خبر غياب العدالة وانهيار الأنظمة.. يحيى المدهون

الساعة 02:06 م|28 يوليو 2012

يحيى المدهون

معاملة الناس كافة معاملة واحدة دون تمييز وتفضيل بسبب الانتماء الحزبي أمر صعب وبعيد المنال، لأن الانتماء الحزبي في وطننا الحبيب أصبح ضرورة كي يضمن الفرد حقه في العمل والمساهمة في بناء وطنه دون مراعاة معايير الكفاءة والجدارة في العمل، وغياب النزاهة والشفافية في تدبير شؤون الناس، وإتاحة الفرصة أمامهم لإثبات أنفسهم وقدرتهم على خدمة مجتمعهم، لذلك تشهد الحالة الفلسطينية هيمنة فئة محددة تتمتع بكل الامتيازات، والرواتب، والثروات، وتتصرف بطريقة غير عادلة تضر بمصالح المجتمع وتهدد استقراره، نتيجة إصرار أصحاب الرؤى الحزبية الضيقة على اتخاذ القرارت التي تضمن بقائهم في الحكم أكبر فترة ممكنة حتى يواصلوا سيطرتهم وهيمنتهم على الناس، وهضم حقوقهم، والتفنن في تعذيبهم وإقصاءهم وتهميشهم.

لا أحد ينكر أن أهم أسباب اندلاع الثورات في الوطن العربي، غياب العدالة الاجتماعية بين الناس وتفشي مظاهر سلبية كالمحاباة، الواسطة، الرشوة، والمحسوبية وفي هذا المقام نُذكر بالشعار الذي رفعته الثورة المصرية  عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية، لتهز عروش الظلم وتحطم أنظمة الظلم والطغيان التي أسهمت بشكل كبير في إعاقة تطور المجتمعات وشلت قدرتها على العمل وخلقت أجواء من عدم الثقة لدى المواطن العربي الذي انتفض أخيراً لتحرير نفسه من ويلات الطغاة والمفسدين وأشعل ثورات أذهلت العالم، ليمحو عن نفسه عار الصمت المخجل الذي استمر لعقود وأزمانٍ طويلة، ويؤكد أن الظلم مهما طال طغيانه مصيره إلى زوال.

فالناس لم تعد تحتمل القمع والاستمرار في حرمانها من العمل والمشاركة في بناء أوطانهم، ولن تقبل المساس بحقوقها الأساسية وتريد أن تحيا حياة كريمة، وترفض الاستعباد والتسلط وتنبذ كل أشكال التمييز والاضطهاد والحرمان التي تضر بشدة في المصلحة الوطنية وتتنافى مع الأعراف والقوانين الدولية وتزيد من حدة الاحتقان والغضب وتمرد الجماهير على السلطات الحاكمة والرغبة في خلعها والتخلص منه؛ لتؤكد على حقها الطبيعي في العيش بحرية وكرامة في وطن ديمقراطي حر ينعم بالمساواة في ظل عدالة اجتماعية تحافظ على الوطن وتضمن توزيع عادل لثرواته.

لقد تشبع المجتمع بالوعود الكاذبة، والشعارات الزائفة، وبفقدان الثقة في وطن تهيمن عليه الواسطة والمحسوبية وحكومات عاجزة عن تلبية حاجات المجتمع بمتطلباته الأساسية، وغير قادرة على إعطاء المواطن فرصته ليشارك في بناء وطنه، فهذه  دعوة مفتوحة للسلطات القائمة على الوضع كي تبذل جهدها في تقديم كل ما هو مفيد ونافع  لتحسين الظروف المعيشية للمواطن، وتوفير فرص عمل متكافئة لجميع أفراد المجتمع على أساس العدل والمساواة، دون تفضيل أحد على آخر للاستفادة من جهود المخلصين في بناء وطن متماسك ينعم بالأمن والاستقرار وتسوده روح الألفة والأخوة بين الناس.