خبر خسرنا في كل العوالم -معاريف

الساعة 09:29 ص|01 يوليو 2012

خسرنا في كل العوالم -معاريف

بقلم: روبيك روزنتال

(المضمون: الرد الاسرائيلي على اعتراف اليونسكو بكنيسة المهد، كالمعتاد، هو خسارة كل العوالم: اسرائيل تخرج مرة اخرى تافهة، عديمة الاقلاع ومليئة بالاحتقار لموقع يرفع كل المسيحيين في العالم انظارهم اليه - المصدر).

        موقعان حظيا هذا الاسبوع باعتراف من اليونسكو كموقعين للتراث العالمي: جدول الكهوف في الكرمل وكنيسة المهد في بيت لحم. قادة الاعلام الاسرائيلي لم يكن بوسعهم ضبط النفس وادعوا بان القرار في كنيسة المهد اتخذ "لاعتبارات سياسية" في أعقاب "سلوك ملتوٍ للفلسطينيين"، وذلك في مكان (كنيسة المهد) "كان في الماضي هدفا للارهابيين الفلسطينيين". وألمح معقبون مختلفون ايضا الى أن المسيحيين هم اقلية مضطهدة من المسلمين، وعلى الاطلاق ما صلة الفلسطينيين بكنيسة المهد.

        لا ينبغي للمرء أن يكون معارضا ثابتا للاحتلال كي يرى ما في هذا الرد من سخف. مواقع التراث العالمي هي مواقع تخرج عن الزمان والمكان، وبالتأكيد تتجاوز عناوين صحف أمس. فهي مؤشرات على طريق الحضارة الانسانية. وهي ترمي الى التقريب بين الشعوب. كهوف الانسان الاول التي اكتشفت في جدول في الكرمل لا تعود لليهودية، حتى وان كان علماء آثار يهود (وربما ليس فقط) اكتشفوها وجعلوها موقعا مناسبا. كنيسة المهد هي موقع يبعث على الالهام. لشدة الاسف، يمنع اليوم عن الاسرائيليين زيارتها بشكل حر، ولا حاجة لان يكون المرء مسيحيا أو مسلما أو إبن اي دين آخر كي يشعر بصدى الاجيال الذي ينبعث منها.

        "الاعلام الاسرائيلي" هو موضوع ملتوٍ واشكالي بتعريفه. من الصعب جدا الشرح لمن ليس اسرائيليا منظومة العلاقات بين دولة اسرائيل والفلسطينيين في المناطق، والمناطق نفسها. عندما تحاول رغم ذلك أن تشرح، المبدأ ليس الاعراب عن أفكار تبدو للشارح محقة بل ومطلقة، بل سماع شكوك المستمع والارتباط بالقاسم المشترك.

 إذن ها هو يوجد قاسم مشترك. التراث العالمي هو موضوع اجماع. هذه هي اللحظة للترحيب بقرار اليونسكو، الا اذا كانت منظمة فاسدة وتبتلع اليهود، وعندها يجب الرد باحتقار القرار حول جدول الكهوف. هذه هي اللحظة للقول: توجد أمور تتجاوز السياسة، بل وربما ايضا ويحفظنا الله تهنئة الفلسطينيين بالانجاز. ولكن الرد الاسرائيلي يريد أن يتمتع بكل العوالم. عرض اليونسكو كمؤسسة كلها اعتبارات غريبة وفي نفس الوقت الترحيب بفهمها العميق في مواضيع التراث. والرد، كالمعتاد، هو خسارة كل العوالم: اسرائيل تخرج مرة اخرى تافهة، عديمة الاقلاع ومليئة بالاحتقار لموقع يرفع كل المسيحيين في العالم انظارهم اليه.

من خلف رد الفعل البائس يقف على ما يبدو فهم قانوني: اذا اعترفت اسرائيل بموقع تراث تقدم به الفلسطينيون، فانها تكون تعترف بالفلسطينيين مثابة دولة. مجرد هذا الفهم مدحوض: فللفلسطينيين منذ زمن بعيد سلطة مستقلة ورئيسي وزراء. وهو يكشف ايضا عن الحجة المزدوجة وبالمثيرة للحفيظة عن مكانة المناطق. من جهة، الادعاء بان الوضع في المناطق لا مرد له، والحقائق على الارض تقررت، نحو نصف مليون مستوطن يعيشون في كل موقع وموقع. من جهة اخرى، الفلسطينيون ليسوا مخولين بان يقرروا اي "حقيقة على الارض". هذه الحجة المزدوجة لا تنجح. اذا كان "حي حاف"، مع الاولبانه او بدونه، هو نموذج الاستيطان في المناطق، فانها جميعها تتعرض للضرب. وفي حرب الضرب هذه، ضربة موقع تراث عالمي لمؤسسة مسيحية من جانب رئيس وزراء فلسطيني، هي نقطة صغيرة في الجدول الجارف لحكم اسرائيل في الضفة الغربية، والذي لا يعرف احد الى أين يعتزم صب مياهه.