خبر عشرة آلاف مفقود في حقول القذافي للإعدام

الساعة 10:45 ص|01 يوليو 2012

وكالات

نشرت صحيفة "ذي انديبندنت اون صنداي" البريطانية مقالا لمراسلتها بورتيا ووكر بعثت به من طرابلس، ليبيا، وجاء فيه ان وزارة الشهداء تعمل على تنظيم قائمة مفصلة بالمفقودين بسبب الحرب الاهلية في البلاد. واوردت فيه الحكايات التي رواها اهالي هؤلاء الافراد عن اختفاء ابنائهم من دون اي أثر. وفيما يلي نص المقال:

يبحث عبد السميع عن شقيقه. ذلك ان عبد الباسط اختفى في الايام الاخيرة من الحرب الاهلية الليبية عندما كان في مدينة سيرت، التي جعل منها معمر القذافي آخر مكان يظهر فيه للعلن. وكانت المرة الاخيرة التي اتصلت فيها عائلة عبد الباسط (33) صاحب المقهى في 26 ايلول (سبتمبر)، به قبل أسابيع قليلة من سقوط المدينة بايدي الثوار.

ومنذئذ، لم يُشاهد الا في تقارير الانباء التلفزيونية، حيث شوهد وهو محاط بمقاتلين من الثوار.

وقال عبد السميع "طرقنا كل السبل:. قامت العائلة بزيارة السجون في بنغازي ومصراتة، وبتدقيق قوائم قتلى الحرب وصور الاشخاص المجهولي الهوية. وهناك صفحة على الكومبيوتر ترجو تزويدها باي معلومات عنه.

الا انه يتبين بعد ان يتصل شخص ما ليقول انه شاهد شقيقه، ان الشخص المعني هو شخص آخر.

وليست حالة عبد السميع حالة منفردة. اذ انه بعد تسعة اشهر من نهاية الحرب الاهلية الليبية، لا يزال الاصدقاء والاقارب يبحثون عن اي اثر لحوالي 10 الاف شخص فقدوا على الخطوط الامامية، او حُشروا في سجون القذافي او ببساطة القي عليهم القبض وهم في الطريق ولم يُشاهدوا مرة اخرى قط.

وفي وزارة الشهداء والمفقودين، التي تتخذ مكانا لها في مبنى اسمنتي يعشش فيه الغبار بمدينة طرابلس، تقوم ميرفت مهاني بتصنيف تفاصيل المفقودين. وقد عينتها الوزارة نتيجة حملتها بالنيابة عن عائلات المفقودين.

وتقوم مع زميلاتها بوضع قاعدة تفصيلية للبيانات وعينات الحامض النووي (دي إن ايه) لتلك العائلات،بحيث يمكن مقارنتها مع عينات تؤخذ من الجثث المستخرجة من القبور الجماعية التي يستمر اكتشافها.

وعملية نبش الجثث من القبور وجمع الحامض النووي ومقارنته بخصائص العائلة طويلة وصعبة ومكلفة. وتقول مهاني ان العملية تحتاج الى سنوات قبل ان يتم التعرف على الجثث واجراء مقارنات الحامض النووي.

ويرجع تاريخ كثير من المفقودين الى فترة حكم القذافي. وكان السعي وراء الحصول على معلومات عن اولئك الذين اختفوا داخل سجونه قد ساعد على اشعال شرارة الانتفاضة العام الماضي.

ويقدر عدد المسجونين السياسيين الذين اختفوا من سجن ابوسالم في طرابلس حوالي 1270سجينا بتاريخ 19 حزيران (يونيو) 1996. وتبين في وقت لاحق انهم قتلوا باطلاق الرصاص عليهم داخل السجن خلال يوم واحد بعد الاضطرابات التي اشعلتها احوال السجن المزرية. ولم يُعثر على جثثهم قط. ولم تبدأ حكومة القذافي بابلاغ العائلات ان اقاربهم داخل السجن اصبحوا في عداد الموتى الا في العام 2001.

وفي يوم الجمعة الفائت الذي يصادف الذكرى الـ16 لمذبحة ابو سالم، تمكنت العائلات ولاول مرة من التجمع في السجن لحضور صلاة الغائب على اقاربهم. ومن بينهم حجيرة محمد، وهي شابة أنيقة الملبس ومن بين المرشحين في انتخابات الاسبوع المقبل.

كانت هناك لتتذكر والدها محمد. وكان اكاديميا ومؤلفا لكتب دينية لكنه كان على الطرف المخالف لرئيس الاستخبارات الليبية موسى كوسى، وقد سجن في العام 1991، عندما كانت في السادسة عشرة من العمر.

وفد امصت عائلتها سنوات تراجع النظام. وكانت هناك احيانا لمحات من الامل وسط الظلام. "كانوا يقولون في كل عام انه سيطلق سراحه. وكنا نقوم باعداد المنزل لاستقباله لكنه لم يحضر ابدا".

وبعد خمس سنوات من سجنه، ساد الصمت. كانت العائلة تقوم بزيارة السلطات وتسترحم للحصول على معلومات، لكنها لم تحصل على شيء. تملكهم اعتقاد بانه مات في مذبحة 1996. وقالت بصوت متحشرج "اصعب ما في الامر هو عدم معرفة ما الذي حدث له". ولم يعثر على اي اثر لجثة ابيها.

من ناحية اخرى يواصل عبد السميع البحث. سجل تفاصيل شقيقه في وزارة المفقودين، وقدمت عائلته عينات الحامض النووي. ويزداد لديه التشاؤم، لكنه يقول انه لا يستطيع ان يستسلم بلا حراك. "اريد ان اعرف ما اذا كان حيا ام ميتا. واذا كان حيا، فانني استطيع ان اعثر عليه وان اتوجه لأشد من أزره. واذا كان ميتا فاننا نستطيع على اقل تقدير ان نقيم الصلاة على روحه حسب الاصول"

لكنه لا يلبث ان يقر بان "الشواهد ليست جيدة. ومع ذلك، كيف يمكنني ان اتوقف عن البحث عنه قبل ان اعرف ما الذي حدث له؟".