خبر الخليل: معاناة المواطنين القاطنين في الشوارع المغلقة تتفاقم في رمضان

الساعة 07:10 ص|01 أغسطس 2012

الخليل

 

يحمل محمد الجعبري أنبوبة غاز وزنها أكثر من 40 كيلوغراماً في يوم حار من شهر رمضان عابراً الحاجز العسكري الإسرائيلي المؤدي إلى منزله في حارة مغلقة منذ أكثر من عشر سنوات في مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية.

ويقول الجعبري (44 سنة)، الذي يضطر مثل الآلاف غيره من سكان الأحياء المغلقة في هذه المدينة للوقوف ساعات في الحر الشديد على الحواجز العسكرية الإسرائيلية وهم صائمون، "أنا مضطر لعبور هذا الحاجز عدة مرات في اليوم واقطع يومياً مئات الأمتار لإيصال مستلزمات البيت التي لا املك أي وسيلة أخرى لإيصالها سوى حملها على كتفي والسير بها على قدمي".

ويحكي الرجل وهو يلهث من حمل الأنبوبة والذي يملك ورشة حدادة قريبة من منزله لوكالة فرانس برس، "قمت اليوم أنا وابني بنقل أكثر من نصف طن من الحديد إلى الورشة مشياً على الأقدام وبقينا نجرها في الشمس الحارقة لمدة ساعتين تقريباً".

ويتابع الجعبري المقيم في حارة الرأس وهو يتصبب عرقاً، "انظروا أي مأساة نعيش! تخيل أن تقوم بكل هذه الأعمال الشاقة في هذا الجو الحار وأنت صائم! يريدون ترحيلنا ولكننا لن نرحل وسنبقى صامدين في بيوتنا وسنصوم ونصلي مهما حدث ومهما كانت الصعوبات".

وقد أغلقت الكثير من الأحياء والشوارع الفلسطينية في مدينة الخليل عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في أيلول 2000 وأعلن الجيش الإسرائيلي بعضها "مناطق عسكرية مغلقة" يمنع دخول السيارات الفلسطينية إليها وحتى يمنع الدخول بشكل كلي إلى بعضها كشارع الشهداء وشارع السهلة وغيرهما.

وكان شارع الشهداء قد أغلق بشكل جزئي أمام الفلسطينيين عقب المجزرة التي ارتكبها المستوطن اليهودي المتطرف باروخ غولدشتاين في 25 شباط العام 1994 عندما أطلق النار على مصلين مسلمين في الحرم الإبراهيمي ما أدى إلى مقتل 29 منهم.

وبالإضافة إلى منع دخول السيارات الى الشارع قام الجيش الإسرائيلي بإغلاق عدد كبير من أبواب المنازل والمحلات الواقعة في تلك الأحياء عازلاً بذلك العديد من العائلات الفلسطينية عن بيوتها ما اضطر بعض هذه العائلات الى الرحيل بينما قامت اخرى بابتكار طرق غريبة وخطرة للوصول الى منازلها.

من هؤلاء زليخة المحتسب (45 عاماً) المقيمة في شارع الشهداء والتي اضطرت لفتح باب جديد على سطح منزلها واقامت سلالم حديدية نصبتها على اسطح جيرانها للوصول اليه بعد ان اغلق الجيش الاسرائيلي باب منزلها الرئيسي باللحام.

وتشرح المرأة أن بعض الجيران يضطرون إلى تسلق سلالم ثلاثة طوابق للوصول إلى منازلهم عبر فتحة من السطح مشيرة إلى أنها عملية صعبة ومعقدة وخطيرة مع خطر السقوط عن السلالم.

وتشير المحتسب "معاناتنا كبيرة والمشكلة ليست متعلقة بسكان البيوت فقط بل تشمل الزيارات المتبادلة أي صلة الرحم".

وتتابع، "أصبحت هذه الزيارات، المهمة من الناحية الدينية والاجتماعية وخاصة في رمضان، شبه معدومة بسبب صعوبة الوصول خاصة بالنسبة للنساء والأطفال فمثلاً قبل الإغلاق كنت اذهب الى بيت اخي في عشر دقائق أما الآن فاحتاج إلى حوالي ساعة للوصول إلى هناك".

ويقول الشاب احمد (19 عاماً) ابن محمد الجعبري، أن الحواجز "أثرت بشكل سلبي جداً على مجمل حياتنا من النواحي الاقتصادية والدينية والاجتماعية حيث أصبح الكثير من الناس خاصة كبار السن لا يذهبون الى صلاة التراويح وصلاة الفجر بسبب هذا الحاجز اللعين الذي يطيل المسافة".

وأوضح أنهم يتعرضون للتفتيش والاهانات من قبل الجنود عند دخولهم أو خروجهم خاصة في ساعات الليل. ويضيف، "لا نستطيع أن نتبادل الزيارات ولا أن نقيم ولائم رمضانية للأهل والأقارب. البعض أصبحوا يقيمون ولائمهم الرمضانية خارج هذا الشارع في حين قام آخرون بإلغائها بشكل نهائي".

ويؤكد "لم نعد نستطيع البناء ولا صيانة بيوتنا بسبب صعوبة إدخال مواد البناء ... حتى مياه الشرب تحتاج إلى تنسيق مع الجيش الإسرائيلي، فعلينا أن ننسق معهم لندخل صهريج مياه".

ويقيم نحو 190 ألف فلسطيني في الخليل الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، فيما يقيم حوالي 600 مستوطن في جيب داخل المدينة تحتله إسرائيل ويشكل ثلاثة بالمئة من مساحتها.

وتشهد الخليل التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي جزئياً في 1998 مواجهات واشتباكات متكررة بين الفلسطينيين والمستوطنين وقوات الاحتلال.