خبر خلفيات الثرثرة الإسرائيلية بشأن السلاح الكيماوي السوري -هآرتس

الساعة 08:03 ص|23 يوليو 2012

بقلم: عاموس هرئيل

(المضمون: نتنياهو وباراك يبالغان في تهديد الاسلحة الكيماوية السورية  في جولة اخرى من إثارة نار القلق الامني الدائمة لأغراض داخلية– المصدر).

        رغم الجدال الذي لا ينتهي في مسألة الهجوم على ايران، فان أهم الاهتمام الاسرائيلي هذه الايام ينصب على ما يجري في الساحة الشمالية. ويشهد على ذلك كثرة زيارات كبار مسؤولي جهاز الامن لفرق قيادة المنطقة الشمالية. فقد تجول رئيس الاركان بيني غانتس في فرقة 91 على الحدود اللبنانية أمس. وزار وزير الدفاع ايهود باراك في الفرة 36 في هضبة الجولان يوم الخميس الماضي.

        وتعلن اسرائيل الان علنا عن قلقها مما ينتظر مخزونات السلاح الكيماوي وصواريخ الجيش السوري مع انهيار حكم الرئيس بشار الاسد. وفي المشاورات التي اجراها باراك وغانتس في الايام الاخيرة كان هناك اتفاق في الرأي على أن نهاية النظام السوري الحالي يبدو في الافق. الموعد فقط لا يزال غير واضح. والسبب الاخر للقلق في الجبهة الشمالية يتعلق بحزب الله (الذي هو ايضا محطة الهدف الاساس لنقل السلاح من سوريا) – التخوف من محاولة المنظمة الشيعية تنفيذ عملية اخرى ضد هدف اسرائيلي في خارج البلاد، في اعقاب العملية الانتحارية في حافلة السياح في بلغاريا الاسبوع الماضي. نجاح آخر لحزب الله أو حتى الرغبة في ردع المنظمة من مغبة محاولة القيام بعملية اخرى، كفيل بان يشجع على عملية اسرائيلية ضد أهداف لحزب الله في لبنان.

        وتعرض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الاسبوع الماضي للانتقاد على تسرعه في اتهام ايران بتنفيذ العملية في بلغاريا وتسرعه في تغيير العنوان في الغداة ليصبح حزب الله. ليست هذه هي المرة الاولى التي يتهم فيها نتنياهو ايران بالمسؤولية عن العمليات. فقبل أقل من اسبوع من ذلك نشر رئيس الوزراء بيانا مشابها فور الكشف عن العملية في قبرص بان الرجل الذي اعتقل للاشتباه بالضلوع فيها هو الاخر على ما يبدو رجل حزب الله.

        اما عمليا فيبدو أن هذه ليست الحالة التي يتعين علينا فيها النزول باللائمة على نتنياهو. ففي كل ما يتعلق بالارهاب في خارج البلاد يدور الحديث عن اثنين يكاد يكونا واحدا. التنسيق بين جيش "القدس" التابع للحرس الثوري الايراني وبين جهاز العمليات التابع لحزب الله في خارج البلاد هو تنسيق وثيق جدا. في معظم الحالات (نحو 20 احباط لمحاولات القيام بمثل هذه العمليات سجل في السنوات الاخيرة) يدور الحديث عن كونفدرالية تتكون من الجهتين.

        مفهوم بقدر أقل وابل تصريحات القيادة الاسرائيلية عن الاحداث في سوريا وفي بلغاريا. فباراك، الذي زار يوم الاحد متجندين  للواء غولاني في مركز التجنيد، صرح مرة اخرى بان "دولة اسرائيل لا يمكنها أن تقبل نقل منظومات سلاح متطورة من سوريا الى لبنان" وأعلن باننا نقف أمام "حملة عالمية لتصعيد الارهاب"، يقودها حزب الله، بالهام من ايران. اما نتنياهو، ففي بداية جلسة الحكومة وعد بمواصلة "الكفاح بقوة ضد الارهاب، منفذيه ومرسليه".

        في حالة باراك، تعد هذه هي المرة الثالثة التي يتناول فيها الحدثين منذ يوم الخميس: سبقها، الى جانب الزيارة المغطاة اعلاميا في هضبة الجولان، سلسلة مقابلات لثلاث قنوات تلفزيونية يوم الجمعة. اما نتنياهو فأجرى مقابلة صحفية أمس مع شبكة "فوكس" وحذر من أن وجود سلاح كيماوي لدى حزب الله مثل كمثل وجود مثل هذا السلاح لدى القاعدة. وعن العملية في بلغاريا قال رئيس الوزراء ان لاسرائيل معلومات ثابتة عن أن الانتحاري كان رجل حزب الله وأن "على الارهابيين أن يدفعوا الثمن". ويثير كل هذا السؤال اذا كانت القيادة الاسرائيلية بالفعل ترغب في العمل ضد النوايا المحتملة من جانب اعدائها، لردعهم من مغبة تحقيق هذه الافكار ام ربما فقط الحديث في ذلك. محظور بالطبع الاستخفاف بالتطورات الاخيرة في المنطقة. ولا ريب ان اسرائيل تقف امام واقع مركب، فيه جملة من المخاطر وخطورتها تفوق معظم ما شهدناه في المنطقة. والسؤال هو اذا كانت سلسلة التصريحات العلنية تخدم حقا شيئا ما (فهل مثلا ستردع تصريحات نتنياهو وباراك حزب الله من اطلاق هجمة ارهابية اخرى؟) ام ان هدفها المركزي هو على الاطلاق تغذية النار الدائمة للقلق الامني. يخيل أنه في الطبعة المقلصة، تجري الان حول حزب الله وسوريا ما يحصل منذ نحو سنتين على التوالي حول التهديد النووي الايراني.

        الواقع الامني مقلق حقا – وواضح أن القيادة السياسية لم تخترع ايا من المخاطر التي من شأنها أن تتصدى لها، ولكن من الجهة الاخرى، من الصعب تجاهل السرعة التي بدأت فيها العاصفة حول تجنيد تلاميذ المدارس الدينية، ما أن غُمرنا مرة اخرى بأنباء سيئة على خلفية أمنية. مشكوك فيه أن يكون نتنياهو يأسف لهذا التغيير في جدول الاعمال الوطني.