خبر شركاء السلام الجدد الشيوخ من الخليل واليمين الديني .. هآرتس

الساعة 08:12 ص|06 يوليو 2012

هآارتس

(المضمون: ضم الضفة ومنح الهوية الاسرائيلية للسكان وكامل الحقوق باستثناء الانتخاب للكنيست هو الحل الذي يقترحه شيخ شيوخ الخليل ويلقى الترحاب في اوساط اليمين واليمين الديني في اسرائيل – المصدر).

مشكوك أن يكون السواقون الذين اندفعوا أمس على طريق 60 في جنوب جبل الخليل كانوا يعرفون ان في الخيمة البدوية الواسعة التي نصبت في احدى الالتواءات في الطريق تعقد محادثات سلام بين اسرائيل والفلسطينيين. ليس بين ممثلي الحكومتين – فمثل هذه المحادثات كما هو معروف مجمدة حتى اشعار آخر – بل بين سلسلة زعماء دين وشخصيات عامة من الطرفين. بطارية شيوخ وشخصيات عامة فلسطينيين من جهة وجملة حاخامين وزعماء يمينيين يهود من الطرف الاخر.

هؤلاء الشخصيات، وعددهم نحو ثلاثين اجتمعوا للبحث في الحل لانهاء النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، ليس أقل. من أدار هذا العزف الطموح كان صاحب المكان، الشيخ ابو خضر الجعبري، المعروف ايضا بـ "شيخ المشايخ" لكل منطقة جبل الخليل. الحل الذي بحث في اللقاء هو ثمرة مبادرته، حل يأمل في أن يطبق بداية في منطقة الخليل، ولاحقا يرفع الى المستويات الاعلى في اسرائيل وفي السلطة الفلسطينية ايضا ويطبق في باقي مناطق الضفة. "انا واثق بان نية كل الحاضرين هنا هي ايجاد سلام في هذه البلاد"، قال أمس، "آمل ان تأتي البشرى من الخليل".

الجعبري يحرص على ان يبث الراحة في ضيوفه. على رأسه كوفيه بيضاء وعلى وجهه يعلو بفخار شنب سميك ومرعي. الدرب الذي يؤدي الى خيمته، على نحو الف دونم من التلال المليئة بالكروم والزرع الذي يعود الى عائلته على مدى الاجيال، احتلته في الماضي سيارات غير قليل من الشخصيات الاساس على طرفي النزاع: رجال اعلام، دين بل وحكم. في كل زيارة كهذه يعرض الجعبري عليهم اقتراحه المفاجيء لانهاء النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني: ضم اسرائيلي لاراضي الضفة في ظل منح حقوق للفلسطينيين، باستثناء حق الانتخاب للكنيست. فقط حل كهذا، كما يدعي، سيحقق هدوءا دائما وحقيقيا.

غير انه مشكوك جدا اذا كانت هذه اللقاءات حتى اليوم، مهما كانت رفيعة المستوى، ستحقق شيئا حقيقيا في العالم الحقيقي. في الغالب ينتهي هذا بهزات رأس متبادلة، وربما ربت على الكتف ووعد بمواصلة الاتصال. ولكن ليس هكذا كان اللقاء الذي انعقد أمس. هذه المرة كان للجعبري احساس آخر، في أن ها هو شيء ما بدأ أخيرا يحصل حقا. وذلك لانه فضلا عن الحجم والتنوع الاستثنائي للاشخاص الذين وصلوا الى اللقاء، لاول مرة حظيت فكرته باعتراف دولي، في كل ممثلين عن الاتحاد الاوروبي الذين وصلوا الى الاجتماع. "حضور رجال الاتحاد هنا يثبت أنه يمكن تحقيق السلام"، يقول الجعبري.

فيليب دي فنتر، عضو البرلمان البلجيكي للاتحاد الاوروبي يوافق. "نحن في الاتحاد معتادون على سلوك الممثلين الفلسطينيين الذين يمكن لهم أن يكونوا متشددين. ولكن عندما التقينا الشيخ وجدنا حوارا من نوع آخر". ممثل البرلمان النمساوي، ديفيد لازار أضاف بان في نيته وفي نية رفاقه "أخذ كل ما يحصل هنا ورفعه الى المستويات العليا".

