خبر زيارة كلينتون: بين مصر وايران.. اسرائيل اليوم

الساعة 08:17 ص|19 يوليو 2012

بقلم: زلمان شوفال

(المضمون: أعلنت كلينتون ونتنياهو ان امريكا واسرائيل متفقتان في شأن ايران، لكن ليس واضحا هل يظل الوضع كذلك في المستقبل - المصدر).

هبطت هيلاري كلينتون وزيرة خارجية الولايات المتحدة النشيطة عندنا بعد زيارة سريعة لمصر وجولة مركزة في أطراف الصين. وتحدثت في منغوليا عن الديمقراطية وأكدت في لاوس وفيتنام وكمبوديا التزام امريكا بحماية حرية الملاحة في جنوب المحيط الهاديء.

لكن نشاط الولايات المتحدة الدبلوماسي والسياسي النشيط في الشرق الاقصى خاصة يُبرز عدم القدرة والبلبلة اللذين ميزا سياستها في الشرق الاوسط احيانا وهي منطقة لا تقل حيوية بالنسبة اليها. كانت مصر مثالا بارزا على البلبلة في السنين الاخيرة، وقد تميزت سياسة واشنطن نحوها بمعلومات استخبارية مختلة وأمل باطل وأشواق لا أساس لها وتوجهات عقائدية غير واقعية لادارة بوش (الابن) والرئيس اوباما في "خطبته في القاهرة". وكان لتخلي الادارة الامريكية عن الرئيس مبارك ثمن ولا سيما في أجزاء اخرى من العالم العربي.

لكن اذا تجاوزنا الأخطاء والاخفاقات النقطية فانه يتبين سؤال أكثر أساسية يتعلق بالتفسيرات التي تمنحها واشنطن للربيع العربي وتأثيراته في المستقبل. كتب ريتشارد هاس الذي كان يرأس المجلس الامريكي للسياسة الخارجية الذي كان مسؤولا في الماضي عن الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي للرئيس بوش (الأب)، كتب في هذه الايام يقول: "يصعب ان نفترض ان يكون للربيع العربي نهاية جيدة، ولا يوجد مكان يتضح فيه هذا بصورة أفضل مما في مصر". ان الشيء الواضح حقا هو ان الادارة الامريكية لم تتوقع ان تُغرق احزاب اسلامية جميع أجزاء العالم العربي تقريبا حيث أُسقطت النظم السابقة، ولهذا تجهد اليوم بأن تعزي نفسها بوجود "جهات معتدلة" بين الاخوان المسلمين وبأن الثوار في هذه البلدان قد دفعوا بالديمقراطية الى الأمام، على كل حال. وعضت السيدة كلينتون شفتيها بل امتدحت الحكام الجدد في مصر برغم التجربة الشخصية غير اللذيذة التي جربتها هناك.

لكن المتيقظين والذين هم أكثر واقعية في وزارة الخارجية وفي وسائل الاعلام الامريكية، برغم أنهم ما يزالون الى الآن يتملقون الربيع العربي، عندهم أوهام أقل. وقد كتب في الاسبوع الماضي محرر الخارج لصحيفة "واشنطن بوست"، جاكسون ديل، يقول: "ان أجندة مرسي والاخوان المسلمين ديمقراطية في ظاهر الامر فقط لأنها في الحقيقة معادية للغرب عداءا أساسيا... ولن يستطيع هؤلاء ان يظلوا شركاء مخلصين لامريكا زمنا طويلا".

ان استنتاج هذه العلاقات اذا هو انه يجب على الولايات المتحدة ان تحدد لنفسها ما هي مصالحها الرئيسة ومنها السلام بين مصر واسرائيل من غير ان تجرها أوهام تتعلق بخصائص الحكام الجدد في القاهرة وفي الاماكن الاخرى في الشرق الاوسط، وان تشترط كل مساعدة اقتصادية وتعاون في مجالات اخرى بالاستجابة للمطالب الامريكية. وهم يعتقدون ايضا ان على الولايات المتحدة ان تقوي علاقاتها بالحليفات اللاتي بقين لها في المنطقة في اشارة الى السعودية وتركيا واسرائيل. واذا أردنا الحكم بحسب ما قالته السيدة كلينتون في القاهرة والقدس فان هذا هو توجهها الأساسي ويشمل هذا موضوع السلام المصري الاسرائيلي. ولهذا فان اصلاح العلاقات بين تركيا واسرائيل هو مصلحة امريكية ايضا.

جاءت كلينتون الى القدس بعد نهاية مسار تجوالها الطويل وكانت فرصة للطرفين لأن يبحثا بتوسع شؤونا ذات صلة أولها مصر وايران. وقد أوضح رئيس الوزراء بشأن هذه الاخيرة لمحادِثته ان لاسرائيل تحفظات جدية تتعلق بالمحادثات التي لا أساس لها بين "الخمس زائد واحدة" وطهران، واقترح في هذا السياق انه ينبغي على الأقل رفع مستوى العقوبات فورا، بل انه قدم مقترحات محددة في هذا الشأن.

أعلنت وزيرة الخارجية الامريكية ورئيس الوزراء ان "امريكا واسرائيل في الصفحة نفسها بشأن ايران"، ومن المؤكد ان هذا صحيح من جهة مبدئية، لكن ليس واضحا هل سيكون هذا هو الوضع اذا قلبوا الصفحات الى الأمام... وأُثير الشأن الفلسطيني ايضا، لكن لم يكن واضحا للطرفين فقط ان تناول هذه القضية غير مريح الآن من جهة سياسية لأحد من ذوي الصلة بهذا الشأن ولا لأبو مازن، بل كان واضحا ايضا انه ليس لهذا الشأن الآن تأثير حقيقي في سائر الأحداث في المنطقة.