خبر صفعة أميركية لثرثرة نتنياهو وباراك : إسرائيل وحدها لا يمكنها مهاجمة إيران

الساعة 07:56 ص|17 أغسطس 2012

السفير اللبنانية

بدأت الإدارة الأميركية، على ما يبدو، هجومها المضاد على الحكومة الإسرائيلية التي تحاول جرها إلى توجيه ضربة عسكرية لإيران في غير الوقت المقبول أميركيا، عبر تصعيد التهديدات بشن هجوم إسرائيلي منفرد.
وأعلن رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي، بما يشبه تنفيس البالون الإسرائيلي، أنه ليس في وسع الدولة العبرية وحدها تدمير المشروع النووي الإيراني. وفي ما يشبه الرد الإسرائيلي السريع على ذلك، أعلن السفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل أرون أنه إذا عرقلت الضربة الإسرائيلية مشروع إيران لعام واحد فهذا بحد ذاته كاف.
وأعلن ديمبسي، في مؤتمر صحافي مشترك حضره وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، أن إسرائيل لا تملك القدرات العسكرية الكافية لتدمير المشروع النووي الإيراني. وأوضح «ما أقوله يستند إلى ما أعرفه عن قدرتهم، ويحتمل ألا أكون على علم بكل قدراتهم». وأضاف «أعتقد أنه من النزيه القول ان في وسعهم تأخير البرنامج النووي لإيران، وليس تدميره».
من جانبه، أوضح بانيتا أنه برغم أن إسرائيل دولة سيادية تتخذ قراراتها وفق مصالحها، «لكني لا أعتقد أنهم سيتخذون قرارا بالهجوم».
والواقع أنه لا تمكن قراءة الموقف الرسمي الأميركي هذا بمعزل أيضا عن افتتاحية «نيويورك تايمز» التي وصفت تهديدات القادة الإسرائيليين بالحرب على إيران بأنها «غير مسؤولة».
وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إلى أن إطلالة ديمبسي وكلامه أشبه بتوجيه «ضربة على رأس القيادة الإسرائيلية بمطرقة بوزن عشرة أطنان». وأوضحت أن ديمبسي أخرج عمليا، دفعة واحدة «كل الهواء من الصدر المنتفخ لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك. فقد أوضح للعالم أن الرجلين قد يرغبان في الهجوم، لكنهما ببساطة لا يستطيعان. ليس وحدهما، ليس من دون المظلة الأميركية والضوء الأخضر من واشنطن».
واعتبرت «يديعوت» أن هذا الإعلان يعني أن على نتنياهو وباراك «الكف عن استعراض العضلات وقرع طبول الحرب. كانت هذه نهاية مسيرة طويلة حشرت خلالها إسرائيل الولايات المتحدة في الزاوية رويدا رويدا، إلى أن لم يعد للأميركيين مفر غير إحراجها هكذا».
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين خيبة أملهم من إسرائيل التي حاولت في الشهور الأخيرة التصرف كأنها ليست بحاجة إلى واشنطن وأنها «لا تعتمد إلا على نفسها» و«ليست بحاجة لجميل أحد». وقالت ان الأميركيين لم يعرفوا إن كانت التهديدات نوعا من استعراض مخطط للجنون بقصد الحصول على ثمن معقول، أم خطط فعلية لتحريك القاذفات والغواصات. ورأت أن باراك هو من أفلح في إخراج الأميركيين عن طورهم، حينما اقتبس ما زعم أنه معلومات أميركية جديدة تفيد بأن إيران تزداد اقترابا من امتلاك سلاح نووي. ورأى الأميركيون أن باراك لم يقل الحقيقة واستغل معلومات سرية تتداولها الدولتان.
ونقلت «يديعوت» عن مصدر في الإدارة الأميركية قوله إن «تصريح باراك كان القشة الأخيرة». وأضاف إأن «القواعد واضحة، لا يتم استخدام مادة استخباراتية، وبالتأكيد ليس لأجل التلاعب. باراك قال علنا ما كان ينبغي أن يكون سرا». لذلك قرر الأميركيون صفع إسرائيل، قبل أن يؤدي هذا إلى ارتفاع هائل في أسعار النفط، ويثير أعصاب العالم عموما. هجوم ضد إيران ليس مناسبا الآن لواشنطن، وأرسل رئيس الأركان الأميركي كي يقول لإسرائيل في وجهها ما لا ترغب في أن تفكر فيه عن نفسها: انها غير قادرة.
