائيل.
وأضاف بن يشاى أن هذين الاتجاهين المتصادمين أديا إلى "سلام بارد ولكن مستقر" بين البلدين، موضحاً أن صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة فى مصر زعزع هذه المعادلة بشكل خطير، بما يهدد اتفاقية السلام.
وقال المحلل الإسرائيلى: "إن من يريد أن يفهم بتعمق ماذا يفكر الرئيس المصرى مرسى بشأن إسرائيل عليه أن يدرس ميثاق حركة حماس، إلا أن الرئيس المصرى يدرك أنه الآن بحاجة إلى واشنطن، والتى هى الضامن الرسمى والقانونى لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، وأنه رغم عملية التطهير التى أجراها فى المجلس العسكرى الأعلى، إلا أنه لا يزال غير حر تماماً فى العمل خلافا لرغبة الجنرالات المصريين.
وقال المحلل العسكرى بيديعوت إنه على إسرائيل أن تعمل فورا وبحزم من أجل وقف هذا التوجه فى بدايته، حيث إن تجاهله ليس خياراً مطروحاً، لأن التجربة مع مصر تدل على أن ما يبدو صغيرا وهامشيا فى بدايته يتضخم بمقاييس كبيرة وخطيرة لاحقا.
وأضاف بن يشاى أنه لإسرائيل يوجد تجربة مع "الخروقات المصرية" للاتفاقيات الأمنية مع إسرائيل، وكان أبرزها "إغلاق مضيق تيران"، وإدخال الجيش المصرى إلى سيناء عام 1967 الذى أدى إلى حرب 67، ونقل صواريخ أرض – جو إلى ضفة قناة السويس عام 1970، وهو ما تسبب بخسائر ومصاعب كبيرة لإسرائيل فى حرب أكتوبر عام 1973.
وأضاف بن يشاى أنه مع ذلك فيجب على إسرائيل ألا تتسرع، وأن يكون التصميم الإسرائيلى معبراً عنه من خلال الطرق والمستويات الدبلوماسية، وأن واشنطن هى العنوان الأساسى، لكونها الضامن الرسمى لاتفاق السلام، كما أنه يوجد للإدارة الأمريكية أدوات مهمة للضغط على المؤسسة العسكرية وعلى الاقتصاد المصرى، علاوة على أنه من الجائز الافتراض أن مرسى قد التزم كرئيس لكبار المسئولين الأمريكيين الذين التقوا معه وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون ووزير الدفاع ليون بانيتا باحترام اتفاقية السلام مع إسرائيل.
وقال بن يشاى: "حتى يكون الضغط فعالاً ويصل إلى اعتراف المجتمع الدولى، على إسرائيل أن تعمل على إثارة الرأى العام الشعبى والرسمى فى الاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة لخروقات المصرية الزاحفة"، على حد تعبيره.
وأشار المحلل الإسرائيلى إلى أنه يجب تذكر أن الحملة ضد البرنامج النووى الإيرانى تقف على رأس سلم أولويات إسرائيل الآن، وبالنتيجة يمكن الاعتقاد أن منازلة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه إيهود باراك للرئيس الأمريكى باراك أوباما حيال إيران لا تخلق الحافزية لدى الرئيس الأمريكى للعمل فى الشأن المصرى، وبالنتيجة يجب توخى الحذر فى كل خطوة أو تصريح قد يؤدى إلى تدهور فى الساحة الجنوبية، بينما قد يطلب من الجيش الإسرائيلى قريبا العمل على الجبهة الشمالية.
وأنهى بن يشاى تحليله قائلا: "إن إسرائيل لا تستطيع العمل بحرية، وأنه على متخذى القرارات العمل بدبلوماسية هادئة ومكثفة فى كل القنوات المتوفرة من أجل تحقيق هدف استراتيجى واحد وهو تطوير والحفاظ على الحوار والتنسيق المباشر فى المستويات السياسية والعسكرية العليا بين إسرائيل ومصر وعندها سيكون اتفاق السلام أقل هشاشة مما هو عليه الآن".