خبر المهندس الاسلامي الذي احتل القصر في القاهرة -هآرتس

الساعة 09:30 ص|01 يوليو 2012

المهندس الاسلامي الذي احتل القصر في القاهرة -هآرتس

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: الرئيس محمد مرسي سيضطر الى ايجاد التوازن بين السلطة التنفيذية والمجلس العسكري الاعلى. وهو مكلف بان يسير بمصر في طريق جديدة - المصدر).

        في بداية نيسان اجتمع مجلس الشورى للاخوان المسلمين في مصر في تشاور عاجل. فقد تبين لاعضاء المجلس، الذي هو الهيئة العليا التي تقرر شؤون الحركة وتنتخب زعيمها بان ترشيح رجل الاعمال خيرت الشاطر قد يشطب. واقترح المجلس تعيين مرشح بديل في حالة ذلك وقد وقع الاختيار على د. محمد مرسي. بعد شهرين ونصف من ذلك حظي مرسي بنصف اصوات الناخبين وشق طريقه نحو قصر الرئاسة.

        مرسي يتبين الان كمفاوض ناجع، سبق أن جرب حل الازمات. صحيح أن خطاباته مثيرة للشفقة، صوته جاف وليس له حضور جارف، الا انه في المداولات الداخلية يعرف على ما يبدو كيف يستخدم سحره الشخصي. منذ البداية لم يرغب في الرئاسة. عندما بحث مجلس الشورى اذا كان سيدفع مرشحا عن الاخوان للرئاسة، بعد أن كان موقفه المبدئي حتى ذلك الحين ضد رئيسا منهم، صوت 56 عضوا في صالح القرار مقابل 52 عارضوه. بين المعارضين كان محمد مرسي والشاطر اللذان اعتقدا بان على الاخوان ان يؤيدوا مرشحا من خارج الحركة. ولكن، على خلفية الخلاف مع الجيش، اتخذ أخيرا القرار باغلبية ضئيلة. المرشحان، الشاطر ومرسي التزما بحكم الحركة.

        مرسي، من مواليد 1951 انضم الى صفوف الاخوان المسلمين عندما كان في سن 29 فقط، بعد سنة من زواجه بنجلاء محمود وبعد أن انهى دراسة الماجستير في هندسة المعادن في جامعة القاهرة. بعد وقت قصير من ذلك حظي بمنحة دراسية في جامعة جنوب كاليفورنيا حيث حصل على لقب الدكتوراة في الهندسة وكان اختصاصه في مجال حماية محركات المكوك الفضائي. مع ختام دراسته علم في كاليفورنيا حتى العام 1985 ليعود الى مصر في وظيفة تعليم في جامعة الزقازيف حيث علم حتى 2010.

يعرف كيف يربط الاطراف

مرسي ليس حكيما شرعيا مخولا بالفتوى، وهو ليس رجل أعمال مثل زميله الشاطر وليس سياسيا مجربا، وذلك لانه لم تتوفر للاخوان المسلمين ابدا اي فرصة لان يكونوا سياسيين. ولكنه سياسي يعرف كيف يربط الاطراف. وهكذا مثلا أسس في العام 2004 الجبهة الوطنية للتغيير الى جانب عزيز صدقي الذي كان في حينه ابن 88، وشغل منصب رئيس وزراء في عهد السادات. كما أسس الجمعية الوطنية للتغيير مع محمد البرادعي الذي اعتبر مرشحا للرئاسة وممثلا للتيار العلماني الليبرالي. في 2011، عندما كان رئيس حزب الحرية والعدالة للاخوان المسلمين اقام الائتلاف الديمقراطي من أجل مصر، والذي ضم 40 حركة وتيارا الكثير منها علمانية. كل ذلك عندما كان في بعض وقته عضوا في لجنة مكافحة الصهيونية والتطبيع.

