خبر ارض الامكانات المحدودة .. يديعوت

الساعة 12:05 م|17 أغسطس 2012

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: بدأت تهديدات نتنياهو وباراك بحرب ايران كما يقول مسؤول اسرائيلي سابق على أنها تلاعب اعلامي وحرب نفسية لكن الامر خرج عن السيطرة الآن ولا يعلم أحد لا في واشنطن ولا في طهران ولا في اسرائيل الى أين تتجه الامور - المصدر).

        ان ربيع 2013 هو موعد الهجوم على ايران الذي يتحدثون عنه في ادارة اوباما. الى ذلك الحين ستستنفد الجهود الدبلوماسية نفسها وستفهم الشريكات في حلف شمال الاطلسي أنه لا مفر. وسيقف الرأي العام في الولايات المتحدة من وراء قرار لرئيس فائز متحرر من تقديرات الانتخابات.

        يجب ان يوجد شرطان كي يتم تنفيذ هذا الهجوم. الاول ان يفوز اوباما في الانتخابات والثاني ألا تهاجم اسرائيل في الخريف. لأن عملية اسرائيلية الآن ستحرق أوراق اللعب. ستقدم امريكا الى اسرائيل مساعدة طواريء لكنها لا تلتزم ان تنظف بعدها.

        هذه باختصار هي الرسائل التي تأتي من واشنطن. وهي تقديرات لا وعود: فالرئيس الامريكي لن يُسلم حرية عمله العملياتية الى يد حكومة اجنبية. وقد تتغير الظروف وقد تفاجيء النفوس العاملة.

        لكن القصد موجود. والسؤال الى أين يسعى نتنياهو. هل يتجه الى امريكا أم الى ايران. هل يحث بجدية على عملية عسكرية اسرائيلية أم انه مع شريكه اهود باراك يقومان بخطة خداع ترمي الى تثبيت التزامات الادارة الامريكية.

        ليس لأحد الآن جواب عن هذا السؤال لا في واشنطن ولا في طهران ولا في القدس ولا في حانوت حيّكم وحيّي، حيث يسأل الزبائن أين سيقضون الأعياد هذه السنة أفي الكنيس أم في الملجأ.

        كان الاستقرار هو الميزة الكبرى لولاية نتنياهو الحالية. وكان يمكن ان نحب قرارات الحكومة أو ننتقدها لكن حياة أكثر الاسرائيليين كانت جيدة جدا، فقد تمتعوا بهدوء أمني نسبي وهدوء اقتصادي واقتصاد مستقر. وليس هذا انجازا يُستخف به في دولة كاسرائيل.

        تشوش كل شيء في الاشهر الاخيرة. فقد انتقض الهدوء السياسي حينما استقر رأي نتنياهو على العمل على تقديم موعد الانتخابات. وآنذاك غير في آخر لحظة رأيه واستبدل بتقديم موعد الانتخابات ضم كديما الى الحكومة. وبدا الانضمام سيئا وبدا الانفصال سيئا. ويسلك الائتلاف اليوم سلوك سيارة أصابها حادث. فكل شيء في ظاهر الامر سليم لكن كل صوت يصادم السيارة يثير خشية انحلالها الى أجزاء.

        دخل الاقتصاد في ازمة ينبع جزء منها من الركود العالمي، وجزؤها الآخر من تأخر رد الحكومة الفاضح وجزؤها الثالث من قرارات في مجال الامن. وأصبح الثمن الاقتصادي لحرب مع ايران ملاحظا الآن في هرب المال من البلاد وارتفاع سعر الدولار وتضخم ميزانية الامن.

        يقول وزراء في الحكومة انه اذا قُضي علينا بالعيش في ازمة فيُفضل ان تكون الازمة أمنية لا اقتصادية، فالليكود يخسر في الازمات الاقتصادية لكنه يكسب في الازمات الامنية. أرسل إلي قاريء مجتهد من رمات هشارون عمودا صحفيا نشره في تموز الماضي الصحفي يوسي فيرتر في صحيفة "هآرتس". ونشر العمود الصحفي في ذروة الاحتجاج الاجتماعي. وهو يأتي بكلام قاله الوزير جدعون ساعر في جلسة كتلة الليكود في الكنيست، ويُكثر فيرتر الاقتباس من كلام ساعر في أعمدته الصحفية. ولا شك في أنه دقق حتى آخر فاصلة.

