خبر « إسرائيل » تستغل حقل « مجد » النفطي مستنزفة احتياطيات الفلسطينيين

الساعة 03:02 م|15 يوليو 2012

بي بي سي

بينما يتواصل البحث عن النفط تحت الأرض في إسرائيل، فإن حقل "المجد" الواقع على حافة الضفة الغربية والذي اكتشف حديثا، أخذ يثير المخاوف بين الفلسطينيين من استنزاف احتياطياتهم النفطية.

وبعد نحو عشر دقائق من السير خلال طريق حقول قرية رنتيس الصخرية في الضفة الغربية، وصلنا القمة، وتوقفنا للاستراحة، بعد إجهادنا بسبب الحرارة المرتفعة التي بلغت 40 درجة مئوية.

وعلى بعد مئة متر أمامنا، يوجد سياج من السلك، وممر الخط الأخضر المغطى بالحصباء، وهو الخط الفاصل بين الضفة الغربية وإسرائيل.

وعلى شمالنا يوجد مطار بن غوريون، وخلفه تقبع تل أبيب والبحر المتوسط. لكننا أتينا هنا بهدف مشهد آخر.

يقول بلال، وهو طالب في جامعة بيرزيت، وأحد سكان رنتيس "لم تكن تلك تعمل خلال الأيام الأخيرة".

وقال، وهويشير بقبضته في الهواء، "لا يمكنك أن ترى كثيرا خلال ضوء النهار. لكن في الليل تكون ظاهرة".

مهندس بترول

وما يشير إليه بلال هو أنبوب أسود ضخم وُضع رأسيا في الأرض، ولا يبعد أكثر من 500 متر، ومن ذلك الأنبوب شريط من متواصل من اللهب، ظل يُشاهد على فترات متقطعة لنحو عام.

وهذا في الحقيقة هو شعلة لهب غاز يخرج من حقل مجد 5 الذي تملكه وتتحكم في تشغيله شركة "غيفوت عولام" للنفط، وهي الآن الشركة الوحيدة التي تتحكم في قطاع إنتاج النفط والغاز في الشريط الساحلي الرفيع في إسرائيل.

ويقول حافظ برغوتي، رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة" الفلسطينية الذي كشف الموضوع في رام الله "كنت أسوق سيارتي مارا بهذا المكان، عندما شاهدت فجأة شعلة لهب على الخط الأخضر".

"الجيولوجيا لا تتبع الجغرافيا"

وأضاف برغوتي "كنت متأكدا أن ذلك غاز. ولذلك طلبت عمدة رنتيس وأخبرته بأن الإسرائيليين يستكشفون نفطا وغازا في المنطقة".

وقد لا يكون في هذا أي شيء مثير للجدل، بحسب ظاهر الأمر، فاللهب -في نهاية المطاف- يقع داخل الحدود الإسرائيلية، ولكن قربه من الخط الأخضر يثير أسئلة أخلاقية عدة.

ويقول الدكتور سامر النابلسي، وهو مهندس بترول مخضرم في شركة نفط مشهورة في دبي "الجيولوجيا لا تتبع الجغرافيا".

ويواصل برغوتي "بالنظر إلى موقع شعلة اللهب، وشكل الحقل برمته، تدرك أن الحقل ممتد إلى داخل الضفة الغربية. وحتى إن استخرج النفط منه من الجانب الإسرائيلي، فهو يستنزف الاحتياطيات الفلسطينية".

ويضيف برغوتي "ولهذا السبب فإن العرف الدولي هو تحديد منطقة "لا تقع ضمن حدود أحد" -على بعد عدة كيلومترات اتساعا- من الحدود، وتلك هي المنطقة التي لا يمكن لأي من الطرفين الاستكشاف فيها دون إذن الطرف الآخر".

وينتقد وليد خدوري، الرئيس السابق للمنظمة العربية للدول المصدرة للنفط (أوابيك)، ورئيس تحرير مجلة "ميدل إيست إيكونوميك سيرفي" نهج إسرائيل المنفرد.

ويقول "في مثل تلك الظروف -في المعتاد- يجب على الطرفين التوصل إلى اتفاق ثنائي لاقتسام الحقل، وما يرتبط به من تكاليف وعوائد".

ويشير خدوري إلى ما حدث بين بريطانيا والنرويج، كمثال على ذلك. ويقول "بدون تلك الاتفاقية يمكن أن تتردى الأمور، ومثال ذلك مع حدث بين العراق والكويت".

وهو يشير بذلك إلى غزو العراق لجاره الجنوبي الكويت، في أعقاب خلاف على حقل الرميلة.

الحقل قد يكون ذا عوائد اقتصادية كبيرة لأهالي الضفة الغربية

ويضيف خدوري أن الحفر والاستكشاف قد يكون فيه خرق لاتفاقيات أوسلو، التي تدعو الطرفين إلى التعاون في مجال الطاقة، بما في ذلك برامج تطوير الطاقة، التي تعمل على استغلال النفط والغاز، والمشاركة في استكشاف مصادر أخرى للطاقة".

وقد أثار قرب الحق من الخط الأخضر -الذي يفصل إسرائيل، على اليمين، من الضفة الغربية، الكثير من المخاوف.

وقد رفضت شركة "غيفوت عولام" التعليق، غير أن مسؤولا حكوميا إسرائيليا - فضل عدم ذكر اسمه- رفض ما يقوله الفلسطينيون قائلا "هذه محاولة أخرى لتسييس كل شيء".

وأضاف "نحن منهمكون في الاستكشاف داخل إسرائيل. وبينما يحدونا الأمل، فلا يوجد حاليا أي مؤشرات إلى وجود كميات صالحة تجاريا من النفط، ولا مكان وجودها".

أما السلطة الفلسطينية فلم تبد اهتماما كبيرا بملاحقة ما قد يكون فرصة اقتصادية استراتيجية للضفة الغربية.

وكان تقرير تقني أصدرته شركة الاستشارات غرينساند أسوشيتس الموجودة في بريطانيا في عام 2010 قد انتهى إلى أن منطقة "مجد" ذات عوائد اقتصادية قوية، وقد تعود بالربح الوفير إذا تأكدت كميات الإنتاج المتوقعة وثبت إمكانية الوصول إليها واستمراريتها.

وكانت الشركة الإسرائيلية قد قدرت الاحتياطي في الحقل بمقدار 1.5 مليار برميل، وقد تكون الكمية صغيرة، ولكنها ستكون ذات أثر كبير لأهالي الضفة الغربية الفقراء في الطاقة.