خبر مطلوب وحدة- معاريف

الساعة 08:12 ص|02 يوليو 2012

بقلم: كوفي عنان

(المضمون: النزاع هو سوري وعلى السوريين ان يجدوا له حلا، ولكن من السذاجة بمكان التفكير بأنهم سينجحون في وضع حد للعنف بمفردهم - المصدر).

        الوضع في سوريا لا يمكن ان يكون أكثر عُسرا. فمنذ الربيع قبل سنة ثار آلاف السوريين مطالبين بالتغيير. في البداية عملوا بوسائل سلمية، ولكن في ضوء الوحشية الباعثة على الصدمة من جانب الحكومة، بدأ بعضهم يحمل السلاح. آخرون، ولا سيما من أبناء الأقليات، جلسوا على الجدار أو أيدوا الحكومة خوفا من ان يكون البديل اسوأ.

        المعمعان الذي يجرف سوريا اليوم هز العالم. وانتقلت المعارك من مدينة الى مدينة. أحياء بكاملها دُمرت، عائلات بكاملها ذُبحت. آلاف قتلوا، آلاف آخرون اعتقلوا ومئات الآلاف فقدوا منازلهم. مواطنون كثيرون علقوا في مناطق المعارك ولا يتمكنون من تلقي المساعدة الطبية أو الانسانية.

        وصل العنف الى عاصمة دمشق بل وتسلل الى دول مجاورة. اذا ما تعمقت الفوضى، فان محافل الارهاب قد تستغل الوضع في صالحها. في شهر آذار اتفق الجميع على خطة من ست نقاط شكلت سلما يتيح للأطراف المختلفة النزول عن الاشجار التي صعدوا اليها. بعثة من مراقبي الامم المتحدة كان يفترض ان تحافظ على وقف النار كي يكون ممكنا الشروع في اتصالات سياسية.

        ولكن الخطة لم تطبق أبدا. بعد هدوء قصير تواصل العنف بل واشتد. الحكومة السورية، التي تتحمل معظم المسؤولية، تواصل اتباع العنف الشديد ضد متظاهرين مسلحين وغير مسلحين. محافل المعارضة من جهتها غير موحدة، وبعضها شدد هجماته على قوات ومؤسسات حكومية.

        مراقبو الامم المتحدة غير المسلحين اضطروا الى تعليق عملهم. فقد بقوا في مواقعهم وهم جاهزون لاستئناف نشاطهم في اللحظة التي ترى فيها الأطراف سليما الدخول في مفاوضات. النزاع هو سوري، وعلى الشعب السوري ان يجد له حلا، ولكن سيكون من السذاجة الشديدة التفكير بأنهم وحدهم سيتمكنون من وضع حد للعنف والشروع في مسيرة سياسية ذات مغزى.

        هناك الكثير من القوى الخارجية التي تنبش في القِدر. بعضها قوى خارجية، عن قصد أو غير قصد، شجعت الحكومة والمعارضة على التفكير بأن النزاع لن يُحل إلا بالقوة. مفهوم ان هذا لا يخدم مصلحة أحد، وبالتأكيد ليس الشعب السوري.

        حان الوقت لأن تعمل القوى ذات النفوذ، التي تتحمل المسؤولية عن السلام والأمن في العالم، بشكل ايجابي لتحقيق السلام في سوريا. يجب الاتحاد وراء مطلب تطبيق خطة النقاط الستة ومنع احتدام اضافي للنزاع. واضح تماما انه لن يكون ممكنا وضع حد للعنف دون ضغط مشترك ومتواصل من جانب ذوي النفوذ.

        يجب ان نحرص على ان يكون لسوريا مستقبل ديمقراطي وتعددي يفي بالمعايير الدولية في كل ما يتعلق بحقوق الانسان. يجب ان تنشأ حكومة وحدة تضم ممثلي الحكومة الحالية والمعارضة، وكذا محافل اخرى. ولكن لا يجب السماح بأن يتواجد في الحكومة من يُخرب على مصداقية الخطوة وانتقال سوريا الى مجتمع ديمقراطي.

        لا بديل عن العمل الصعب الذي يجب بذله لمساعدة السوريين على تصميم مستقبلهم السياسي. لقد وافقت الأسرة الدولية منذ زمن بعيد على أن السوريين هم الذين يجب ان يقودوا المسيرة بأنفسهم. ولكن علينا ان نعمل معا كي نساعد السوريين على تصميم مستقبلهم بالطرق السلمية، هكذا فقط يمكن وقف العنف والصعود الى طريق السلام، الذي يقرر فيه الشعب السوري مستقبله. اذا لم نفعل ذلك، فسيستمر التدهور وسيصبح قريبا لا مرد له.