        "في العشرين سنة الاخيرة (قال جدعون ساعر)، وفي كل مرة دارت فيها معركة الانتخابات على موضوع اقتصادي اجتماعي، خسر الليكود. وفي كل مرة كان الموضوع فيها سياسيا أمنيا، فاز الليكود. كان الشعار في انتخابات 1992 ضقنا بكم ذرعا أيها الفاسدون (وخسرنا)؛ وفي 1999 دارت الانتخابات حول تلك العجوز في الرواق (وخسرنا)؛ وفي 2006 جاء عمير بيرتس مع موضوع المتقاعدين. دفعنا الثمن عن الأحكام الاقتصادية... وفي مقابل ذلك دارت الانتخابات في 1996 في ظل اتفاقات اوسلو والعمليات الانتحارية (وفزنا). وفي 2001 و2003 جاءت على أثر الانتفاضة (وفزنا). وفي 2009 توجهنا الى الانتخابات وقد سبقها فشل الانفصال وارهاب الصواريخ في الشمال والجنوب (وفزنا)... وأصغى نتنياهو الى ساعر اصغاءا شديدا".

        معضلة السجين والمتلاعب

        كان اللواء (احتياط) أوري ساغي رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية بين 1991 و1995. وكان في خلال حرب الخليج الاولى في تماس مع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية التارك عمله امنون لبكين شاحك. "كان ذلك موقع مراقبة مثاليا"، قال لي هذا الاسبوع. "شاركت في كل شيء ولم أكن مسؤولا عن أي شيء".

        كان اهود باراك نائب رئيس هيئة الاركان. وحينما أطلق صدام حسين صواريخ سكاد على اسرائيل اقترح ان تُرسل قوة من الجيش الاسرائيلي الى العراق لتضرب قواعد الاطلاق. وكانت الخطة براقة. "جر باراك معه افياهو بن – نون الذي كان قائد سلاح الجو"، يقول ساغي. "كان الآخرون جميعا معارضين وكان رئيس الوزراء شمير ورئيس هيئة الاركان دان شومرون مصممين تماما على معارضتهما. ولم يشعر شومرون بالاهانة حينما سمع ان اهود يروج لاقتراحه من وراء ظهره".

        عرف شمير طول حياته كيف يُفرق بين الغث والسمين. فكان شديد التمسك بما رآه سمينا وأبطل ما رآه غثا. وقد علم ان عملية اسرائيلية في العراق حتى لو نجحت، لن تُبعد صواريخ سكاد لكنها قد تنقض الحلف الذي بناه الامريكيون على صدام وتُجند من ورائه الشارع العربي وتشوش على أهداف الحرب. لكن المؤيدين سألوا ماذا عن قدرة الردع، وأبطل شمير ذلك مستخفا به.

        طلب باراك السفر الى الولايات المتحدة ليعرض خطته على الامريكيين. وتحدث بعد سنين ان البريطانيين أرسلوا بعد سفره وحدة صاعقة الى المنطقة التي عملت منها قواعد الاطلاق. وهم لم يُفشلوها لكنهم تحمسوا للخطة وشكروا باراك على هذه الفرصة.

        قال ساغي: "تخيل نائب رئيس اركان يسافر الى امريكا في ذروة حرب. لن يأسف أحد لأنه سافر".

        سألته: هل تعتقد ان باراك كان يقصد الى ذلك حقا؟.

        "أراد ان يُظهر نفسه بمظهر أبو جلدة"، قال ساغي. "وكما كانت الحال فيما يسمونه تسالم ب (تقول مصادر اجنبية ان باراك اقترح عملية ذات مرحلتين تغتال اسرائيل في خلالها والد صدام حسين وتغتال صدام نفسه في جنازته. وانتهت الاعدادات الى كارثة). ترك رابين باراك يتسلى. وما كان ليوافق له على العملية أبدا.

        "في اثناء عملية تصفية الحساب في لبنان في صيف 1993، أراد ان يهاجم القوات السورية في داخل بيروت. وكان ذلك جنونا. وتوجد أمثلة اخرى".

        قلت: انه شخص خلاق. وشخص مفكر. ولا يوجد كثيرون مثله في القيادة الاسرائيلية العليا. لم يوافق ساغي الذي عينه باراك منسقا للتفاوض مع السوريين، وهو تفاوض يتهم باراك بافشاله، لم يوافق على التخفيف عنه. "قال شخص ما عنه، ولا أذكر من بالضبط، ان له ذهنا تحليليا براقا لاحوال مضت"، قال جازما. "ان هذا الشخص شديد التعوج".

        سألته: ماذا تعتقد في عملية في ايران.

