خبر أين شمير وأين بيبي .. هآرتس

الساعة 08:16 ص|06 يوليو 2012

هآارتس

 (المضمون: كان شمير زعيما مستقيما صادقا وكان الاسرائيليون معه يعرفون أين يقفون والى أين يتجهون لكنهم حائرون مضللون مع بيبي - المصدر).

أي تزامن أنه في اليوم الذي دُفن فيه رئيس وزراء سابق عُد انسانا مستقيما جدا، كُشف عن ان رئيس وزراء حيا يُرزق هو كاذب مخطيء. وأي تزامن أنه في اليوم الذي يؤبنون فيه اسحق شمير بأنه زعيم تمسك بحقيقته، يُعرف شاؤول موفاز نتنياهو بأنه لا يقول الحقيقة ولا نريد ان نقول انه مُخادع.

لم آتِ لتأبين شمير بل للموازنة بين زعيمين من جيلين: واحد لم يكن من الممكن ان تخطيء في مواقفه واستقامته، والحالي المعوج الذي استخف واستهان بالشريك السياسي الذي عقد معه حلف صداقة.

عرف أبناء شعب الرئيس ريغان ان ما كان يقوله كان يفعله. وعرف الامريكي مع ريغان أين يقف. وكان ما رأيناه عند شمير هو ما حصلنا عليه سواء أكان جيدا أو سيئا.

في المراسم التي أُجريت احتفاءا بمرور عشرين سنة على مؤتمر مدريد كان جيمس بيكر وزير الخارجية الصارم زمن المؤتمر هو الذي تحدث في تقدير عن شمير وقال: "برغم انه كانت بيننا اختلافات عميقة في الرأي لم نكف عن احترام استقامته، فقد كان نزيها ومستقيما لم يضللنا قط ولم يُسرب قط أحاديث سرية. وقد علمنا أنه سيكون من الصعب ان نُتم معه صفقات، لكن في خلال كل الاختلافات في الرأي عرف الطرفان ان اسرائيل حليفتنا وان شمير هو الزعيم سواء أشئت ذلك أم لا".

هذا التوجه هو الذي اضطر الامريكيين ايضا الى تفكير مختلف فحواه ان كل طرف يستطيع الاصرار على موقفه من غير ان تنشأ قطيعة. ولم يحاول شمير بخلاف بيبي ان يُرقص مجلس النواب الامريكي أو ان يتآمر على الرئيس الذي يتولى عمله. وفي الايام التي كان فيها الكسندر هيغ وزير الخارجية الامريكي وكان شمير وزير الخارجية الاسرائيلي نشأ خلاف شديد في واحد من اللقاءات. وكان العناد من صفات شمير البارزة. لكن برغم اليوم العاصف اتصل هيغ بشمير في الليل وقال له: "قلنا نحن الاثنان اليوم "لا" مرات كثيرة. فتعالَ نتحدث الآن كيف نجتاز الجسر".

برغم ان شمير كان قائد ليحي الذي كان الأشد تطرفا من عصابات العمل السري، لم يقد اسرائيل حينما أصبح رئيس وزراء الى حروب مدبرة والى مغامرات، ولم يُعد ايضا مئات القتلة العرب في مقابل جندي مختطف واحد. ومع اقتراب حرب الخليج في 1991 خطط وزير الدفاع آنذاك موشيه آرنس والجيش الاسرائيلي لعملية في داخل العراق لمنع اطلاق الصواريخ على اسرائيل. ودعا شمير الذي عارض هذا التدبير الخطير، الذي عارضته الولايات المتحدة ايضا، دعا رئيس الاركان دان شومرون وسأله قائلا: يا داني أقول وأنا أضع يدي على قلبي هل يمكن العمل بنجاح في داخل العراق؟ وقال شومرون انه لا يمكن. وأصبح الطيارون ووحدات الصاعقة المتأهبة للمعركة خائبي الآمال حينما قال شمير لا. لكن من الحقائق ان سلاح الجو والصاعقة البريطانيين اللذين عملا بدلا منا لم ينجحا في تحديد موقع واحد من صواريخ سكاد الاربعين التي أُطلقت على اسرائيل.

لم يضلل شمير وزراءه ولا حكومته بحيل من النوع الذي نراه في هذه الايام. حينما علم في حينه ان شمعون بيرس، وزير خارجيته، توصل الى اتفاق سري مع الملك حسين في لندن طلب ان يرى الاتفاق. ورفض بيرس وقال له "خُذه من الامريكيين". وافتخر ناس بيرس قائلين انه جعل شمير خرقة. لكن كانت النهاية ان هُزم بيرس ونال شمير ولاية ثانية لرئاسة الوزراء مع اسحق رابين وزيرا للدفاع في علاقات ممتازة.

قالوا عن شمير انه مضى الى مؤتمر مدريد كأنما يتخبطه الشيطان من المس. وصحيح انه مضى مع مخاوف ومعارضة لكنه جاء مستعدا، كي لا يقولوا فقط انه أفشل المؤتمر. وبرغم انه يُنسب اليه مقولة انه يجوز الكذب من اجل ارض اسرائيل الكاملة، لم يوجد أنه كذب قط. ونشأت لبيبي في المقابل صورة كذاب ذي زلل لا عندنا فقط بل عند زعماء في الخارج ايضا.

اذا كان يوجد لبيبي تفكير استراتيجي فانه ينجح في اخفائه حتى على وزرائه وشركائه في الائتلاف. ولولا الوعود التي وعد موفاز بها ومنها تنفيذ قرارات لجنة بلاسنر وشؤون سرية اخرى، لما أهان كديما نفسه بالانضمام الى شاحنة حكومية فيها 94 نائبا. هل أريد ألا يكون متعلقا بالمتدينين؟ هذا حلم لن يتحقق الى ان ينبت الشعر في راحات أيدينا. كان شمير زعيما مصبوبا من البازلت وكنا نعلم أين نقف معه. وعندنا انطباع ان بيبي لا يعلم حتى لماذا خدع كديما ولماذا كذب في خطبة بار ايلان. فهل هذا زعيم؟.