خبر الخيار الكردي- هآرتس

الساعة 08:49 ص|31 يوليو 2012

الخيار الكردي- هآرتس

بقلم: تسفي بارئيل

        (المضمون: بينما يدفع مئات المواطنين السوريين كل يوم الثمن بحياتهم في المعركة على حلب ودمشق – فان من سيصمم التحالفات الاستراتيجية بعد سقوط الاسد قد تكون بالذات النجوم الجدد - المصدر).

ترفع المعركة في سوريا الى الصدارة التاريخية نجوما جديدة. مناف طلاس مثلا، الجنرال الفار، الذي يناسب مظهره بطلا في فيلم هوليوودي اكثر منه ادارة ثورة، يتراكض بين تركيا، السعودية وفرنسا كي يجند لنفسه المؤيدين. طلاس يريد أن يكون رئيس الحكومة المؤقتة القادم، وعلى حد قوله فان السعودية وتركيا ايضا، التي التقى وزير خارجيتها يوم الخميس الماضي، يعتبرانه، مرشحا مناسبا.

من الجهة الاخرى، فان خالد مشعل، الذي ترك سوريا قبل بضعة اشهر، لا يزال يبحث عن عائلة تتبنى حماس. وقد التقى هذا الشهر "على نحو مفاجيء" مع زعيم الاخوان المسلمين محمد بديع. وحسب تقرير في صحيفة "روز اليوسف" المصرية عرض مشعل نقل معلومات هامة عن انتشار الجيش السوري، "المعلومات التي يمكنها أن تحسم المعركة في سوريا"، شريطة أن تحرر اسرائيل نحو 220 سجينا من حماس. ويسعى مشعل الى نقل المعلومات الى الولايات المتحدة من خلال زعيم الاخوان المسلمين، الذي حسب "روز اليوسف" بدأ منذ الان باجراء الاتصالات مع الامريكيين. وتروي تقارير اخرى من مصر بان مشعل اقترح على مرسي المساعدة في الحرب ضد الارهاب في سيناء.

هل الازمة في سوريا كفيلة بان تحدث انعطافة في مكانة مشعل ومكانة حماس الدولية ايضا؟ ففي الاسبوع الماضي التقى برئيس وزراء تركيا، رجب طيب اردوغان في حديث طويل استغرق خمس ساعات. ولم تتسرب بعد تفاصيل عن هذا الحديث، ولكن حليف ايران حتى وقت اخير مضى يبحث عن شركاء جدد، وتركيا كفيلة بان تكون هي التي تتوسط بين حماس والادارة الامريكية. فبعد كل شيء، اذا كانت الادارة الامريكية مستعدة لان تتعاون مع رئيس مصري من الاخوان المسلمين، فان بوسعها أن تكسب ايضا من اعتراف مشروط بحماس، كفيل بان يمس بمجال النفوذ الايراني.

مثل هذا السيناريو لا يخفى عن ناظر ايران، التي رغم تصريحاتها عن دعمها غير المتحفظ للاسد، تبحث لنفسها عن مواطيء قدم اقليمية بديلة، لعهد ما بعد الاسد. موضع اهتمامها ونشاطها ينصب الان على الاقليم الكردي في العراق، الكفيل بان يكون حلقة الاتصال بين ايران وبين الاقلية الكردية في سوريا، والتي تأمل عبرها في التأثير على سوريا المستقبلية.

قيادة الاقليم الكردي، برئاسة رئيسه مسعود برزاني، تخوض صراع جبابرة ضد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على خلفية ما يسمى "السلوك الدكتاتوري" للمالكي المدعوم من ايران. ولكن بين زعيم الاقليم الكردي، برزاني، والرئيس العراقي جلال طالباني المريض، يدور ايضا صراع سياسي. طالباني، المقرب من القيادة الايرانية، أحبط مؤخرا نية برزاني ومؤيديه تنحية المالكي، فيما ان برزاني، المقرب من تركيا أكثر، يواصل مساعيه لتغيير بنية السيطرة في العراق.

غير أن برزاني بالذات أثار حفيظة الاتراك عندما كشف النقاب في مقابلة مع شبكة "الجزيرة" بان ثوارا اكراد سوريين يتدربون في كردستان ويعودون الى سوريا للمشاركة في الصراع ضد النظام. ومع أن تركيا تشجع الصراع ضد الاسد، الا أنها تخشى من أن تقيم اقلية كردية مسلحة ومدربة اقليما كرديا مستقلال في سوريا، مثل الاقليم الكردي في العراق، يقوده حزب العمال الكردي، الـ بي.كي.كي، الذي تدير تركيا ضده حرب ابادة.

يوم الاربعاء سيصل وزير الخارجية التركي احمد داوداوغلو الى أربيل عاصمة الاقليم الكردي ليوضح لبرزاني بان تركيا لن توافق على ان تؤدي المساعدة العسكرية للثوار الاكراد في سوريا الى اقامة اقليم مستقل او يفتح مجال نشاط جديد لحزب العمال الكردي. وذلك بعد أن نشر اردوغان تهديدا، عشية سفره للمشاركة في احتفالات الالعاب الاولمية في لندن، بان "تركيا ترى من حقها الطبيعي التدخل في سوريا اذا ما أدى نشاط أطر ارهابية الى المس بأمنها".

        الصراعات الكردية الداخلية، والخلافات بين الاكراد وتركيا، تمنح ايران فرصة للعب دور سياسي جديد. ففي الاسبوع الماضي دعت الى طهران برهام صالح، النائب الكردي لطالباني، ونوشيروان مصطفى، زعيم الحركة الكردية للتغيير، التي تأسست في 2009 كمعارضة لقيادة طالباني، لفحص امكانية عقد حلف مع المعارضة الكردية. التقدير الايراني، كما يبدو، هو أن مثل هذا الحلف كفيل بان يشكل ليس فقط حلقة اتصال مع الاقلية الكردية في سوريا، التي أصبحت جهة ذات مغزى في الصراع ضد الاسد، بل وايضا كوسيلة ردع وحتى تهديد ضد تركيا التي تعكرت علاقاتها مع ايران على خلفية سياسة تركيا ضد الاسد. ايران، التي لم تعد واثقة كم من الوقت يمكنها أن تعتمد على طالباني، بسبب عمره وحالته الصحية، تتطلع ايضا الى أن تضمن ان يواصل العنصر الكردي في النسيج السياسي العراقي التأييد لحكومة المالكي وعلى اي حال لمكانة ايران في العراق.

        وهكذا، بينما يدفع مئات المواطنين السوريين كل يوم الثمن بحياتهم في المعركة على حلب ودمشق – فان من سيصمم التحالفات الاستراتيجية بعد سقوط الاسد قد تكون بالذات النجوم الجدد.