        قال: "أنا قلق جدا. بدأ ذلك باعتباره حربا نفسية، وانتقل الى التلاعب الاعلامي وخرج عن السيطرة الآن. ظننت في البدء أنها حيلة. واستقر رأيي على أن أحكم على نفسي بالصمت. وما زلت أعتقد انه لن يحدث شيء في نهاية الامر لكنني لم أعد على يقين من ذلك.

        "لا أعرف نتنياهو شخصيا. ولا أعرف كيف يسلك مع القرارات الصعبة. أما الآخر فيقلقني لأنني أعرفه. فالاول أسير معضلة السجين. والثاني متلاعب. وهذا وضع خطير جدا".

        ليس حميما

        يجري الآن من وراء ستار صراع في مسألة في أي حلقة يُبت أمر عملية عسكرية اذا بُت، ومن يتحدث الى الوزراء باسم جهاز الامن. سيفضل نتنياهو كما يبدو جلسة الحكومة العامة، والجلسة العامة هي حلقة مفتوحة في واقع الامر. ولن تُسمع أسرار هناك. وستؤيد الأكثرية رئيس الوزراء لأنه رئيس الوزراء، فهكذا كانت الحال دائما وهكذا ستكون.

        لا يستطيع نتنياهو كما يبدو ان يمنع رئيس هيئة الاركان من إسماع تقديراته. وسيريد المعارضون كما يتم التقدير استدعاء رئيس الموساد ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، ورئيس شعبة الصناعة وقائد سلاح الجو، وسيحاول نتنياهو إبعادهم. فهو وباراك يقومان في هذه الاثناء بحملة دعائية لاقصاء الجنرالات. ودعواهما الأساسية صعبة جدا، فهما يزعمان ان هؤلاء الاشخاص يفضلون، على علم أو بغير علم، حياتهم المهنية الشخصية على المصلحة الوطنية. ويقول باراك ان كل حرب قامت بها اسرائيل في السنين الاخيرة انتهت الى لجنة تحقيق والى تبديلات في هيئة القيادة العامة. والدرس الذي تعلمه الجنرالات هو ان الحرب تقضي على الحياة المهنية ولهذا سيعارضون كل حرب مدبر لها. ويقول نتنياهو فيهم انهم يغطون المؤخرات وهو يحتقر ألواح العرض التي يُعدونها له.

        والاستنتاج الملح هو ان ايران لا تحتاج للدخول الى منطقة الحصانة الى تطوير سلاح غير تقليدي، فعندها سلاح كهذا وهو لجان التحقيق في اسرائيل. ان خوف الجنرالات من عقاب اللجان يثبط مسبقا كل حرب مدبر لها. ويقرِن باراك بهذا الشأن هيئة القيادة العامة الحالية برئاسة غانتس، مع هيئة القيادة العامة السابقة برئاسة اشكنازي. وهو لم ينجح في اقناعهما.

        يخطو أنصار حمقى لنتنياهو خطوة اخرى الى الأمام ويعرضون المعارضون على أنهم خونة. وليس عند المعارضين ما يكفي من الاخلاص للوطن ولفهم عظمة هذا الفعل. فلو أنهم عاشوا في كازينو في لاس فيغاس لفهموا ما هو حب الوطن.

        ان الجدل الحقيقي أقل شحنا. وهو لا يجري بين اليسار واليمين وبين كارهي الحروب ومُحبيها، بل بين معسكرين لا يريدان ان تكون ايران ذرية. وهو في جوهره جدل في الكلفة بازاء الجدوى. يقول نتنياهو وباراك ان سنة ونصفا الى سنتين من التأخير يُسوغان العملية. ويقول المستوى المختص ان الضرر يفوق العوض كثيرا. وأخطر من ذلك ان عملية عسكرية اسرائيلية لن تمنع القنبلة الذرية الايرانية بل ستُعجل بها.

        يحسن ان نذكر في هذا الشأن حقيقة من الماضي، وقد ذكرها اللواء (احتياط) اسحق بن – اسرائيل هذا الاسبوع في مقالة في "يديعوت احرونوت". كان قصف المفاعل الذري العراقي في 1981 فخم الشأن لكنه لم يوقف المشروع الذري العراقي بل بالعكس عجله. وكان الغزو الامريكي للعراق في 1991 هو الذي أوقف المشروع الذري العراقي. كان قصف المفاعل الذري جيدا للردع وجيدا للروح المعنوية وجيدا للانتخابات، لكنه لم يُزل التهديد الذري.

