خبر إستمعوا الى صوت الشعب -هآرتس

الساعة 07:52 ص|14 أغسطس 2012

بقلم: موشيه آرنس

(المضمون: يجب النظر في اخفاقات القيادة الاسرائيلية في الماضي مثل الانسحاب من قطاع غزة والانسحاب من الشريط الامني في جنوب لبنان كي لا تكرر مثل هذه الأخطاء في المستقبل - المصدر).

        أبلغ يوسي فيرتر في تقريره الصحفي "يدان يُمنيان" ("هآرتس"، 9/8) عن وجود بحث قامت به مجموعة من المثقفين الذين يطمحون الى إحياء معسكر "اليسار" الاسرائيلي الذي انهار. برغم ان الجميع يعلمون ان "اليسار" ضعف منذ كانت اتفاقات اوسلو ويصعب ان نفهم كيف سيفضي البحث الى تجديد "اليسار" – فانه يمكن حينما نفحص عن ضعف اليسار الدائم على مر السنين بسبب الأحداث ان نتعلم عدة اشياء من ذلك.

        من اتفاقات اوسلو، التي وقع عليها اسحق رابين وياسر عرفات، مرورا بالتخلي عن جيش لبنان الجنوبي والانسحاب من طرف واحد من الشريط الامني في جنوب لبنان باشراف اهود باراك، ومرورا بمحاولة باراك التوصل الى تسوية سلام مع حافظ الاسد مقابل الانسحاب من هضبة الجولان، انتهاءا الى الاقتراح الذي اقترحه باراك على عرفات ان يعيد أكثر مناطق يهودا والسامرة وقطاع غزة وجبل الهيكل – برهن أكثر الجمهور في اسرائيل الذي أيد هذه الخطوات في البدء التي ضمنت إتيان المنطقة بالسلام، برهن على خيبة أمله من النتائج في صناديق الاقتراع.

        ان فشل حكومة اهود اولمرت في حرب لبنان الثانية ونية حكومته اقتلاع مئات الآلاف من المستوطنين من يهودا والسامرة قضت على مطامح اليسار السياسية. ان شعار "أعطوا السلام فرصة" أسر قلوب اسرائيليين كثيرين لكن تغير التوجه مع مرور الزمن الى مقولة "لن تنجحوا في بيعنا هذه الشعارات مرة اخرى".

        ان الفرق الكبير بين الخطط التي يقترحها "اليسار" وبين تصورات المركز في الجمهور في اسرائيل في العشرين سنة الاخيرة يثبت بأفضل صورة الانخفاض الدائم لقوة "اليسار" في صناديق الاقتراع مع كل التحولات السياسية التي طرأت عليه. ويستطيع "اليسار" اليوم ان يزعم انه كان على حق طول الطريق وان تولي "اليمين" السلطة شوش على نواياه الخيّرة، لكن لا يمكن التنكر للرأي العام و"صوت الشعب".

        يبدو انه بازاء توالي اخفاقات الخطوات التي كانت ترمي الى جلب السلام للمنطقة، يرفض أكثر الاسرائيليين الذين يتمسكون بمواقف أكثر واقعية تتعلق بالواقع في الشرق الاوسط، مُثل "اليسار" الساذجة. ويتوقع ان يقوي الغليان في العالم العربي في المدة الاخيرة هذا التوجه.

 

        نشر في صحيفة "هآرتس" في ذلك اليوم ايضا مقالة لـ أري شبيط تتناول سوريا وعنوانها "محاسبة النفس". ويعرض شبيط نفسه بأنه كان يعتبر في الماضي في معسكر "اليسار" وأيد المحاولات الكثيرة التي تمت على مر السنين لاحراز اتفاق مع حافظ الاسد ومع ابنه بشار بعد ذلك مقابل انسحاب من هضبة الجولان، ويعترف بأنه اخطأ. يتبين ان النظريات المركبة التي عُرضت في تلك الايام والتي قالت ان هذا الاتفاق لن يأتي بسلام مع سوريا فقط بل سيُبعد سوريا عن ايران ويُنهي ارهاب حزب الله، لم تكن سوى طائفة من الآمال الكاذبة، وليس اعتراف شبيط أمرا يُستهان به لأنه ليس كل انسان مستعدا للاعتراف بالخطأ.

        يقولون ان محاسبة النفس تحسن للنفس وقد يكون هذا هو الزمن للفحص من جديد عن المنطق في عدد من الاجراءات التي تمت في السنين الاخيرة. فماذا عن الانفصال عن غوش قطيف واقتلاع 8 آلاف اسرائيلي من بيوتهم والذي كان يفترض ان يعزز الامن ويدفع بالسلام الى الأمام، لكن حماس سيطرت بعده على قطاع غزة وبدأت تطلق الصواريخ على جنوب اسرائيل؟.

        وماذا عن الانسحاب من طرف واحد من الشريط الامني في جنوب لبنان الذي قرّب حزب الله مسافة بصقة من بلدات الشمال ونشبت على أثره الانتفاضة الثانية وحرب لبنان الثانية.

        واذا كنا نستطيع ان نفكر راجعين رجوعا بعيدا في الزمان الى الوراء نقول ماذا عن اتفاق السلام مع مصر الذي أُحرز بثمن انسحاب كامل من سيناء؟ وهو ثمن أقر سابقة لكل تفاوض في المستقبل وجعل اسرائيل الصغيرة هدفا سهلا لأعدائها المعنيين بالقضاء عليها بقنبلة ذرية واحدة.

        ان كل هذا بالطبع يشبه حليبا سُكب وماءا جرى في نهر الاردن منذ زمن، لكن ربما أمكن التعلم من أخطاء الماضي، وقيل ان الذين لا يتعلمون من التاريخ محكوم عليهم بتكراره.