        كما أنه عرف كيف يدير أزمات شديدة نشبت في الحركة بينها التمرد الداخلي للجيل الشاب الذي طالب باصلاح اساليب عملها. كانت هذه ازمة شديدة اندلعت في 2007 حين بدأ مدونون من الحركة ينتقدون علنا "الدكتاتورية الداخلية"، وقد ارسل مرسي في حينه بتكليف من المرشد العام لاجراء حوار مع المتمردين بل وحظي بتقدير شديد من جانبهم. صحيح أن الازمة لم تحل، ولكن يبدو أن مرسي يحظى الان بتأييد كل فصائل الحركة. ليس هم فقط، بل جزء من زعماء الحركات العلمانية وحركات الشباب مثل وائل غنيم، "زعيم ثورة الانترنت"، والكاتب علاء الاسواني، ومثقفون ليبراليون آخرون يؤيدون مرسي ويرون في انتصاره انتصارا للثورة على النظام القديم.

        السؤال الذي يقلق الان القيادة السياسية الجديدة هو كيفية المناورة بين المجلس العسكري الاعلى الذي يعمل بنشاط للحفاظ على احتكار القرارات في المواضيع الامنية، والسياسية وتطلع الاخوان المسلمين لان يتلقوا يدا حرة في ادارة الدولة. الشائعات عن "عقد حلف" بين الجيش والاخوان المسلمين وعن "تفاهمات" حول توزيع الصلاحيات بين الحكم السياسي والعسكري تعكس على ما يبدو حقيقة جزئية للغاية فقط. من تقارير في وسائل الاعلام المصرية يتبين أن الاخوان اتخذوا منذ الان قرارا استراتيجيا بموجبه شؤون الجيش، والسياسة الخارجية تنقل الى وزراء ليسوا من الاخوان، ممن يريدون الحفاظ لانفسهم بحقائب الاقتصاد، الرفاه والتعليم كي يتمكنوا من اعادة تصميم طابع الدولة.

        مرسي، الذي مواقفه تجاه سياسة اسرائيل في المناطق ليست سرا، يتخذ الان خطا دبلوماسيا معتدلا بموجبه "مصر تتمسك باتفاقات كامب ديفيد والعلاقات بينها وبين اسرائيل ستكون على اساس التبادلية والمساواة". وهو يدعو اسرائيل باسمها وليس "الكيان الصهيوني" ويتحدث عن اعادة الحقوق للفلسطينيين، دون ان يذكر باسمها القدس كعاصمة فلسطين او يقرر حق العودة بانه خالد. مرسي حذر في موضوع استئناف العلاقات مع ايران، وبعد نشر مقابلة معه في وكالة "فارس" الايرانية والتي جاء فيها ان "اعادة بناء العلاقات مع ايران هو أمر حيوي لبناء ميزان استراتيجي جديد" خرج عن طوره كي ينفي ذلك. مصر، التي تلقت حتى الان القروض والودائع السعودية بحجم يقترب من 3 مليار  دولار وتتلقى مساعدة سنوية من الولايات المتحدة، لا يمكنها الان ان تعانق ايران.

        أفقر الرؤساء

        ولاية مرسي تبدأ دون ان يعرف بعد ما هي صلاحياته، بلا برلمان يشرع القوانين التي ستترجم سياسته، ومع مناكفة لثني الايدي مع الجيش. وبعد بضعة اشهر، بعد أن يصاغ الدستور، وبعد انتخاب 166 مقعدا رفضت للبرلمان، ستبدأ ولايته الحقيقية. اثنان من خمسة ابنائه، احدهما طبيب في السعودية، والثاني محامي في الزقازيق اعلنا بانهما لا يعتزمان الانتقال للسكن في القصر. ثلاثة ابنائه الشباب، بينهم الابنة شيماء، سينضمون الى العائلة وذلك لان الشقة التي تسكنها عائلة مرسي في حي التجمع الفاخر هي بالايجار وليس ملكا. يبدو ان مرسي ليس فقط الرئيس المدني الاول لمصر في الستين سنة الاخيرة، بل هو افقرهم.