        ان معضلة المستوى المختص والوزراء المعارضين غير سهلة. فهم يؤيدون الاشتراك في حيلة ترمي الى التأثير في الامريكيين وسيُبارك كل التزام آخر من واشنطن. لكنهم في مشكلة صعبة اذا كانوا مشتركين في عملية حقيقية وفي الحرب التي ستكون. وتوجد اشارات الى هنا واشارات الى هناك. ولا تساعد الاهانات التي يقذفهم بها باراك ونتنياهو.

        يُثار سؤال الردع كما كانت الحال في 1991 بازاء صدام حسين، وبازاء ايران الآن. حينما يذكر نتنياهو المحرقة يقول للايرانيين: يجب ألا تخيفكم ديمونة. فقد كانت ديمونة موجودة ولم تعد موجودة. وحينما يتحدث باراك عن نافذة الفرص التي ستُغلق في غضون وقت قصير يقول فشلت قوتنا وليس لاسرائيل قدرة على الردع.

        "لا ينظرون الآن في ايران ايضا الى التهديدات الاسرائيلية بجدية"، قال الدكتور كولين كوهل، وهو مستشار سياسي في البيت الابيض بحسب تقرير صحفي لـ اورلي ازولاي أمس. فالتصريحات الاسرائيلية اضطرت وزير الدفاع بانيتا ورئيس هيئة الاركان العامة دامبسي الى الكشف عن ضعف اسرائيل، فقالا انها تريد ان تقضي على المشروع الذري الايراني لكنها لا تستطيع. وقد تحدثا في غضب مكبوت وحرق للأنياب. وليسا يقصدان ألبتة مساعدة ايران.

        يملك رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي يريد اقناع رئيس الولايات المتحدة بجدية نوايا اسرائيل امكانين. الاول ان يزور البيت الابيض وان يقول: أريد ان أُحدثك وحدنا. ويقول الرئيس تفضل. ويقول رئيس الوزراء ليس هنا. فالرئيس يعلم ان الاسرائيليين عندهم شك في وجود وسائل تنصت في داخل الغرفة البيضوية. وهم يفترضون ان الرئيس لا يريد ان يعلم آخرون ما يعلمه هو. ويقول الرئيس: أقترح ان نصعد الى الطابق الثاني حيث السكن، الى الغرفة الصفراء، ويصعدان. ويعرض رئيس الوزراء على الرئيس المعضلة الاسرائيلية بكامل ثقلها. ويسأل الرئيس: هل أنت على يقين من أنكم ستعملون بعد الانتخابات. ويقول الرئيس: اجل على قدْر قدرتي على التيقن، فمجال قراري محدود. ويسأل الرئيس: وماذا عنكم؟. ويقول رئيس الوزراء: هذا هو مجال عملنا. ويضيف: لن أُضللك أبدا وأنا أعني كل كلمة.

        هذه واحدة من الطرق. وهي تقتضي علاقة حميمية وثقة متبادلة. ولا توجد هذه الحميمية وهذه الثقة بين اوباما ونتنياهو، والذنب مقسوم بينهما جميعا.

        وتوجد طريقة ثانية وهي انفاق موارد دولة اسرائيل وأعصاب مواطنيها على مشروع شك حقيقي، شك مزيف، يرمي قبل كل شيء الى التأثير في الشخص في الغرفة البيضوية باحتضان خصم هذا الشخص في انتخابات الرئاسة. وان يُطلب آنذاك، وفقط آنذاك، ذلك اللقاء في البيت الابيض.

        حكاية مائدة

        كان ذلك واحدا من المراسم العجيبة في تاريخ حكومات اسرائيل: فقد ترك وزير حماية الجبهة الداخلية متان فلنائي الحكومة باحتفال، وهو يشخص في مهمة دبلوماسية الى بجين البعيدة. يباركه رئيس الوزراء ويعلن في تلك الفرصة ان الهجوم على ايران يُسوغ كل كلفة وكل ضرر. فماذا يستطيع الاسرائيليون ان يفهموا من هذه الحادثة؟ اذا كانت توجد حرب فكيف يُعفى من عمله وزير حماية الجبهة الداخلية، واذا كانت لا توجد حرب فلماذا يعلن رئيس الوزراء أنها ستوجد.

        كشفت حرب لبنان الثانية للاسرائيليين عن أن جبهتهم الداخلية مكشوفة. وفي السنين الست التي مضت منذ ذلك الحين بذل فلنائي الذي كان نائب وزير ثم أصبح وزيرا، جهودا كبيرة لتحسين الاستعداد ولم تكن له سلطات ولا كانت له ميزانية. وهناك حد لما يمكن فعله حينما لا تُزود إلا بالنوايا الخيرة.