عصام ابو محمد، ممثل القرى في منطقة الخليل سمع ذلك وابتسم ابتسامة صغيرة. "أنا أرى هذا كلقاء ممتاز"، قال، "السكان ينظرون اليوم لمعرفة من هي الجهة التي يمكنها أن تساعدهم. هم لا يريدون اقوالا بل ان يعرفوا من حقا يقدم لهم خدمات. هذا حساب بسيط".

جلس الحاضرون حول الخيمة على مساند وأعربوا عن موافقتهم. نادلون نشيطون وضعوا على السجاد امامهم أوانٍ محملة بالفواكه الطازجة ورجل مع قمقم نحاسي كبير على ظهره ملأ الكؤوس بشراب التمر هندي البارد. على رأس القمقم رفرف علم صغير لفلسطين. هذا لم يزعج رئيس المجلس الاقليمي السامرة، غيرشون مسيكا على الاطلاق. "لعل الطريق السليم، الذي لم يفكروا فيه، هو السلام بين الشعوب وليس بين السياسيين ذوي المصالح"، قال مسيكا، "وصلنا الى طريق مسدود في المسيرة السياسية. هذا الحوار ما كان ممكنا قبل عشر سنوات".

ليس صدفة أن وجود العلم الفلسطيني لا يزعجه. فكرة الجعبري تتناسب ومذهب مسيكا الفكري والحاضرين الاخرين، من قدامى اليمين في اسرائيل ممن دعوا الى اللقاء، بمن فيهم البروفيسور هيلل فايس، دكتور مردخاي كيدار، نوعم ارنون، الياكيم هعتسني، رئيس مجلس كريات أربع ملاخي ليفنغر وآخرون. "التنازل عن الاراضي المقدسة للاسلام هذا من الكبائر"، يفصل اسحق موغرفته، المساعد الشخصي للجعبري، مذهبه الفكري. "ولهذا فلم يكن أمل من اتفاقات اوسلو لانه كمسلم يريد السلام ولكنه لا يمكنه أن تنازل عن أرض اسلامية. يوجد لهذا استثناء واحد، وهو حله – اذا تبين له بان وجهة الطرف الاخر للسلم – سلام مؤقت. هذا يمكن ان يحصل فقط اذا ما عادت اسرائيل الى المناطق ومنحت الفلسطينيين هويات مثل شرقي القدس. هكذا لا يوقع المسلمون على تنازل ويحل الهدوء". هذه الفكرة يستمدها الجعبري من آية في القرآن يتوقع فيها النبي ارتباط مستقبلي بين المسلمين واعدائهم بالحبل السري الى يوم الدين.

في اجتماع أمس ألقى رجال اليمين الواحد تلو الاخر خطابات حماسية في ضوء الحل الذي يقترحه الجعبري. "الحقيقة هي أن الشيخ الجعبري يقرأ الخريطة أفضل بكثير من كل اولئك الزعماء الفلسطينيين"، قال الحاخام شلومو رسكين، حاخام مستوطنة أفرات. "الجمهور الفلسطيني الذي التقيه كل يوم يريد في نهاية المطاف الهدوء والازدهار". النائب نسيم زئيف من شاس ذهب أبعد من ذلك: "انتم لا تعرفون ماذا يفعل هذا في العالم حين يرى أعضاء برلمان هكذا مع الشيخ"، قال بانفعال غير خفي. "نحن في هذا الاجتماع نشكل نموذجا شخصيا كيف يمكن التعايش معا واحترام الواحد الاخر"، اضاف زئيف. الناطق بلسان الحاضرة اليهودية في الخليل، نوعم ارنون، تجرأ وترجم فرص نجاح المؤتمر الى ارقام. "انا اعطي هذا فرصة نجاح 10 في المائة، اذا فهمت حكومة اسرائيل بان القصة القديمة انتهت، غيرت الاتجاه وبحثت عن السلام مع العرب في الميدان".

بعد ساعتين من ذلك انتهت جولة الخطابات. وتصافح الحضور، وتبادلوا بطاقات التعارف ووعدوا باللقاء مرة اخرى. وفي طريقهم الى السيارات دخلت الى الدرب قافلة سيارات اخرى. كانت هذه لشيوخ واحدة وعشرين قرية في الخليل ومحيطها. وقد كانوا تلقوا مسبقا الدعوة لزيارة الجعبري، فقط بعد أن ينهي الوفد اليهودي زيارته. "حسنا، روما ايضا لم تبنى في يوم واحد"، قال موغرفته بعد لحظة من مغادرة الاوائل ووجد الاخرون مكانهم على المطارح في الخيمة.