خبر 'نصر الله 33' في ايران! ..محمد صادق الحسيني

الساعة 10:47 ص|16 يوليو 2012

ـ القدس العربي

عندما يقول السفير الامريكي الاسبق لدى الامم المتحدة جون بولتن لصحيفة 'دويشة الجماينة' الالمانية: ان كل الخيارات لمحاصرة ايران والتضييق عليها بهدف اضعافها ناهيك عن اسقاط نظامها ذهبت ادراج الرياح وها نحن قد وصلنا الى نهاية الطريق، وحدهما بوش واوباما لا يريدان تصديق ذلك'!

وعندما يستمر الحوار المدعم بالبراهين والادلة الدامغة في اسطنبول لمدة تتجاوز السبع عشرة ساعة بين فريق من الخبراء الايرانيين النوويين وبين خبراء الدول الست ومعهم خبير يعمل لدى البارونة الانكليزية كاترين اشتون اي ابتداء من الساعة العاشرة من صباح يوم الثلاثاء الثالث من يوليو حتى الثانية فجرا من يوم الاربعاء ليصل الامر باحدهم للقول: حقيقة لم يعد لدينا ما نقوله، ولكن الا يمكنكم ان تغلقوا منشأة فردو 'النووية' قرب قم هكذا كبادرة حسن نية لنقول اننا انجزنا شيئا!

وعندما تصل الامور بالامريكيين ارسال اكثر من موفد سري وعلني بشكل مباشر والواسطة عبر البعيد الغريب والجار الوسيط: ان خففوا من حدة الاشتباك اللفظي حول مضيق هرمز لان هذا بدأ يرهق حملة اوباما الانتخابية، واننا جاهزون للدخول في حوار جدي معكم عبر مجموعة الخمسة زائد واحد، وان اردتم بالمباشر ولكن بعد نجاح اوباما ' كما تؤكد قنوات الاتصال والوساطات المتعددة!

وعندما يصل الامر بالاسرائيلي للشعور بخطر حصار بحري عسكري وتجاري يمكن ان يتعرض له كيانه بواسطة صواريخ ياخوت الروسية التي وصلت الى حزب الله عن طريق روسيا في حال حصول اي مواجهة جديدة، كما تؤكد اجهزة الاستخبارات الصهيونية!

اليس من حق القائد العام للقوات المسلحة الايرانية الامام السيد علي الخامنئي وقتها ان يقول: انكم ليس فقط لم تتمكنوا من كسر شوكتنا طوال الثلاث وثلاثين سنة من الحصار، بل اننا اصبحنا مائة مرة اقوى مما كنا عليه في الايام الاولى للثورة؟!

ومن ثم اليس من حقنا بعد ذلك كمراقبين ومتابعين ومحللين ان نسأل انفسنا بالقول: ما الذي يجعل هذا القائد العسكري المشرقي ان يتخذ قرارا علنيا واضحا وشفافا ترجمته 'امر عمليات يومي' مفاده: ان قرارنا من اليوم فصاعدا هو تقديم كل اشكال الدعم والاسناد لكل محارب او مقاتل او مناضل ضد الصهيونية والكيان الاسرائيلي والامبريالية الامريكية في كل مكان، ولن نكترث بعد الان بما يقال هنا او هناك من 'المرجفون في المدينة' باي شكل او صورة ظهروا!

اعتقد ان ثمة امرا خطيرا تغير في المنطقة منذ حرب الثلاثة وثلاثين يوما لم يتوقف عنده الا القليلون من اولي الابصار!

في تلك الحرب الشيطانية الاستكبارية التي شنت في العام 2006 م بقرار من الادارة الامريكية بواسطة ربيبتها 'اسرائيل' والتي كان الهدف منها بعد القضاء على حزب الله، الزحف الى دمشق وصولا الى طهران، حيث الجائزة الكبرى التي كان يحلم ويصرح بها بوش الصغير علنا، ليس فقط لم يفلح صاحب شعار الحرب الصليبية الجديدة في خطوته الاولى بسبب الصمود الاسطوري لامة حزب الله اللبنانية والعربية والاسلامية، بل ان ما حصل كان امرا اخطر من ذلك بكثير!