        لو ان الوزير الجديد لحماية الجبهة الداخلية، آفي ديختر، استمع لنصيحتي لعرض شرطا واحدا فقط قبل الانضمام الى الحكومة وهو ان يصبح اسم وزارته التي لا يملكها منذ الآن وزارة الدعاية للجبهة الداخلية، وهذا سيُسهل عليه جدا. وحدثني افيعاد فريدمان الذي كان أمين سر لجنة بلاسنر انه اجتمع بلاسنر والوزير اتياس من شاس وهو في لقاء ليلي على مائدة خشبية قرب محطة الوقود في اللطرون  أنهى فشله احتمال وجود قانون تجنيد جديد وأفضى الى ترك كديما للائتلاف. ان السياسة الاسرائيلية هي على نحو عام عمل في مقعد، وقد أصبحت، وهذا عجب من العجب، عملا على مائدة.

        ان مقدم الشرطة زئيف ايفن حن الذي ثكل ابنته توباز في حريق الكرمل، ينفق منذ ذلك الحين جزءا كبيرا من وقته على النضال من اجل تحسين خدمات الطواريء ولا سيما خدمات الاطفاء. وتدل الارقام التي جمعها على الفرق بين الكلام العالي على حماية الجبهة الداخلية والواقع. ويقول: "منذ كان الحريق جُند في الحاصل العام 300 اطفائي آخر لم ينته اعدادهم. يوجد في جهاز الاطفاء 2300 وظيفة منها 500 لناس يعملون في مقر العمل. ويُحتاج الى 5 آلاف. وتوجد ميزانية لـ 500 سيارة اطفاء لكن يوجد في الواقع 420، ثلثها عمره 20 سنة. يوجد في قبرص اطفائي واحد لكل 800 نسمة وفي اسرائيل اطفائي واحد لكل 5 آلاف.

        "يجب ان يكون جزء من التقديرات في قرار الحرب هو استعداد الجبهة الداخلية. والجبهة الداخلية غير مستعدة للحرب".

        كرة ثلج

        كتب ايفن حن وصهره عميت كلاين قبل أكثر من شهر رسالة الى المستشار القانوني للحكومة طلبا اليه فيها ان يفحص كيف مول الوزيران يشاي وشتاينيتس نضالهما لتقرير مراقب الدولة عن الحريق. وقد استأجر يشاي خدمة المحامين جدعون فيشر والياهو فينوغارد ويعقوب فيروبسكي. واستأجر شتاينيتس خدمة المحاميين تسفي اغمون واريئيل بن دور. واستخدم الاثنان وزارتيهما للعلاقات العامة ايضا.

        لم يرد المستشار الى اليوم سوى بتصديق تلقي الرسالة. ويبين استيضاح قمت به في وزارة العدل ان شتاينيتس قدم طلبه وكان المبلغ 60 ألف شيكل. وتتحدث القواعد عن مبالغ أصغر لكنها تُمكّن شذوذا عنها. وليس الطلب شاذا. ويوشك ايلي يشاي ان يقدم طلبه، وقد أراد كما يبدو ان يقدم مبلغا كبيرا لكنه فضل في نهاية الامر ان يطلب مبلغا مساويا.

        ستبحث لجنة عامة برئاسة المدير العام لوزارة العدل، غاي روتكوف، الطلبين. وفي اللجنة ممثل للجمهور – هو المحامي ريناتو ياراك – وطائفة من موظفي الدولة. وستضطر اللجنة الى ان تقرر هل حكم مراقب الدولة بأن الوزيرين ملزمان بمسؤولية خاصة، يسلبهما مساعدة الدولة، وهذا ما يطلبه ايفن حن وكلاين.

        ان القرار في هذا الشأن سيكون سابقة مثيرة. فعلى حسب قرار الحكومة يحق لكل سياسي أو موظف في جهاز الدولة يحتاج الى الرد على مراقب الدولة ان يطلب ان تُعاد اليه نفقات من الدولة. ويستطيع آلاف الموظفين الذين يتلقون في كل مرة رسالة من مراقب الدولة ان يستأجروا محامين ويطلبوا اعادة، وهذا غريب جدا. هذا الى ان الشخص الذي يضبطه المراقب وهو يسرق مثلا، لن يحصل على اعادة نفقاته باعتباره جانيا لكنه سيحصل على اعادة نفقات بسبب المراقب. استقر رأي المراقب السابق ميخا لندنشتراوس على تسمية المراقَبين بأسمائهم. ومنذ ذلك الحين تتدحرج كرة الثلج هذه أكثر فأكثر – فهناك محامون ومساءلات واستئنافات الى المحكمة العليا ومطالب مالية من الدولة. ألم نُجرّ؟.