خبر لتشكيل لجنة تقصي حقائق حول أزمة الكهرباء بغزة..!

الساعة 06:50 م|15 يوليو 2012

كتب : أكرم عطا الله

من حق الناس معرفة كيف يقودهم النظام السياسي، من حقهم أن يعرفوا إذا كان هناك تلاعب أم أن من يحكمهم يبذل أقصى جهده في خدمتهم، وهذه المعرفة لا تعتمد عادة على معلومات يقدمها النظام نفسه، ففي كل الأنظمة جهات رقابية تتابع وتراقب وتدقق وتضع تقييمها لجودة أداء السلطة الحاكمة، فمن هو الرقيب على حكومة قطاع غزة وأدائها ؟
 الحكومة في غزة تقول أنها تقدم أفضل خدمة لمواطنيها، فقد نشرت لافتات في كل شوارع غزة تعلن عن ذلك، ولا يكف مسؤولوها عن التأكيد على أن ما تقدمه الحكومة بالقطاع هو أفضل كثيرا ما تقدمه دول بإمكانيات أكبر، ولا تعرف الحكومة أن الذي يحكم على جودة الطعام هو الزبون الذي تقدم له الوجبة وليس الطباخ، فالطباخ يعتقد أنه قدم أفضل ما لديه وليس هناك من ينافسه، هكذا دائما وإلا توقف عن مهنة الطبخ، لكن المتذوق هو من يقرر مستوى جودة الطعام، من يدور في شوارع غزة لا يحتاج إلى كثير جهد ليدرك الفارق بين تقييم الطاهي ومن يأكل الوجبة.
 إذا ما سلمنا بأن معظم أزمات قطاع غزة هي أزمات وصل إليها النظام السياسي الفلسطيني نتاج عجزه عن قيادة شعبه بشراكة وطنية كان يمكن أن تعفي شعبه من أن يكون حقل تجارب لفصيلين عجزا عن تشكيل نظامه السياسي وحكمتهما ثقافة الإقصاء والإلغاء، وفشلا في التوحد وقيادة السلطة الفلسطينية التي تعصف بها أنواء الاحتلال، وفشلا في إرسائها على شاطئ التحرير واستعادة الكرامة المفقودة لنكتشف أن هناك من أصر على تحميل الشعب كوارث جديدة لم تكن بالحسبان وكأنه لا تكفي مصائب الاحتلال.
 كلنا يعرف أنه لولا الانقسام لكان معبر رفح يعمل على مدار الساعة ولتوقف هذا الطابور الطويل والحزين منذ سنوات ولأعفينا أنفسنا عن آلام الازدحام وضياع فرص العمل للمغتربين والطلاب، ولتوفر للمرضى سفر أقل ألما وسط صراخ الأطفال وبؤس النساء والرجال، فهل يتخيل أحد أن المواطن من أجل السفر يحتاج إلى شهر من الحجز والمعاناة وليس مضمونا أن يسافر أيضا إذا ما حصل طارئ لتتأخر الكشوف دوماً بعد أن يكون قد رتب مواعيده الخارجية والتحاقه بالعمل وحجز طيرانا في يوم محدد، وكم من تذاكر السفر دفعت مرتين. وكان بإمكاننا أن لا نعيش هذا الكابوس ولا أحد يبرر، غير أن أزمة المعبر هي أزمة فلسطينية بامتياز، فمنذ أيام الرئيس المعزول حسني مبارك كان يقال للفلسطينيين "حلوا مشاكلكم واستلموا معبركم" ولم نكن بانتظار ثورة إقليمية لتحل لنا ما كان في متناول اليد أصلا ولسنا بانتظار الرئيس مرسي ليفتح المعبر، وهل فتحه الآن يعفي مسؤولية معاناة السنوات الخمس .
الكهرباء أم الأزمات في غزة وسط جحيم الصيف والحرارة التي يقول من عاشوا في الخليج أن هذه المنطقة أصبحت تشبه مناخ دول الخليج صيفاً، وعلى أبواب رمضان يبدو الأمر أكثر كارثية حين تصحو سيدة البيت تحضر سحورها على ضوء الشموع، وحين يصرخ الأطفال طوال الليل من شدة الحر الذي يحرمهم من النوم حتى من مروحة تحرك هواء ساخناً.
