خبر كتب عماد الدين حسين في الشروق.. « هي المؤامرة نفسها »

الساعة 07:14 م|07 أغسطس 2012

القاهرة

رب ضارة نافعة، هناك جريمة إرهابية خسيسة حدثت مغرب الأحد الماضي في رفح، لكن هناك فرصة لإصلاح الخلل الموجود في سيناء حتى لا تكون الكارثة المقبلة ــ لا قدر الله ــ أفدح.

من قبيل السذاجة والجهل تصوير الأمر وكأن الذين أفرج عنهم محمد مرسى هم الذين نفذوا الجريمة الأخيرة ، والسبب ببساطة، أن الانفلات الأمني في سيناء ليس وليد لحظة انتخاب مرسى أو وليد ثورة 25 يناير.

ولأصحاب الذاكرة الضعيفة نقول لهم، إن الكارثة بدأت قبل وصول حماس للحكم بالتفجيرات الكبرى عام 2004 في طابا ثم في شرم الشيخ ودهب وما أعقبها من معالجة أمنية بالغة السوء أدت لوجود حالة ثأر لا تتوقف بين تنظيمات سلفية جهادية وأجهزة الأمن، استغلها تنظيم «القاعدة» وصور الأمر باعتبار هؤلاء هم فرعه المصري، وبالطبع استغلت إسرائيل الأمر جيدا واستفادت منه في كل تجلياته وتداعياته.

لنتأمل ما حدث بهدوء، وبعد أن نسب ونلعن ونلطم ونولول فإن تطبيق نظرية «ابحث عن المستفيد» يجعلنا نكتشف ببساطة شديدة لمن يعمل أولئك الذين نفذوا الجريمة النكراء.

هؤلاء المجرمون الصغار سواء كانوا مدركين أو لا يدركون فإنهم عمليا اشتغلوا لمصلحة مجرم أكبر هو الموساد الإسرائيلي.

ليس مهما لمن ينتمي هؤلاء فكريا وتنظيميا، وهل من السلفية الجهادية، أم يرتبطون عضويا بأحد التنظيمات الفلسطينية في غزة. النتيجة واحدة وهى الهدف الرئيسي هو إظهار عجز الدولة المصرية عن السيطرة على سيناء.

وبالتالي فإن النتيجة الموضوعية هي تهيئة الرأي العام الدولي والإقليمي لتدخل إسرائيلي بشكل ما من قبيل توجيه ضربات جوية لأهداف في سيناء أو إقامة شريط أمنى على الحدود على غرار ما حدث مع لبنان لسنوات طويلة.

كل الأحزاب والقوى السياسية ومرشحو الرئاسة كانوا يتسابقون للقول بأنهم سيعملون على إعادة النظر في اتفاقيات كامب ديفيد المجحفة، لكن أحدا منهم لم يفكر فيما تستعد له إسرائيل، لم يتحدث أحد  عمليا عن كيفية استعادة سيناء أولا لحضن الوطن. أكثر ما يخشاه المرء أن نكون مقبلين على مرحلة نتحسر فيها على كامب ديفيد المجحفة.

بعد إسرائيل فإن المستفيد الثاني مما حدث هم كل معارضي التيار الإسلامي، لأنهم بدأوا يقولون: «انظروا.. هذه هي نتيجة إطلاق العنان للإسلاميين».

وبالتالي يمكن القول أن أحد المتضررين الرئيسيين هو التيار الإسلامي بصفة عامة والتيار السلفي بصفة خاصة.

عقب الحادث مباشرة، رأينا مواطنين بسطاء يندفعون بحماقة شديدة لسب وشتم الفلسطينيين وتصويرهم بكل الصفات السيئة. ويبدو بوضوح أن العقل الشيطاني المخطط لهذا العمل الإجرامي استهدف ذلك بالفعل، أي أن نندفع لمهاجمة الفلسطينيين بدلا من مناقشة جذور المشكلة.

لو كنا جادين في المعالجة فعلا، فعلينا أن نبحث كيف يمكن استعادة سيناء شرط ألا نفكر في الحل الأمني إلا كآخر إجراء.

 الطرف المتضرر كثيرا هو محمد مرسى، لأنه صار مطلوبا منه بعد هذا الحادث، أن يعلن حربا لا هوادة فيها ضد تنظيمات سلفية جهادية لم يكن يضعها في جدول أعماله الآن، لأن لديه ما يكفى من المتربصين. من الآن فصاعدا سيبدأ «الزن الأمريكي والإسرائيلي» وأحيانا المحلى على أذن مرسى برسالة أساسية هي أن «مصر وإسرائيل لهما عدو واحد مشترك اسمه «التنظيمات الإرهابية».

أمعنوا النظر في أن بعض المواطنين البسطاء المتأثرين بالحادث تعاطفوا ولو للحظة مع الجيش الإسرائيلي الذي قتل قتلة جنودنا. إذن: هل يمكننا أن نتحدث عن عقل جهنمي ضرب مائة عصفور بمدرعة واحدة؟!.

 

ما حدث لم يكن نظرية مؤامرة.. كان المؤامرة نفسها!.