خبر قشط غالي جدا- معاريف

الساعة 08:04 ص|08 أغسطس 2012

 

بقلم: أبراهام تيروش

لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوجد نجاح واحد لا يمكن أخذه منه – طرح موضوع النووي الايراني على جدول الاعمال العالمي بشكل عام والامريكي بشكل خاص. ولكن لغز أساس غير قابل للحل يرافق هذا النجاح: هل يقصد ذلك بجدية؟

فهل حقا يؤمن رئيس الوزراء ووزير الدفاع ايهود باراك اللذين يخططان لهجوم مستقل في ايران بان اسرائيل قادرة وحدها على أن تلحق بالمنشآت النووية الايرانية ضررا يؤخر لفترة ذات مغزى تطوير القنبلة؟ هل هما مستعدان لاخذ المخاطرة الحقيقية لحرب اقليمية وضربة شديدة للجبهة الداخلية والاقتصاد الاسرائيلي؟ ام ربما كل تصريحاتهما وتهديداتهما لا تستهدف الا تشجيع وجر الولايات المتحدة واوروبا الى عمل عسكري؟

للامريكيين أيضا لا يوجد جواب على هذا اللغز. المرشح للرئاسة رومني ووزير الدفاع بانيتا اللذان زارا البلاد الاسبوع الماضي – الاخير في محاولة اخرى لحمل القدس على الامتناع عن الهجوم  - لم يخرجا من هنا أكثر حكمة في مسألة النوايا الحقيقية لاسرائيل. يوجد ادعاء بان معظم الامنيين الذين يثيرون بتصريحاتهم في الموضوع الايراني عواصف صبح مساء هم في واقع الامر مجندون من الحكومة لحملة تعظيم التهديد الاسرائيلي على ايران، والذي يفترض ان يؤدي الى عمل عسكري امريكي. وحسب هذا الادعاء، الدليل على ذلك هو انضمام رئيس الموساد الاسبق افرايم هليفي ورئيس شعبة الاستخبارات الاسبق اللواء احتياط زئيفي فركش – وهما شخصان مستقران في ارائهما وضنينان في كلماتهما – الى طائفة المتحدثين في الموضوع علنا.

في كل الاحوال، لا يوجد اي شك في أن للولايات المتحدة قدرات ليست لاسرائيل، تسمح لها بان تضرب المنشآت النووية الايرانية بشكل هدام يؤخر لفترة طويلة البرنامج النووي (وقد أجاد بن كاسبيت في تصوير هذه القدرات في مقالته في نهاية الاسبوع الماضي) ولا بد أن وزير الدفاع الامريكي كرر ايضا على مسمع من نتنياهو وباراك وعد واشنطن بالعمل ضد ايران اذا لم تجدي العقوبات ولكنه لم يكن مقنعا.

"المشكلة مزدوجة – انعدام الثقة والتوقيت"، يقول مصدر اسرائيلي رفيع المستوى. "رئيس الوزراء لا يثق بان اوباما سيهاجم في ايران. وهذه عدم ثقة اساسية، وهي متبادلة. نتنياهو يعتقد بان الرئيس يقود نحو السليم بقنبلة نووية ايرانية، يتعين على العالم ان يتعلم كيف يتعايش معها. كما أنه يعتقد بان في ولايته الثانية، اذا ما انتخب، سيكون اوباما "سيئا لليهود"، بل وسيء اكثر لنتنياهو. ومن هذه الناحية ايضا لا يمكن الثقة به. وتوجد أيضا مسألة التوقيت. نتنياهو وباراك يريدان هجوما الان، قبل الانتخابات في الولايات المتحدة والتي ستجرى في بداية تشرين الثاني، وواضح ان الرئيس لن يفر في الهجوم في مثل هذا التوقيت حتى لو اعتقد بان الهجوم ضروري".

الحقيقة هي أن مسألة التوقيت ذات صلة أيضا بالنسبة للهجوم الاسرائيلي. فمن تصريحات مختلفة يفهم بان مثل هذا الهجوم كفيل بان يقع في الاسابيع القريبة القادمة. ولكن كيف يعد هذا ممكنا؟ فهل سيقصفون قبل الاعياد القادمة، في ظل المخاطرة شبه المؤكدة بان يثير القصف في اسرائيل حالة طواريء، تشوش الحياة وتهدم للاسرائيليين الاعياد؟ ليس منطقيا. وبعد الاعياد سيكون هذا بات عشية الانتخابات في الولايات المتحدة حقا – فهل سيجن جنونهم للقصف وعندها التدمير التام لعلاقاتنا مع اوباما، التي لا تزال فرص انتخابه اكبر من فرص رومني؟

نتنياهو عاد ليتعلق بالشجرة الكبيرة، مناحيم بيغن، الذي قصف المفاع العراقي رغم معارضة أمنيين وآخرين. كما أن هذا ما أجابه على سؤال في موضوع قدرة اسرائيل المحدودة على تدمير المنشآت النووية الايرانية: "القصف في العراق ايضا قالوا انه في غضون سنتين سيعاد بناء المفاعل، وها هو حتى اليوم ليس لديهم قنبلة نووية".

هذه المعادلة مدحوضة بشكل لا مثيل له. فالمخاطرة التي كانت تكمن في القصف في العراق، سواء كانت على الطيارين أم على الجبهة الداخلية، كانت طفيفة، وكان للجيش الاسرائيلي القدرة على تعطيل المفاعل في اوسيراك. اما المنشآت النووية الايرانية المتناثرة في اماكن عديدة والمدفونة عميقا عميقا تحت الارض فيمكن لاسرائيل فقط أن تقشطها، وثمن هذا القشط قد يكون غال جدا.