خبر أنهاية الأوهام بين اوباما ومصر؟- إسرائيل اليوم

الساعة 08:10 ص|08 أغسطس 2012

 

بقلم: البروفيسور ابراهام بن تسفي

مر أكثر من ثلاث سنين منذ خطب براك اوباما في الرابع من حزيران 2009 "خطبة القاهرة" التي دعا فيها الى فتح صفحة جديدة تصالحية في العلاقات بين العالم الغربي والعالم الاسلامي وتراثه. وقد أمل الرئيس الامريكي بمد يد التأييد المملوءة بالتفهم والعطف الى الاسلام المعتدل ان تساعد على انشاء حلف عربي عام واسع مبلور تقوم مصر في سُرته حاجزا مستقرا لا يُجتاز في وجه القوى المتطرفة في المنطقة.

لكن وبنفس قدر تحطم أمل الرئيس الامريكي دوايت آيزنهاور ان ينشيء في خمسينيات القرن الماضي "حلف بغداد" ليكون أداة لصد جهود الاتحاد السوفييتي عن التوسع في المنطقة (وضم مصر ايضا لتكون حلقة مركزية فيه) على ارض الواقع المتمرد، تلاشى ايضا حلم اوباما سريعا في ثنايا النسيان والذهول. كانت القومية العربية في خمسينيات القرن الماضي هي الطوفان الذي أغرق منطقة الشرق الاوسط بحقد عميق على الغرب وتراثه الاستعماري والتي أفضت الى انهيار الخطة الامريكية والى انضمام مصر بصورة غير مباشرة في 1955 الى الكتلة الشرقية. وكانت التيارات الثورية هذه المرة التي انفجرت بكامل قوتها في خلال "الربيع العربي" وتحدت النظام القائم والمؤسسات السياسية هي التي قضت على الخطة التي كانت مطوية في خطبة القاهرة. 

وهكذا أصبح وبضربة واحدة تقريبا، هدف الاستقرار الاقليمي الذي أبدعه اوباما، كابوسا مستمرا حدث آخر تعبير عنيف عنه في رفح. وفي السياق المصري كان قرار البيت الابيض على التخلي عن الرئيس مبارك لمصيره وعلى تأميل ان يمهد الكلام في الاصلاحات ومسارات التحول الديمقراطي القريب طريق القاهرة الجديدة الى مرحلة تعدد ومجتمع مدني بروح الديمقراطية الغربية هو الذي أسهم اسهاما مركزيا في رقص الاشباح الحالي المملوء بالفوضى وعدم اليقين.

بخلاف توجه اوباما الابتدائي الذي رأى سلطة مبارك لبنة مركزية وحيوية في البناء الاقليمي الذي أراد انشاءه، فان حقيقة ان أسرع الى التخلي في فورة الاحداث عمن عُرف في واشنطن بأنه صخرة استقرار، منحت القوى الثورية الدعم والشرعية وصبت وقودا آخر على الحريق الهائج في ارض النيل.

على هذه الخلفية من عدم الاستقرار المتزايد في مصر وتحول شبه جزيرة سيناء الى منطقة حدودية هوجاء ليس فيها حاكم، يُسأل سؤال هل يمكن الآن توقع مظاهر وعي ما من العم سام لا نتيجة مباشرة فقط لانشاء سلطة اسلامية ضعيفة جدا في مصر نتاج الانتخابات التي تمت فيها بل بازاء التطورات التي أصابت المنطقة كلها باعتبارها جزءا لا ينفصل عن "الربيع العربي". وانه في منطقة لم تعرف المؤسسات واجراءات وقواعد اللعب الديمقراطي لم يكن انهيار النظم الاستبدادية يحمل بشرى الانتقال فورا الى ثقافة سياسية مفتوحة بل بالعكس زاد انهيار النظام القديم فقط احتمال نشوء نظام استبدادي آخر.

ستُخبرنا الايام هل الاعتراف بأنه من غير الممكن غرس الواقع الديمقراطي والاخلاص لقيمه في سياق اجتماعي وسياسي غريب متنكر وتوقع ان ينمو ويزهر فورا، سيتغلغل الى تفكير "كل ناس الرئيس" وينشيء تقويما لسياستهم في المنطقة من جديد.