خبر مخاطر سوء تقدير الموقف فى سيناء ..معتز بالله عبد الفتاح

الساعة 12:40 م|07 أغسطس 2012

نحن أمام سيناريوهين كبيرين بشأن من وراء مقتل جنودنا فى سيناء، ولكن أحسب أنهما تحكمهما نفس الفكرة. هناك طرف يمكن استنتاج من هو يريد أن يزج بمصر فى مواجهة مع طرف آخر بأقل تكلفة من قبله عبر استدراجنا لاتخاذ قرارات عنيفة على نحو غير مدروس فتتحول المشكلة الحادة إلى أزمة أكثر حدة.

هل تتذكرون نظرية «وبسهم عربى» التى قالت بها فيرجينيا فى فيلم «الناصر صلاح الدين» للإشارة إلى استثارة الجيش الإنجليزى (الذى كان يسمونه جيش الصليب) ضد الجيش العربى - الإسلامى ليخرج عن الهدنة وتتجدد المعارك.

وهذه القصة ليست جديدة، فمن يقرأ «فن الحرب» لصان تسو من أكثر من 2000 عام، سيجد استشهادا من قبيل أن الثعلب لا يستطيع أن يهزم الأسد أو النمر ولكنه يستطيع أن يجعلهما يدخلان فى معركة لإنهاك قواهما. وقال ماكيافيلى: «يمكن للقيادة المتمكنة أن تدرس حسابات القوى، ولكن أحدا لا يعرف كيف يتحسب للخديعة والخيانة».

وقد كان هذا ما أشار إليه هنرى كيسنجر بعد تورط الولايات المتحدة فى حربى أفغانستان والعراق فى أعقاب أحداث سبتمبر بقوله: «وقعنا فى الفخ وها نحن نحفر حفرتين وكلما استبد بنا الغضب أرسلنا المزيد من الجنود لنحفر أكثر، دون أن نفكر كيف سنخرج منهما وبأى تكلفة».

هل ما حدث على حدودنا جزء من مؤامرة إسرائيلية للوقيعة بين مصر وحماس والجهاد، على أمل أن تثأر مصر لنفسها وتحتل القطاع مثلا وبهذا تتخلص إسرائيل من عبئه بالعودة إلى وضع ما قبل 5 يونيو 1967؟

هل ما حدث على حدودنا جزء من مؤامرة تكفيرية قاعدية (نسبة إلى تنظيم القاعدة) تهدف إلى الوقيعة بين مصر وإسرائيل والزج بهما إلى مواجهات دبلوماسية وعسكرية تورط البلاد فيما ليست هى مستعدة له؟

سواء كان الأمر هكذا أو كذلك، فإن هناك واجبات إجبارية لا يمكن تجاهلها حتى لا تتحول سيناء إلى نقطة الضعف الأساسية فى الأمن القومى المصرى، وهناك العديد من الأفكار المهمة فى هذا الصدد، وعلى رأسها زيادة عدد القوات المصرية على الحدود مع إسرائيل، تغليظ عقوبات التهريب بصفة عامة وتهريب السلاح تحديدا وصولا إلى الإعدام، لا بد من هدم الأنفاق (يقال إن عددها 100 نفق يتم نقل السلع والأشخاص والأسلحة عبرها) وإنشاء منطقة تجارية حرة فى السلع الأساسية والمعمرة، مع تحميل إسرائيل مسئوليتها كدولة احتلال عن توفير السلع الاستراتيجية (لاسيما الطعام والطاقة)، التفاهم بين قوات الأمن المصرية والقبائل السيناوية من أجل تأمين المشروعات الصناعية والسياحية هناك، فضلا عن منح امتيازات ضرائبية سخية لكل مستثمر جاد يريد أن يقيم مشروعات فى سيناء. إن مراجعة استراتيجيتنا الأمنية فى سيناء ضرورة بما فى ذلك إعادة النظر فى الملاحق الأمنية بين مصر وإسرائيل وزيادة عدد القوات، ومعلوماتى أن إسرائيل لا تمانع فى ذلك.

نتبين كل يوم أن بنية الدولة المصرية كانت هشة للغاية فى عهد مبارك ولكنه على الأقل كان عارفا بهذه الهشاشة، وكان قادرا على خلق انطباع مزيف بغياب هذه الهشاشة. ونحن الآن نكتشف الحقيقة أن إعداد الفرد المصرى كما أن الترتيبات المؤسسية التى تضبط سلوكه هى ثغرة كبيرة لا بد من أن تكون على أولويات الحكومة الجديدة وإلا لن نخرج أبدا من دائرة الكلام عما ينبغى أن يكون.