خبر حريق، اخوان، حريق -هآرتس

الساعة 09:32 ص|07 أغسطس 2012

حريق، اخوان، حريق -هآرتس

بقلم: تسفي بارئيل

        (المضمون: الصدامات الدموية الاخيرة في مصر تضع أمام نظام الاخوان المسلمين الجديد تحدٍ قاس: اعادة الامن للمواطنين دون استخدام وسائل القمع التي مارسها النظام القديم - المصدر).

        تروي النكتة المصرية الاخيرة عن حكم محمد مرسي، بان الجديد الاكبر الذي اتبعه الرئيس هو أنه في عهده تحول الهاتف النقال من وسيلة اتصال الى جهاز انارة. هذه الفكاهة المريرة تتناول أزمة توريد الكهرباء في القاهرة، التي تعطل العمل السليم للمستشفيات، المصانع وبالطبع – تواصل المشاهدة في التلفزيون لمسلسلات رمضان. مرسي، كأخ عند المشاكل، بلغ المواطنين بان حتى في بيته كانت انقطاعات للكهرباء ووعد بانه "أمر المسؤولين بمعالجة المشكلة فورا". إذ ما الذي يمكن أن يعد به في هذه اللحظة، عندما لا تكون انقطاعات الكهرباء، مهما كانت خطيرة، ليست المشكلة الوحيدة التي وقعت على رئيس الرئيس الجديد؟

        الامن الداخلي هو التهديد المركزي الذي يقلق النظام الجديد. ثلاثة احداث عنف وقعت الاسبوع الماضي تدل على الارضية غير المستقرة التي قامت عليها الحكومة الجديدة. أخطرها وقع في قرية دهشور في محافظة الجيزة، حيث اندلع اشتباك فتاك بين الاقباط والمسلمين. وقد بدأ هذا مثلما هو الحال دوما، بحدث هامشي، هذه المرة كوى قبطي أحرق قميص زبون مسلم، وانتهى الحدث بمشاكة قتل فيها مسلم، واصيب البعض، واحرقت محلات، وسيطر شبان مسلمون على كنيسة في القرية، و "احتل" بيت لقبطي وتحول الى معهد ديني، وعشرات العائلات القبطية طردت من القرية.

 

        وهرع مرسي للنجدة. فقد سارع الى ارسال بعض من مستشاريه للمصالحة بين الطرفين، وأعلن بان ما حصل في دهشور لا يطاق. ولا يعبر الحديث عن موقف الشعب المصري، الذي يحب مواطنوه الواحد الاخر ولا يرغب اي منهم في سفك دم نظيره. كلمات جميلة، لا تهديء روع الاقلية القبطية الذين يعدون نحو 10 مليون مواطن ينتظرون لان يروا كيف سعالج الحكومة هذا الحدث، الاول من نوعه في عهد ولايتها. هذا اختبار أعلى للحكم، الذي أعلنت قيادته في حملة الانتخابات بانها ترى في الاقباط مواطنين متساوين وشركاء في القيادة. كما أن هذا هو تحد ايضا للادارة الامريكية، التي تفحص بعدسة مكبر سلوك الحكومة المصرية. في الماضي وقعت قطيعة شبه تامة بين إدارة بوش وحكم مبارك بسبب ادعاءات بالتمييز بحق الاقباط.

        ولكن الصدامات بين المسلمين والاقباط هي فقط أحد أسباب القلق من وهن الامن الشخصي. حدث وقع يوم الخميس الماضي يجسد التدهور الذي يخشاه المواطنون المصريون. فقد هاجم زعران المجمع الفاخر "أبراج نايل ستي" المجاور للنيل، المجمع التجاري والسياحي للقاهرة. وقتل في الهجوم شخص واحد، واصيب عدد من المواطنين وأفراد الشرطة. ومن التحقيق الاولي مع 17 مشبوه يتبين أن خلفية الهجوم كانت سعي الزعران الى تلقي الخاوة من ادارة الابراج التي بملكية الملياردير نجيب سواريس. ولما لم يلبى طلبهم فتحوا النار، القوا بزجاجات حارقة والحقوا ضررا بعدة ملايين بفندق بيرمونت وفي فرع بنك في النطاق.

        المثير للاهتمام هو أن هؤلاء الزعران، من سكان حي الفقر الرملة – بولاق، المجاور للابراج الفاخرة، استؤجروا منذ بداية الثورة من قبل إدارة النطاق لحماية المباني عندما كانت الشرطة وقوات الامن مشغولة بتفريق المظاهرات. والان، عندما هدأت المدينة، قررت الادارة وقف الدفعات لهم. مثل هذا الاعتداء، في وضح النهار، لا يهز فقط سكان القاهرة. حدث كهذا يمكن أن يوجه ضربة قاضية لخطة اعادة بناء السياحة التي تتقدم بها الحكومة الجديدة. واذا لم يكن هذا بكاف، ففي ذات اليوم نشبت مشادة "عادية" في بلدة ابو سليم في وسط بني سويف جنوبي القاهرة. هذه المرة الجنود هم الذين فتحوا النار على المواطنين الغاضبين، الذين ارادوا تفريغ غضبهم في جندي ادعوا انه مس بشرف فتاة. وكانت النتيجة ثلاثة قتلى بين المواطنين، مظاهرة كبرى ومطالبة الحكومة بتقديم الجنود الى المحاكمة وابعاد القاعدة العسكرية عن البلدة واعادة الارض التي تقوم عليها اليها.

        هذه المرة ايضا سارع مرسي الى تعيين لجنة مصالحة ضمت رجال دين، اعضاء برلمان (تعطل حاليا) ومستشارين. في عهد مبارك كان مفهوم "هيبة الدولة" معناه القمع. وزير الداخلية حبيب العدلي الذي يقدم الان الى المحاكمة على تعذيب المعتقلين وعلى الفساد كان يرمز في نظر المواطنين الى قبضة الدولة الوحشية التي كانت تعتقل، تحبس وتحاكم أو تعذب مواطنيها دون أن تكون مطالبة بتقديم الحساب. كما كانت هذه هي الفترة التي كان بوسع المواطنين فيها، وليس أقل من ذلك المواطنات، التجول في الشوارع، دون خوف تقريبا.

        الثمن الباهظ الذي دفعه المواطنون على هذا الامن الشخصي كان بين العناصر المركزية لثورة كانون الثاني 2011 واسقاط النظام. ويوجد للمصريين الان وزير داخلية جديد، احمد جمال الدين، الذي عين الاسبوع الماضي وتعهد في مؤتمر صحفي بمنح المواطنين المصريين الامن الشخصي وشن حرب ابادة على ظواهر الزعرنة والمس بالخدمات العامة. في القاهرة لا يحبسون أنفسهم، وينتظرون لرؤية كيف ينوي اعادة بناء "هيبة الدولة" دون ان يقمع المواطن.