'ان ابرز تحول خطير حصل يوم نجح حزب الله في صد تلك الحرب الكونية، هو انه تم تكريس ايران قوة اقليمية عظمى في مياه المتوسط!

وهذا الكلام ليس من عندنا، بل انه ما اكده لنا الكاتب والصحافي المصري الكبير محمد حسنين هيكل عندما زرناه في عزبته في برقاش بعد انتصار الثورة المصرية بالقول: 'اسمعوني جيدا انا لست رجل ايديولوجيا ولا تهمني كثيرا مقولة ولاية الفقيه، انا مؤرخ اقولها لكم بصدق ان اخطر ما حصل منذ حرب الثلاثة وثلاثين يوما هو انكم وصلتم الى المتوسط واقمتم فيه، وهذا هو ما يقلق امريكا وقوى التحالف الغربي معها، وهذا يعني تحولا جيواستراتجيا خطيرا، لذلك ما اوصيكم به هو التمسك بكل ما تملكون بالحلف الاستراتيجي مع حزب الله وعدم السماح بسقوطه او سقوط الدولة والنظام في سورية ...'!

ولما كنا نعيش ايام النصر الالهي المجيد في مثل هذه الايام لابد من الاشارة الى ان ثمة تحولا كبيرا آخر حصل على المستوى الداخلي الايراني لا يقل اهمية عما حصل على المستوى الخارجي كما يعتقد البعض خلاصته: ان ايران قد استعادت بفضل هذا النصر الكبير قوامها الوطني الداخلي كما اعادت احياء نظرية ولاية الفقيه التي يقوم عليها نظامها بفضل ما حصل في لبنان، بعد محاولات داخلية وخارجية شتى كانت تسعى جاهدة للانقضاض على هذه النظرية في محاولة لاعادة ايران خمسة قرون او اكثر الى الوراء!

نقول خمسة قرون الى الوراء ذلك لان الفيلسوف الكبير الشهيد مرتضى مطهري وكما يقول في تحقيقه التاريخي بان من اتى باللبنة الاولى لنظرية ولاية الفقيه الى ايران قبل نحو خمسة قرون هم علماء جبل عامل اللبنانيون من المحقق الكركي الى بهاء الدين العاملي وغيرهما والذين لولاهم لكانت ايران الحديثة ليست سوى مجموعات من الفرق الصوفية الاقلاوية المتناثرة والتي لا يجمع فيما بينها اي جامع وطني او قومي او ديني قوي يشكل عمود القوام الوطني للدولة الحديثة!

يقطع المتابعون والمحللون والمحققون لما جرى في اسطورة صمود المقاومة الاسلامية في حرب الثلاثة وثلاثين يوما بان واحدة من اهم نتائجها هو اعادة اللحمة الوطنية والدينية الثورية لايران الدولة والمجتمع الحديث، بعد ان كانت تتقاذفها الرياح والعواصف من كل جانب! الاسرار والمفاجآت والكلام حول هذا الجانب من نتائج حرب تموز كثيرة والمستقبل كفيل بشرح الكثير منها عندما يحين وقت الكلام المباح حولها!

لكن القدر المتيقن مما يمكن الاشارة اليه لماما في هذا السياق هو ان هذه الحرب كانت الحد الفاصل وخط التماس بين ما كان يعد للاطاحة بمشروع المقاومة والقرار الوطني المستقل او الاستقلال الوطني للدول المتحررة والحرة، وبين ما هو قائم اليوم من مشروع انهاء عصر الاحادية والهيمنة الامبريالية الامريكية على يد قوى وجماعات وحركات باتت جزءا من منظومة عالمية يصعد نجمها مقابل افول نجم العالم القديم والعجوز ابتداء من واشنطن مرورا بقياصرة اوروبا وصولا الى مشيخات البترودولار المهترئة والتي باتت اشبه ما تكون بـ 'اعجاز نخل خاوية' رغم كل كتل الحديد والنار والدمار التي تمتلكها!