خبر عناق الدب من كلينتون- معاريف

الساعة 08:19 ص|17 يوليو 2012

عناق الدب من كلينتون- معاريف

بقلم: ايلي أفيدار

المستشار السياسي السابق لارئيل شارون ومندوب اسرائيل في قطر

        (المضمون: خير كانت تفعل الادارة الامريكية لو كانت هنأت الشعب المصري على الانتخابات الديمقراطية وأبلغته بانها ستختبر الرئيس الجديد حسب سياسته. اما العناقات، اذا كان لا بد منها على الاطلاق، فلا يجب أن تتم الا وفقا للظروف والاوقات - المصدر).

        لم تهدأ اصداء الانتخابات متقاربة النتائج للرئاسة المصرية حتى سارعت وزيرة الخارجية الامريكية الى الهبوط في القاهرة ولقاء الرئيس المنتخب محمد مرسي. في المرة السابقة وصلت كلينتون الى مصر فور سقوط مبارك. في حينه رفض ممثلو الاخوان المسلمين وشباب الثورة اللقاء بها. اما هذه المرة فقد هوجمت القافلة الامريكية بالبندورة والاحذية التي القيت عليها من متظاهرين في الاسكندرية، وهو حدث رمزي مشكوك أن يكون مجديا للضيوف او للمضيفين.

        دوافع البيت الابيض شفافة: قبل أربعة اشهر من الانتخابات لا يمكن للادارة ان تسمح لنفسها بان تعتبر كمن فشلت في ادارة العلاقات مع أكبر وأهم الدول العربية. واذا كان ترك مبارك لمصيره أدى الى صعود الاخوان المسلمين، فان عناق الدب الامريكي يأتي للايضاح بان كل الابواب بقيت مفتوحة امام ممثلي واشنطن. ولكن لهذا النهج ثمنا باهظا: فلم يعلن بعد عن تشكيلة الحكومة، ولم تتخذ بعد خطوة دبلوماسية هامة اولى، واذا بالولايات المتحدة تقف على الباب. هكذا تضرر موقف المساومة الامريكي تجاه النظام الجديد ومعه سيختفي أيضا ما تبقى من التقدير الذي كانت القوى السياسية في القاهرة تكنه له.

        الرئيس مرسي أيضا، بتقديري، لم يكن مرتاحا من الزيارة. ففي العالم العربي يفضلون الدبب في الغابة، وليس في اللقاءات الدبلوماسية. وكي لا يدعو الاخوان المسلمون مرسي من الان فصاعدا خائنا كلما عمل باعتدال فان عليهم أن يشعروا بحجم المسؤولية التي القاها فوزهم عليهم. فضلا عن ذلك لا توجد أي ضمانة في أن يبقى الحكم الجديد على قيد الحياة لزمن طويل. فالرئيس مرسي يقف أمام مشاكل هائلة، ولا سيما اقتصادية، والصندوق الامريكي الذي تأسس لن يحل أزمات بلاده. فهو لن يوفر العمل لمئات الاف خريجي الجامعات، لن يسمح للاباء بان يدفعوا مهور الزواج لبناتهم، ولن يزيد مستوى دخل العامل او يدفع البنوك الدولية لاقرار قروض للمشاريع في مصر.

        مرة اخرى تنكشف عميقة الهوة الواسعة بين الغرب والعالم العربي. حتى عندما يحيي الغرب خطوة التحرر والتحول الديمقراطي، فانه يسارع الى عقد اللقاءات، "فتح الحوارات". الغرب معني ببرامج مشتركة اما العالم العربي فيعتقد أن هذه جولة جديدة من الاستعمار ويرد على ذلك بالتوجه الى آفاق متطرفة أكثر فأكثر.

        في وضع الامور الحالي، كل شيء تقريبا تقوله كلينتون في القاهرة سيحدث ضررا أكثر مما يجدي نفعا. مد اليد الى مرسي سيجعل الامر صعبا عليه فقط، أما دعوة وزيرة الخارجية العلنية للرئيس للوصول الى تفاهمات مع المجلس العسكري الاعلى فستدفع الجمهور المصري الى أن يرى في المجلس جهة ضعيفة يعتمد على قوى خارجية. الحل الوحيد هو متابعة الاحداث من بعيد والتدخل فقط انطلاقا من موقع قوة. اما العجلة، كما يقول العرب ايضا، فهي من الشيطان. خير كانت تفعل الادارة الامريكية لو كانت هنأت الشعب المصري على الانتخابات الديمقراطية وأبلغته بانها ستختبر الرئيس الجديد حسب سياسته. اما العناقات، اذا كان لا بد منها على الاطلاق، فلا يجب أن تتم الا وفقا للظروف والاوقات.