خبر الليكود أ، الليكود ب- يديعوت

الساعة 09:30 ص|29 يوليو 2012

الليكود أ، الليكود ب- يديعوت

بقلم: ايتان هابر

 (المضمون: الليكود أ وكثيرون آخرون منذ زمن بعيد لم يعودوا ينتمون لليكود، حتى وإن كانوا ينحشرون تحت مظلته، ولا سيما لاعتبارات الراحة. فلم تعد لهم القوة، الزمن والصبر لاقامة جسد سياسي جديد، مثابة الليكود ب، آخر، مختلف – المصدر).

في أحد ايام الاسبوع الماضي وُضعت على طاولتي رسالة عادية من تلك الرسائل التي تصلني بالأكوام. لم يكن أي شيء عاصف وجديد فيها، لو لم تكن موقعة بثلاث كلمات غير عادية: "باحترام تل حي". فمنذ نحو خمسين سنة لم اقرأ في الرسائل هذه الكلمات، التي من الناحية الوطنية كانت بديلا عن تحية "السلام" أو "السلام والى اللقاء".

"تل حي" كانت على مدى سنين وأجيال تحية عادية في اوساط اعضاء حركة بيتار، وبعد ذلك اعضاء ايتسيل السابقين واعضاء حركة حيروت. وقد قضت نحبها مع التحولات السياسية بمرور السنين، وبقيت، أساسا، مادة خام للمهرجين أو،كبديل، للاعضاء القدامى الذين رغبوا في التشديد باستخدام تحية "السلام" هذه على سنوات أقدميتهم في الحركة الوطنية، خلافا لآخرين ممن هرعوا الى عربة السلطة على سبيل كسب الغنائم.

وأكثر مما تدل التحية، التي تأخذ اسم "تل حي"، الذي كان من معاقل حركة العمل والاستيطان، على تقاليد قديمة، تدل – عند استخدامها بجدية كبيرة – ايضا على مُصدر التحية: شخص معلب، ينتمي الى أجيال اخرى سابقة ولكن يؤمن حتى العظام بالايديولوجيا الوطنية التي برأي الموقع أدناه قضت نحبها. يُخيل لي ان بين مئات آلاف المصوتين لليكود لا يوجد اليوم أكثر من خمسين، مئة بالحد الأقصى، يهنئون بجدية بتحية "تل حي". مئات آلاف مؤيدي الليكود لم يسبق لهم ان سمعوا في حياتهم عن هذا الشكل من تحية "السلام".

هذه ايضا هي صورة الوضع اليوم في السياسة الداخلية في اسرائيل: الليكود الأصلي، ليكود المحيين بتحية "تل حي"، ذاك الذي حلم ببلاد اسرائيل الكاملة وغيرها من الأحلام، يُعد اليوم بضع مئات من القابضين على الجمر، حُراس الأسوار، الذين بصعوبة يمكنهم ان يحققوا مقعدا أو اثنين في الانتخابات للكنيست القادمة، لو لم يدعمهم عشرات آلاف المستوطنين في يهودا والسامرة. البروفيسور بنتسيون نتنياهو الراحل كان هكذا. غيئولا كوهين، أطال الله عمرها، هي هكذا. اليكيم هعتسني، المبايي السابق، هو هكذا. وكما أسلفنا، اليوم يمكن ان نجد مثلهم أساسا في مستوطنات يهودا والسامرة. مناسب لهم أكثر ان يكونوا مؤيدين لـ "البيت اليهودي".

ليس صدفة أننا ذكرنا أسماء الأب والأم، بنتسيون نتنياهو وغيئولا كوهين. ابناهما، بيبي وتساحي، لم يعودا منذ الآن ذات الليكود أ، ومن ناحية الليكود إياه فانهما كافران أساسا: نتنياهو بقوله الشهير عن "الدولتين للشعبين" (حتى وإن كان لا يقصد تطبيقه، فليس له مغفرة على ذلك من جانب القدامى)، وهنغبي في جملة اقواله في السنوات الاخيرة. كلاهما هما مجرد مثالين عن آخرين تركوا من وراء ظهورهم الليكود أ، ليكود آبائهم ايضا، مثل دان مريدور، اهود اولمرت، تسيبي لفني، روني ميلو، روني بار أون، أريه ناؤور، زئيف بيلسكي وكثيرون آخرون. وحتى بني بيغن، حارس الأسوار رقم واحد للمعسكر الوطني، يبدي مؤخرا مؤشرات تبعث عن القلق لدى القدامى من الليكود أ.

ما الفرق بين مهنئي "تل حي" الليكود أ، وبين الأبناء والآخرين الذين هم، لغرض هذا المقال فقط، الليكود ب؟ رجال الليكود ب تولوا في معظمهم مناصب رفيعة المستوى، بما في ذلك في الحكومة، ووقفوا أمام الواقع في الجيل الأخير – وهذا لا يعترف بأحلام رجال الليكود أ. في الليكود ب يتلقون في السلطة المعلومات الحقيقية، يحللون، يستوعبون، ويفهمون جيدا بأن الليكود أ قضى نحبه، ولكن اعضاءه لا يزالون لا يعرفون ذلك.

الليكود أ وكثيرون آخرون منذ زمن بعيد لم يعودوا ينتمون لليكود، حتى وإن كانوا ينحشرون تحت مظلته، ولا سيما لاعتبارات الراحة. فلم تعد لهم القوة، الزمن والصبر لاقامة جسد سياسي جديد، مثابة الليكود ب، آخر، مختلف. ولكنهم منذ زمن لم يعودوا يحملون آراء الخمسينيات والستينيات بل وقبل ذلك. محادثات خاصةُ، "لغير النشر"، مع بعض من رجال الليكود ب تثير العجب عن المسافة التي تمكنوا من قطعها من بيت الأب والايديولوجيا الوطنية. بعضهم، دون انتباه، باتوا يتحدثون تقريبا مثل مئير فلنر، إستر فلانسكا وتوفيق طوبي في الستينيات والسبعينيات في الكنيست.

ماذا يفعل الاشخاص الذين باتوا ينتمون ومنذ زمن بعيد لليكود ب داخل الليكود أ؟ بعضهم حاول ان يقيم "كديما" كليكود ب. آخرون "يتذمرون" من "الوضع" ويئسوا من سلامته السياسية. فقد ماتوا سياسيا.