وقال مصدر سياسي أميركي في واشنطن، ضالع في الشأن الإيراني، «ما كان ديمبسي ليجرؤ على قول مثل هذه الأمور لولا الثرثرة التي لا تطاق من جانب نتنياهو وباراك. منذ عدة أسابيع، وفي واشنطن غضب شديد. تصريحاتهم تلحق ضررا بإسرائيل، لكن أيضا بالإدارة الأميركية التي تحاول قلب الجبال كي توقف إيران. لقد حشروا ديمبسي في الزاوية، لكنه قال الحقيقة. إسرائيل تتكلم، لكن ليس لديها قدرات».
واعتبرت «يديعوت» أن ديمبسي وبانيتا كانا يعرفان ضرر كلامهما على قدرة الردع الإسرائيلية، خصوصا على غموض قدراتها. وأضافت «الآن انكشفت بعُريها. أنتم تحتاجون الينا، بحسب الرسالة التي نقلها ديمبسي. أنتم لا تستطيعون وحدكم. أنتم تحتاجون إلى القنابل الكاسحة للخنادق التي لا يمكن أن تحملها إلا طائراتنا. أنتم تحتاجون إلى قدراتنا كي تعودوا إلى الهجوم. في واقع الأمر أنتم تتحدثون عن عملية أكبر منكم بعدة مقاييس، لذا من الأفضل الآن أن تسكتوا، إذ إن الأضرار التي تلحقونها سيتعين علينا نحن أن نصلحها».
لكن «شرف» إسرائيل المهدور هذا لا يسترد إلا بالعناد. وهكذا انبرى للرد ليس فقط السفير الإسرائيلي في واشنطن، وإنما أيضا وزير الدفاع في الكنيست. واعتبرت جهات إعلامية مختلفة أن إسرائيل والإدارة الأميركية على شفا صدام ديبلوماسي على خلفية التهديدات بالهجوم على إيران.
ورد أورن على كلام ديمبسي، في مقابلة مع وكالة «بلومبرغ»، بأن عرقلة المشروع النووي الإيراني عاما واحدا هي وقت كبير بمعايير الشرق الأوسط. وقال «سنة، سنتان، ثلاث سنوات أو أربع سنوات هي وقت كبير في الشرق الأوسط. انظروا ماذا حدث في السنة الأخيرة». وأعلن أن «الديبلوماسية لم تنجح، وقد وصلنا إلى مفترق طرق مصيري نجد حاجة فيه لاتخاذ قرارات مهمة».
وقد فهمت وكالة «بلومبرغ» من جواب أورن عن سؤال بشأن الخطر الكيميائي السوري، أن إسرائيل قد تضطر لمعالجة الخطر الكيميائي قبل الخطر النووي الإيراني. إذ قال أورن ان «الوضع في سوريا سيال جدا، وهو قابل للاشتعال جدا».
واستغل باراك مناقشة الكنيست ومصادقته على قرار تعيين آفي ديختر وزيرا لحماية الجبهة الداخلية، للرد على الأميركيين وعلى الخصوم الداخليين للحرب على إيران. وقال ان الحسم هذه الأيام ضروري جدا في كل ما يتعلق بإيران، فالمواجهة مع إيران النووية، بحسب رأيه، أخطر بما لا يقاس وأبهظ ثمنا. وقال ان «هناك مخاطر اليوم في الوضع، وهذا ليس بالأمر الهين، ونحن لن نجازف، لن نتحمل نتائج ليست قابلة للتكهن في المواجهة مع إيران اليوم».
وقرر أن الحكومة بأسرها ستقرر في هذا الشأن، موضحا أن «هناك صلاحيات لرئيس الحكومة ولوزير الدفاع ووزير الخارجية، وهناك هيئة تساعية، ومجلس وزاري مصغر، والقرار حال اقتضائه ستتخذه حكومة إسرائيل، هكذا كان وهكذا ينبغي أن يكون، وليست مجموعات من المواطنين أو من كتاب المقالات».
وكان زعيم المعارضة شاؤول موفاز قد حمل بشدة على نتنياهو وباراك، واعتبرهما خطرا على إسرائيل. وقال ان «رئيس الحكومة يقود خطوة خاطئة، فاسدة ومثيرة للسخرية. وأنا أقترح فحص الوعود التي كمنت في أساس تعيين وزير حماية الجبهة الداخلية، وهل تشمل تنازلا عن الاتزان عند اتخاذ القرار بشأن أمن دولة إسرائيل؟».
وحمل موفاز بشدة على نتنياهو الذي يحاول اللعب «في صناديق اقتراع الناخب الأميركي» والتأثير في نتائج الانتخابات. وقال: «إن غاية بقائك، يا رئيس الحكومة، لا تبرر بكل الوسائل. وعازف البيانو في الطابق الـ 35 (في إشارة لإيهود باراك) يلحن وأنت ترقص على أنغام مارش حربه. أوضح لنا من هــو صانع القرار الحقيقي».
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز خرج أمس عن صمته الإعلامي. وأعلن، في مقابلتين تلفزيونيتين، أنه محظور أن تهاجم إسرائيل إيران بشكل منفرد. وقال «واضح لنا أننا وحدنا لا نستطيع فعل ذلك. يمكننا إعاقتهم لكنه واضح لنا أنه ينبغي أن نسير معا مع أميركا». وأثار كلام بيريز هذا غضب المقربين من نتنياهو الذين أعلنوا أن بيريز كان أيضا ضد قصف المفاعل العراقي. وهناك أحاديث عن تدهور العلاقات بين بيريز ونتنياهو إلى أبعد مدى.