خبر دولة مرسي- يديعوت

الساعة 09:00 ص|16 أغسطس 2012

 

بقلم: غي بخور

حينما انشغل جميع المحللين بدراما اقالة الرئيس المصري الجديد محمد مرسي بكبار مسؤولي الجيش المصري، تناول قليلون فقط "الاعلان الرئاسي" الثاني لمرسي في اليوم نفسه وهو سيطرته على جميع مراكز السلطة والقوة في الدولة. هكذا استعمل مرسي حادثة سيناء ليُسوغ عزل كبار مسؤولي الجيش واستعمل العزل لتوسيع صلاحياته الرئاسية وجعلها مطلقة.

ان هذا الرئيس هو اليوم رئيس الذراع التنفيذية وهو الذي يُعين ويُقيل الحكومات في مصر، وهو ايضا الذراع التشريعية مع عدم وجود مجلس شعب وبسبب قدرته على سن كل قانون يريده، فهو المسؤول وحده عن السياسة الخارجية والداخلية والامنية والاقتصادية وغيرها. وهو الذي يُقر اتفاقات دولية وهو الذي يُفسر الدستور، ويستطيع ان يُعين فريقا يُقر دستورا جديدا كما يشاء. وهكذا، بعد سنة ونصف سنة مما أشبه الفوضى عادت مصر لتصبح دولة ذات سلطة واحدة، سلطة شخص واحد فقط وهذه دكتاتورية، بيد أنها اليوم دكتاتورية أشد قسوة من دكتاتورية مبارك الذي شارك في قراراته مجلس الشعب والاحزاب والدستور والمحاكم وما كان يشبه تمثيل اوساط كثيرة. والحديث هنا عن شخص واحد.

حتى "شباب الثورة"، الذين تحدثوا عن الديمقراطية وحرية التعبير، لم ينتبهوا الى ان دولتهم أصبحت دولة سلطة واحدة لكثرة حماستهم لذهاب ضباط الجيش. وكما لم يفهموا قبل سنة ونصف سنة ان الجيش سيطر عليهم، لا يميزون الآن أنهم وقعوا في ضائقة جديدة. لا توجد أية صلة بين سلطة شخص واحد وبين ما أرادت مصر ان تذيعه للعالم.

من المدهش ان نرى كل هذا يحدث بعد شهر ونصف فقط من تولي مرسي منصبه، فقد روض الجيش والاحزاب والمحاكم ووسائل الاعلام خصوصا. ان الرئيس الجديد و"الاخوان المسلمين" الذين يقفون من ورائه، مشغولون الآن بتبديل المحررين الرؤساء والصحفيين الكبار في الصحف الحكومية. ويُستبدل بعشرات الصحفيين ممثلون اسلاميون، والتعليمات الجديدة هي أنه لا يجوز انتقاد "الاخوان المسلمين" أو الرئيس. ولا يجوز ان تُنشر رسوم كاريكاتورية عنه ولا يجوز تناوله شخصيا أو الأقرباء منه. واختفت قائمة أهداف السلطة الجديدة التي نشرت بابراز فور انتخاب مرسي فجأة من فوق صفحات الصحف الحكومية، وعاد دورها ليصبح اعلاما يهتف لكل خطوة للحاكم.

بقي الاعلام الخاص الذي بدأ ينمو في مصر ويحظى بقبضة حديدية. هل تجرأت صحيفة "الدستور" الخاصة على انتقاد الرئيس؟ تُجمع اذا جميع أعدادها من الحوانيت. ولم يحدث مثل هذا الشيء حتى في ايام مبارك. وأُغلقت قناة تلفاز خاصة بعد ان تجرأ صاحبها الدكتور توفيق عكاشة على اعلان آراء مشايعة لاسرائيل، ويُحاكم من يُظهر استقلالا كبيرا جدا. ان نظام تخويف ينشأ سريعا موجها على أصحاب آراء انتقادية جدا وكل ذلك باسم "استكمال الثورة".

لاسرائيل تاريخ طويل من خيبة الأمل من مصر. ان جميع محاولات الاقتراب طوال عشرات السنين وكل أفكار التعاون المصري رفضها الطرف الثاني باحتقار زاعما أنه لا يجوز "التطبيع"، وكأنه لم يتم التوقيع على اتفاق سلام بين الدولتين والشعبين. وهكذا تحصن المصريون في أنفسهم وفخرهم، ويبلغ الانتاج الوطني الخام للفرد عندهم اليوم ثلاثة آلاف دولار للفرد في مقابل ثلاثين ألف دولار في اسرائيل.

الآن ومصر تدخل مرحلة جديدة من تاريخها، مع العودة الى سلطة الفرد، ليس للاسرائيليين أي توقعات من مصر ما عدا أدنى قدر من الحفاظ على الاستقرار الامني على الحدود، وهذا كل شيء. فلم تعد لأحد في اسرائيل أوهام تعاون اقتصادي أو تجاري كان سيفضي الى فائدة عظيمة للطرفين. ولم يبق للاسرائيليين سوى ان يتمنوا لمصر نجاحا في طريقها الجديد الذي اختارته في بحثها المستمر عن هويتها الذاتية.