خبر الحاجة عزيزة أم الأسير محمد عبده والصور الأخيرة مع ولدها قبل موتها

الساعة 06:04 ص|04 يوليو 2012

رام الله

كان باب السماء مفتوحا حين رفعت الحاجة (عزيزة)  يديها للسماء طالبة من رب السماء أن تحظى بلقاء ولدها الأسير (محمد) وتلتقط صورة تذكارية معه, قبل أن تصعد روحها إلى ربها لترحل من الدنيا وهي  مرتاحة كونها احتضنته إلى صدرها المتحرق شوقاً لرائحته , وهذا ما وقع بالفعل.

هي القصة وهذه هي الحكاية, حكاية الأم الفلسطينية أم الأسير محمد عبده الحاجة (عزيزة) التي تمنت تلك الأمنية البسيطة, ولكنها في عرف الاحتلال مستحيلة وبحاجة إلى إجراءات طويلة تبدأ بتقديم طلب لإدارة السجن من اجل الحصول على إذن لالتقاط صوره تذكارية مع أمه المريضة.

في العادة, تطلب إدارة السجن مبررات وأسباب لهذا الطلب, فيحضر الأسير تقارير طبية تثبت وضع الأم الصحي ، ومن ثم توافق إدارة السجن, وهكذا توجهت الحاجة عزيزة المحرومة من زيارة ولدها, عبر الأتوبيسات الخاصة بالصليب الأحمر, من قريتها كفر نعمه القريبه من رام الله إلى سجن هداريم في فلسطين المحتلة عام 1948.

 

وصلت الأم إلى السجن حيث هناك يتواجد ولدها الأسير, والتقطت الصورة التي هي أمنية الحاجة المتلهفة لولدها وأدفأت صدرها بعناق طفلها الذي ضمته إلى صدرها,  قبَل الابن الأسير كل جزء في جسد والدته أوشك على النزول بين قدميها ليقبلهما لكنها سرعان ما انتفضت ومنعته ورفعته إلى الأعلى, وبدأت تستعيد قوتها أمام هذا المشهد المؤلم والمريح لها في نفس الوقت ... قامت بترتيب غطاء رأسها وتعديل ثيابها بينما الابن بدأ يمسح دموع والدته , ويضغط عل آلام قلبه ويبدلها بابتسامة للكاميرا.

 

تم التقاط الصورة التي ستكون ذكرى لهذا الابن الأسير الذي يظهر بها ويده تلف جسدها ويشتم رائحتها وما أن أخذت الصورة حتى طلب منها الخروج من الباب خرجت وهو يقبلها وينظر لوالدته التي أعيتها الأيام .

 

عادت الأم وهي تردد مع نفسها "الحمد لله تصورت معه .. الحمد لله ضممته الى صدري", وعادت إلى شباك الزيارة تلتقط الهاتف وتتحدث اليه ويتحدث لها, ونار الشوق تشتعل في قلبيهما, لم تشفي هذه الدقائق نار شوق الاثنين انتهت الزيارة وغادرت الأم ولم تشبع العيون من رؤية الأم.

 

تحققت أمنية الأم المسكينة, وكأنها كانت تدرك أن انقضاء روحها اقترب..فقبل أن تصل منزلها وبالتحديد على أحد الحواجز العسكرية الفاصله ما بين مدينة القدس ورام الله, فاضت روح الحاجة عزيزة إلى بارئها .. نعم ماتت لم تعد تتنفس .. لم تنقل لنا مشاعرها .. لم تتحدث لأحد عن طبيعة اللقاء عن الصوره عن المشهد الأخير .. يبدو أن قلب الحاجه لم يستوعب كل هذه المشاعر وكل هذه العاطفة التي تدفقت من قلبها لقلب ولدها فانتقلت الى جوار ربها .

 

رحلت أم الأسير الحاجة عزيزة قبل أن تشاهد تلك الصورة التي طلبتها من ربها ... ماتت وتركت ولدها الذي الهبت قبلات أمه في جسده كل المشاعر, أعادته إلى طفولته حين كان يأتيها طالبا منها قبلة وهي تخبز له في فناء المنزل.

 

ماتت وحتى الساعة لا يعلم محمد الأسير في سجن هداريم الخبر, ولا يعلم أن هذه الصورة التي تحتاج إلى أسبوعين لكي يستلمها هي الصورة الأخيرة وهي المتبقية له من رائحة أمه وهذه الزيارة المؤثرة.

 

ماتت ومحمد لا يريد أن يتحدث لأحد في سجنه يريد أن تبقى صورة أمه حاضرة في ذهنه.. صوتها .. دعواتها .. قبلاتها .. يدها التي كانت تمسك بيده ودموعها وعيونها الحزينة كلها حاضرة أمامه .

 

ماتت امك يا محمد بعد ان استجاب الله لها الدعاء .. حظيت بالصورة التي لم تشاهدها وذهبت لرحمة ربها وبقيت أنت يا محمد مكانك..

 

هذه هي قصه الحاجة عزيزة أم الأسير محمد عبده من بلدة كفر نعمه والمحكوم بالعشرين عاماً امضي منها حتى الآن عشرة أعوام وهو الذي أمضى فترة طويلة في العزل الانفرادي شاويش سجن هداريم, الشاب الوسيم المحبوب من الجميع بشهادة الجميع ابن الثلاثين عاما والمعتقل منذ 15/11/2001 .

قصة تختزل في طياتها الكثير من القصص, وتحكي عن أمنيات أم الاسير وحال النساء في بلادنا يموتون في سيارات الصليب الأحمر المتوجه الى سجون الاحتلال على الحواجز العسكرية .

رحمك الله يا أماه وأسكنك فسيح جناته وفرج الله كربك أخي أبا جابر أيها الفارس العصور يا حبيب الاسرى يا صاحب الخلق الطيب وأعانك الله ..