خبر سلام بارد لكنه ما يزال سلاما.. اسرائيل اليوم

الساعة 06:35 م|13 أغسطس 2012

بقلم: يوسي بيلين

(المضمون: ما يزال السلام مع سوريا مصلحة اسرائيلية من المصالح الكبرى كالسلام مع مصر الذي يخدم مصالح الدولتين برغم بروده - المصدر).

انضم الى "التائبين" في الاسبوع الماضي أري شبيط الذي وصف في صحيفة "هآرتس" زيارته لهضبة الجولان التي كانت مصحوبة باحساس بالندم لأنه دعا طوال سنين الى سلام مع سوريا. ويسأل: ماذا كان سيحدث لو أتممنا سلاما مع سوريا ووجد اليوم على حدودنا الشمالية الشرقية ناس القاعدة؟ يمكن ان نجيبه بأنه لو وجد الزعيم الاسرائيلي الشجاع الذي كان يكون مستعدا للتوقيع على اتفاق سلام مع سوريا ودفع ثمن النزول عن الجولان لكان وضعنا أفضل كثيرا في مواجهة كل نظام ينشأ في سوريا بعد عائلة الاسد.

وهذا بالضبط ما حدث في مصر. فلو استجاب مناحيم بيغن لمنتقديه من اليمين ومن اليسار – اهود اولمرت وغيئولا كوهين وشلومو هيلل وعاموس هدار – ولو لم يوقع على اتفاق سلام شجاع مع مصر لكان احتمال التوصل في الوضع الحالي الى سلام مع مصر صفرا. لا نعلم كيف ستتطور الامور في مصر. ان قرار مرسي على إقالة القيادة العسكرية العليا وعلى جعل الطنطاوي مستشارا ينشيء وضعا داخليا جديدا قد ينتهي الى تسليم الجيش لمصيره الجديد، لكنه قد ينتهي ايضا الى مواجهة شديدة جدا بين الجيش والاخوان المسلمين. وعلى كل حال من المعقول جدا ان نفترض ان يتم الحفاظ على اتفاق السلام مع اسرائيل لأن الحديث في نهاية الامر عن مصلحة مشتركة. وقد تم التعبير عن هذه المصلحة المشتركة فيما وقع في سيناء في الايام الاخيرة: فمصر واسرائيل معنيتان بالاستقرار في شبه الجزيرة وبألا يتحول الى الغرب المتوحش. ولا ينبع التعاون بين الدولتين في شأن سيناء من افضال من الواحدة على الاخرى بل من مصلحة مشتركة.

لو لم يتم توقيع الاتفاق بين اسرائيل ومصر قبل 33 سنة لما وقع اليوم. فلا شك في ان مرسي ما كان ليبادر الى مبادرة السادات، لكن لما كان الاتفاق قائما ويخدم الدولتين فانه يتم الحفاظ عليه وهو ما يبرهن على أننا اذا استغلينا الفرصة لصنع سلام يصبح الغاؤه غير ممكن تقريبا على أيدي معارضيه ايضا. ان السلام البارد بيننا هو منطقة حاجزة عن هيجان العداوة لاسرائيل التي كان يمكن ان تقع في أعقاب فوز الاخوان المسلمين لو لم يكن اتفاق السلام موجودا.

ان السلام مع سوريا مصلحة اسرائيلية واضحة، وكان يمكن التوصل اليه بضع مرات منذ كان مؤتمر مدريد الذي كان اول اطار سياسي التقى فيه قادة كبار لاسرائيل وسوريا (ليس اللقاء كلمة دقيقة لأنهم حلوا في المكان نفسه). ان طلب السوريين العودة الى الخط الذي سبق حرب الايام الستة كان طلبا مجردا لأن هذا الخط لم يُرسم قط. وكان يجب ان يُحصر التفاوض في رسم هذا الخط وأضاعت حكومات اسرائيل واحدة بعد اخرى احتمال التوصل الى تسوية ذات أهمية استراتيجية كبيرة بثمن التخلي عن الجولان.

لا يمكن اصلاح اضاعة الفرصة هذه الآن بازاء نظام غير شرعي يقتل مواطنيه. واذا وجد بدل الاسد في سوريا حكم اسلامي متطرف فلن يكون سلام مع سوريا وستصبح هذه الحدود أخطر مما كان بيننا في عشرات السنين الاخيرة وسيوجب هذا على اسرائيل ان تخصص قوات لا يستهان بها للدفاع عنها. لكن اذا نشأ في سوريا نظام آخر يكون مستعدا للتوصل الى سلام معنا بالثمن الذي طلبته سوريا منذ 1991 فسيكون خطأ شديدا اذا قوبل هذا الاستعداد بخوف اسرائيلي من جديد. ان سلاما مع سوريا سيجعل اسرائيل تقف في مكان آخر في الشرق الاوسط ويُقربنا من سلام عام مع العالم العربي بحسب المبادرة العربية في 2002 التي لم نقدرها كما ينبغي قط.