خبر الحيلة الدعائية والسفينة- يديعوت

الساعة 09:13 ص|16 أغسطس 2012

 

بقلم: باروخ لشيم

اعتاد نتنياهو في افتتاح جلسات الحكومة ان ينقل رسائله الى الجمهور، تدخل آلات التصوير الى القاعة ويخطب نتنياهو خطبة قصيرة لا توجد اسئلة بعدها، فهو نوع من مؤتمر صحفي بلا صحفيين. في مطلع الاسبوع ودع الوزير فلنائي وتحدث في الشأن الايراني ايضا قائلا: "جميع التهديدات التي توجه اليوم على الجبهة الاسرائيلية الداخلية هي قزم اذا ما قيست بتهديد آخر مختلف في مداه ومختلف في جوهره، ولهذا أكرر قولي انه لا يجوز ان يكون لايران سلاح ذري".

لا يضيع نتنياهو أية فرصة ليوميء الى الحاجة الى عملية عسكرية على ايران. ولأنه لا توجد في تاريخ اسرائيل السياسي سابقة لتحذير رئيس وزراء من هجوم محتمل يخطط له على نحو عام في سرية شديدة، فان تفسير ذلك قد يكون ان الحديث عن حيلة دعائية سياسية. واذا كانت حيلة دعائية فقط فاننا نسأل لماذا يلتزم بها نتنياهو في عناد لا يميزه. فالرسالة عند آخرين هي اللعبة التي تسبق الفعل، أما عند نتنياهو فان اللعبة السابقة هي الأساس.

ربما تكون نفدت عنده سائر الرسائل كلها.

كانت الرسالة التي حاول نتنياهو ان ينشئها في بداية ولايته هي رسالة شخص من المركز السياسي يمثل الشعب كله. وكان ذلك النموذج الناجح لشارون الذي جعله يفوز بمعركتين انتخابيتين وينشيء كديما برئاسته. خطب نتنياهو خطبة بار ايلان التي أعلمته بعلامة سائِِرٍٍ في طريق شارون، ولم يُحتج الى زمن طويل لفهم ان الانفصال الوحيد الذي كان نتنياهو مستعدا لتنفيذه في المجال السياسي هو انفصاله عن وعوده في هذا المجال.

ان صيف الاحتجاج الاجتماعي في 2011 انشأ لنتنياهو امكانية رسالة اخرى هي الاهتمام بالطبقة الوسطى وتساوي الاسرائيليين جميعا في العبء. وكانت الفرصة التي سنحت له هي انضمام موفاز الى الحكومة. وكان يمكن ان يكون تجنيد الحريديين وتغيير طريقة الانتخابات رسائل فائزة في الانتخابات التالية. وبدل ان ينشيء كديما الأكبر الموجه الى مجتمع مدني مقبول في الدول الغربية، جدد حلف الدم مع احزاب يحكمها رجال دين حريديون.

كان لنتنياهو ايضا رسالة نجاح في الاقتصاد. يفهم قليلون جدا كيف يعمل الاقتصاد لكن يعرف كثيرون جدا كيف يؤدي عمله على ما يرام. وليس واضحا كم أسهم نتنياهو بأعماله في مد الاقتصاد الاسرائيلي. وليس واضحا ايضا ما ذنبه في التهاوي الحالي. والقاعدة هي ان من ينسب الى نفسه نجاحا في فترات نمو للاقتصاد يكون مذنبا عند الجمهور في فترات التهاوي.

بقي لنتنياهو رسالة أخيرة وهي الهجوم على المشروع الذري الايراني. ان ايام الخوف من حرب توحد على نحو عام الشعب حول القيادة، فلا أحد مستعد لزلزلة السفينة حينما تأتي عاصفة كبيرة. ويبدو الامر هذه المرة مثل حيلة دعائية: فليس ممكنا ان يأمر رئيس وزراء بالهجوم في حين يعارضه جميع قادة الجهاز الامني. فنتنياهو خبير بتحليل مواقف الرأي العام. وهو يعلم انه حينما يعارض سياسي ذو تقديرات انتخابية موقف رجال أمن مختصين – يكون واضحا من يُصدق الجمهور الاسرائيلي. وبرغم ذلك ينجح نتنياهو في احداث انطباع انه يخطط للهجوم حقا.

أربما لا يكون الحديث عن سياسي محنك بل عن سياسي يائس؟  لكنه ايضا يعلم انه اذا تبين ان ربان هذه السفينة هو في الحقيقة ربان حيلة دعائية سياسية فقط، فانه يمكن ان تُعد ايامه السياسية عدا تنازليا.

ان الشيء الذي يزيد الخوف هو ان معركة نتنياهو لانقاذ رسالته الاخيرة قد تكون ايضا بدء حربنا المدمرة.