خبر التحدي الإيراني -يديعوت

الساعة 08:04 ص|09 أغسطس 2012

بقلم: افرايم هليفي

تُعبر زيارة سعيد جليلي، الامين العام لمجلس الامن القومي الايراني، لدمشق في يوم الثلاثاء عن ازدياد مشاركة ايران المباشرة في مصير سوريا، ويشهد ظهوره المعلن في التلفاز الرسمي السوري واعلانه ان ايران لن تُمكّن من سقوط نظام بشار الاسد بأن ايران استقر رأيها على تحمل المسؤولية عما يجري في سوريا وباستعداد الاسد – مع أسفه – لقبول رعاية طهران. وبين جليلي ان موقف ايران يعتمد على استراتيجيتها الاقليمية، وعلى محور المقاومة الذي بنته طوال السنين في القوس الشمالية المحيطة باسرائيل، بل أعلنت ايران على رؤوس الأشهاد أنها ستفعل كل شيء – اجل كل شيء – كي يستمر المحور في القوة لا في البقاء فقط.

ان المعركة التي تُصرفها ايران في العقود الاخيرة تنشب في جبهات كثيرة متنوعة، فهناك حملة ارهاب في أنحاء العالم بعضها سري وبعضها معلن، على أهداف يهودية واسرائيلية وغيرها؛ وتسليح وتدريب لاعبات ليست دولا في المنطقة كحزب الله في الشمال والجهاد الاسلامي في قطاع غزة وحماس حتى المدة الاخيرة؛ زيادة على حرب استخبارية قوية قاسية أكثرها خفي في اماكن مختلفة عجيبة. وهذه بالطبع قائمة مختصرة فقط لافعال جهات القوة في ايران.

كانت للفعل الايراني في دمشق هذا الاسبوع عناوين كثيرة. فقد كان قبل كل شيء تحديا من المملكة الشيعية الكبرى في العالم اليوم للعربية السعودية وقطر ومصر، وهي ثلاث دول عربية سنية، وكانت مع ذلك ايضا خطوة معادية تهديدية لتركيا السنية والعلمانية التي لها مصالح مباشرة ومتنوعة في سوريا الجارة – حدود مشتركة وتأثير سوري كردي في المشكلة الكردية الداخلية في تركيا وغير ذلك. وأتم وزير الخارجية الايراني زيارة لأنقرة في نفس اليوم الذي كان فيه جليلي في دمشق، لكن يُشك في ان تُهديء تفسيراته جأش رئيس الوزراء اردوغان. والفعل الايراني ايضا تهديد جلي للولايات المتحدة التي تعمل على سقوط النظام السوري القاتل، بل أعلن جليلي على رؤوس الأشهاد ان ايران ترى ان واشنطن مسؤولة عن سلامة ناس وحدة الحرس الثوري الايراني الذين أسرتهم المعارضة السورية.

لا يجسد هذا الاجراء فقط وقاحة ايران المتزايدة بل أهمية المعركة على مستقبل سوريا ايضا لمكانة ايران في المنطقة أو ربما لمجرد بقاء النظام، فهي عقب أخيل بالنسبة اليه. قبل أكثر من عشرين سنة اضطر صدام حسين آية الله الخميني حاكم ايران الى الموافقة على هدنة وانهاء حرب دامت ثماني سنين بين ايران والعراق. وأعلن في ربيع 1990 منتشيا بقوة نصره انه قادر على احراق نصف دولة اسرائيل. وعلمنا آنذاك بأنه يحاول الانتقام لتدمير المفاعل الذري في بغداد على هيئة ثلاث خطط مستقلة متوازية للحصول على سلاح ذري. وفي آب 1990 اخطأ خطأ حياته فغزا الكويت واستولى على آبار النفط فيها، وكان ذلك عملا مفاجئا وانشأت الولايات المتحدة حلفا دوليا خرج لحرب تحرير الكويت ونجحت في الفرصة نفسها في القضاء على كل الخطط الذرية للعراق، وكانت هذه الزيادة أهم من الرصيد نفسه.

تجاوزنا من بين كل جوانب التحدي الايراني واحدا وهو اسرائيل. قال جليلي لنا – نحن هنا على حدودكم الشمالية لا بتوسط مستخدم (حزب الله) ولا بتوسط لاعبة ليست دولة (غزة)، بل باسمنا مع وحداتنا وسياستنا. نحن هنا علنا في وضح النهار ونحن ننوي الاستمرار في ان نكون هنا وليكن ما كان.

ان تهديد ايران المباشر لاسرائيل مرة اخرى لا يلبس صورة قدرة ذرية في المستقبل القريب فقط، بل هو تهديد هنا والآن. لكن هذه ايضا فرصة نادرة يمكن ان يفضي استغلالها الذكي والأصيل الى ألا يكون اجراء جليلي في دمشق مشابها لغزو العراق للكويت فقط بل يكون ايضا خطأ استراتيجيا توقع نتائجه بطهران هزيمة لا يوجد أكبر منها.