 وفي الخليج يتحرك الناس من البيت للعمل للسيارة في أجواء مكيفة وغير ذلك لا يمكن تحمل الحياة، وهكذا أصبحت الحرارة في غزة. وهناك في غزة من يتحرك بين بيته وسيارته ومكتبه وسط أجواء مكيفة بعيدة عن معاناتها، لكن الغالبية العظمى تعيش الحياة جحيما ولا مهرب سوى حل أزمة الكهرباء الذي انتظرته طويلا، وفي كل مرة وعود بالحل أفقدت الناس الثقة بمن يردها وفقد هؤلاء مصداقية الحديث عن أزمة الكهرباء.
 عندما يدخل السولار الصناعي من الأنفاق بين غزة ومصر تتوفر الكهرباء لثماني ساعات فقط، وحين يدخل من الأنفاق والموانئ الإسرائيلية أيضا ثماني ساعات وحين يتم إدخاله من الأنفاق ومن إسرائيل ومن قطر أيضا ثماني ساعات، ألا يمكن الشك بأن هناك أزمة إدارة في أحسن الأحوال إذا ما أخذنا بحسن النوايا ؟ فحينما كان السولار يتم شراؤه من المعابر مع إسرائيل كان الوضع أحسن، فكيف يسوء الوضع إذا ما كان هناك أكثر من جهة تورده، وإذا كان الوقود القطري لا يكفي وهو مجاني فلماذا لا يتم شراء ما ينقص من إسرائيل وخاصة أن فواتير الجباية لم تتوقف.
 أسئلة كثيرة على أداء شركة الكهرباء وسلطة الطاقة وعلى لسان كل مواطن يفرضها جحيم الحر وسبق أن طالب خليل أبو شمالة مدير مؤسسة الضمير بالكشف عن مخزون الاحتياط متهما شركة الكهرباء بإخفاء المعلومات ليكتشف أنه مطلوب للنائب العام للتحقيق معه.
 من حقنا أن نعرف كيف تدار أزمة الكهرباء، فمن حقنا أن نفهم كيف تدير الأزمة، وسألقي بالمعلومات التي تحاول الإيحاء بأن الأزمة مفتعلة جانبا لأنني أشك أن حركة حماس التي تسعى لإنجاح حكمها تضع نفسها في حالة العجز عن تقديم خدمة الكهرباء، ولكن بالمقابل هناك ما هو منطقي بأنه حين يمكن إدخال الوقود من كل الجهات من مصر وإسرائيل وقطر ويفترض أن لدينا فائض وقود، فمن الطبيعي أن يتم الاشتباه بأن الأزمة مفتعلة.
 ولحسم الشك باليقين ولغياب الرقابة على أداء الحكومة وشركة الكهرباء وسلطة الطاقة، فالقضاء الذي يراقب في كل دول العالم لم تكتمل تجربته فلسطينيا بعد ليقوم بهذا الدور، وكذلك المجلس التشريعي المعطل والمنتهية ولايته ويتداخل الحزبي بالوطني وتضع كل المؤسسات نفسها في حالة اصطفاف تفقد الثقة في ظل الانقسام. فالحل هو أن تشكل لجنة تقصي حقائق من فصائل خارج الانقسام لمعرفة ما الذي يحدث وكيف تدار هذه الشركة وبعيدا عن الاتهامات، وأن تستعين هذه اللجنة بطواقم فنية تقوم بزيارة محطة الكهرباء وتقف على المعابر لمعرفة كمية السولار التي تدخل غزة يوميا ومدى كفايتها وهل تكفي لتشغيل المحطة أم لا، وإذا لا تكفي فبالإمكان شراء ما تحتاجه كما في السابق، إذا كان وقود قطر مع كل الدعاية المصاحبة له لا يمكن من تشغيل المحطة فشكراً لقطر، ولكن فلتبحث اللجنة المقترحة عن مصادر أخرى إلى جانب الوقود القطري فالفصائل التي تقف خارج الانقسام عليها دور كبير في هذه المرحلة، وعندما لم تتمكن الفصائل من تحرير الوطن، وتعجز عن إنهاء الانقسام فالحد الأدنى كمبرر لاستمرارها هو متابعة قضايا الناس الحياتية والكهرباء أهمها على الإطلاق في هذا الصيف ومع دخول شهر رمضان، حيث الحاجة تصبح ماسة أكثر. فهل تلتقط الفصائل هذا الاقتراح لتشكل لجنة تقصي حقائق وهذا أقل ما تفعله حين لم تتمكن من إنهاء الانقسام الكفيل بإنهاء أزمة الكهرباء. أم كما كل مرة لا حياة لمن تنادي ....!!