خبر فوز مرسي تأكيد لإرادة الشعوب.. بقلم الشيخ نافذ عزام

الساعة 11:34 ص|02 يوليو 2012

الشيخ نافذ عزام

بفوز الدكتور محمد مرسي في انتخابات الرئاسة ستدخل مصر ومعها المنطقة كلها مرحلة جديدة، وسيعطي هذا الفوز قوة دفع لحركة الشعوب وثوراتها المعروفة بالربيع العربي، وسيدخل متغيراً جديداً على قواعد السياسة في هذه المنطقة بحيث يُفترض أن يكون هناك استقلال حقيقي في تحديد السياسات وصناعة القرار في كل ما يتعلق بالوطن العربي والإسلامي...

لقد عانت شعوب الأمة العربية والإسلامية كثيرا طوال الستين عاما الماضية في ظل الأنظمة التي حكمت منطقتنا بعد الحرب العالمية الثانية أو أنظمة الاستقلال كما يشار إليها، ورغم اختلاف الشعارات التقت الأنظمة جمهورية وملكية حول آلية الحكم والأساليب المتبعة في التعامل مع الشعوب... كان الاستبداد هو العامل المشترك بين معظم تلك الحكومات، وكانت مصلحة الشعوب في آخر اهتمامات الحكام وبالتالي غابت الحريات وحلّ القمع، وتعطّلت مشاريع النهضة واتسعت السجون، وكان تداول السلطة مستحيلا وهو ما ألقى بظلال كئيبة على حياة الشعوب وعلى كل المستويات، ولم يكن غريبا بالتالي أن تفشل كل المحاولات لحل قضايا الأمة وعلى رأس هذه القضايا الفلسطينية، وبدلا من أن نستفيد من الوقت في تحسين أدائنا وحشد طاقاتنا واستنهاض الهمم، كان الوقت يأخذنا لتراجعات وتنازلات وقبول بالأمر الواقع الذي فرضته موازين القوى الظالمة حتى أصبحت الحرب على الفلسطينية لا تستدعي تدخلا عربيا حقيقيا مهما بلغت وحشيتها ومهما كان حجم الأهوال التي حصلت...

ولم يكن الغياب العربي الرسمي عن المشهد الفلسطيني فقط، بل كان العجز وسوء الأداء تجاه أغلب القضايا والمآسي الأخرى من العراق إلى السودان ومن الصومال إلى مشكلة الصحراء، ولم يكن الأداء في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أفضل حالا...

لقد ساهمت الأنظمة في تكريس الأزمات واستفحال الأمراض وزيادة تهميش قطاعات أوسع من الجماهير، لقد قامت الأنظمة فعلا بعملية تدمير ممنهج للمقدرات والطاقات والعقول وكانت تتوقع استسلام الشعوب لما يُفرض عليها وبالتالي استمرار الأوضاع على ما هي عليه.

لقد جاء الربيع العربي تعبيراً عن المكنون العظيم لهذه الأمة، وعن فشل الحكومات جمهورية وملكية في قتل إرادة الشعوب والاستمرار في مصادرة قرارها ومن المؤكد أن أمورا كثيرة تغيرت وأخرى ستتغير بإذن الله...

لذلك فإن فوز الدكتور مرسي يؤكد نجاح التغيير، ويؤكد قدرة الشعوب على اختيار ما تراه الأصلح لها وهو ما سيعطي قوة دفع لحركة الجماهير في كل الوطن العربي والإسلامي وبغض النظر عن التحديات التي ستواجه مرسي والمواقف التي يجب أن يتخذها (وهذا ما سنناقشه في مقال قادم بإذن الله)، فإن التفاؤل يزداد بخصوص الحاضر والمستقبل أيضا لكنه التفاؤل الذي يحتاج لعمل وجد ووعي، ويحتاج لاستمرار الحوار بين تيارات الأمة المختلفة لتحقيق التوافق الذي يحمي الثورات ويصوّب مسيرها ويُفشل رهان أعدائها!!

المصدر : صحيفة الاستقلال