خبر سورية والخيارات المفتوحة.. بقلم أكرم عبيد

الساعة 04:03 م|29 يونيو 2012

تعددت الآراء والتحليلات والأفكار حول حقيقة الوضع في سورية ومنهم من يعتقد أن الأوضاع المأزومة ستبقى على حالها , العصابات الإرهابية مستمرة في استنزاف الجيش العربي السوري حتى تفكيكه لإضعاف القيادة وفقدانها زمام المبادرة والقيادة والسيطرة , بعد ارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين الأبرياء لإحراج سورية أمام حلفائها بشكل خاص , والرأي العام العالمي بشكل عام , ليسهل إسقاط نظامها المقاوم وإخضاعها لشروطهم واملاءاتهم الصهيوامريكية

والبعض اعتقد متوهماً أن الأوضاع في سورية ذاهبة للحرب الأهلية , وهذا اعتقاد غير صحيح ولا يتجاوز إلا حدود الأمنيات عند البعض ممن ينفخون في كير الطائفية والمذهبية  ويتمنون لسورية الوقوع في هذا المستنقع الآسن

وهناك من يعتقد أن الأزمة في سورية قد تستولد حربا شاملة تخلط الحابل بالنابل في المنطقة وهذا قد يكون الخيار الأخير ولمصلحة سورية  في البداية والنهاية

والبعض يعتقد أن سورية مازالت قوية  وصامدة بوحدة شعبها وجيشها وقيادتها وأصبحت قاب قوسين أو أدني من حسم الموقف العسكري على الأرض وخاصة بعد خطاب الرئيس بشار الأسد الأخير أمام جلس الشعب الجديد الذي قال في سياقه أن العدو أصبح في الداخل

وبصراحة هذا الخيار هو الأنسب لحل الأزمة لعدة أسباب من أهمها :

أولاً : بالرغم من شراسة الهجمة الدولية على سورية مازالت وبعد حوالي ستة عشر شهراً من بداية الأزمة تتميز بوحدتها الوطنية  ووحدة المؤسسات الوطنية وفي مقدمتها الجيش والقيادة

ثانياً : أن خيار الحسم العسكري أصبح خيارا شعبيا وضرورة وطنية لحماية امن الوطن والمواطن بعدما أعطت القيادة السورية ما يسمى  معارضة الخارج  وعصاباتها الإرهابية المسلحة أكثر من فرصة ذهبية للحوار الوطني وغلبت العقلانية على الغلبة والمغالبة و أصدرت أكثر من عفو عام  وأطلقت سراح الآلاف ممن ارتكب جرائم بحق الوطن والمواطن والمؤسسات الوطنية واستجابت لمبادرات الجامعة العربية وفي مقدمتها مبادرة الدوحة وافقت على دخول وفدا للمراقبين العرب إلى سورية  وقدمت التسهيلات اللازمة بشهادة المراقبين وعندما قدموا تقريرهم بشكل علمي عملي وقالوا كلمة حق من اجل الحق تم التشكيك في مصداقية التقرير ورئيس البعثة بشكل متعمد وافتعال المشكلات مع سورية وسحب البعثة العربية وبعض السفراء والإستقواء بمجلس الأمن لاستحضار التدخل العسكري ألأجنبي لكن الفيتو المزدوج الروسي والصيني افشل المحاولة مما دفع الإدارة الأمريكية مرة أخرى لطرح مبادرة جديدة عبر السيد كوفي عنان كمبعوث شخصي للامين العام للأمم المتحدة معتقدين ومتوهمين أن المبادرة ستكون النافذة للعدوان الخارجي لكن سورية فوتت عليهم الفرصة ووقعت على البرتوكول بنقاطه الست التي تنظم عمل المراقبين في سورية وأكد في أهم نقاطه على حظر حمل السلاح على  كل مواطن سوري مدني أو استخدامه أو التجول به وإظهاره إلا في  إطار مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية

 ومنذ اللحظة الأولى لطرح مبادرة عنان رفضتها العصابات الإرهابية ومجلس اسطنبول المتصهين وشكك بنجاحها أنظمة الردة العربية المتصهينة وأسيادها في الغرب وأعلنت إنها ولدت ميتة ولا يمكن تطبيقها لكن القيادة السورية تمسكت بها وسهلت مهمتها وأمنت حماية تحركات أفرادها على امتداد الأراضي السورية وخاصة في المواقع الساخنة التي حاولت العصابات الإرهابية عرقلة مهامها وإطلاق النار على أفرادها في مواقع عدة ورشقهم أحيانا بالحجارة  لإفشال مهمتهم

 وبالفعل تعمدت العصابات الإرهابية المسلحة تصعيد العنف وتكثيف هجماتها على قوات حفظ النظام بشكل كبير وارتكاب المجازر البشعة بحق المدنين الأبرياء في مقدمتهم الأطفال مما اضطر رئيس البعثة الدولية للمراقبين اتخاذ قرار تجميد عمل البعثة بشكل مؤقت مما فاجأ العصابات المسلحة ومجلس اسطنبول المتصهين الذين حاولوا استثمار قرار الجنرال مود لإحراج سورية أمام الرأي العام العالمي لكنه فاجأهم أكثر عندما اصدر بيان تعليق مهمة المراقبين واقر واعترف أن هناك طرف أخر من المتمردين يتحمل المسؤولية وكملها السيد كوفي عنان بمؤتمره الصحفي مع الجنرال مود عندما اعترف بشكل واضح وصريح بوجود مسلحين مما قلب السحر على السحار وافقدهم توازنهم وانتابتهم حالة من الهستيريا وشن هجوم إعلامي كاسح على المبعوث الدولي عنان والجنرال مود يذكرنا بشراسة الهجوم على رئيس البعثة العربية الجنرال الدابي الذي قال في بيانه كلمة حق من اجل الحق أحرجتهم أمام أسيادهم والعالم

وبالرغم من شراسة الهجمة الدولية على سورية صمدت بعد ستة عشر شهراً من الأزمة وأثبتت للعدو قبل الصديق أن الوحدة الوطنية للشعب العربي السوري تعززت اليوم أكثر من أي وقت مضي  وسرعت في ولادة قطب دولي جديد بقيادة روسيا والصين التي وضعت بداية النهاية لسياسة وحيد القرن الأمريكي الذي يخطط للهيمنة على العالم بشكل عام والمنطقة بشكل خاص وخاصة بعد سياسة العبث وتفجير الأوضاع في مصر العراق واليمن والسودان ولبحرين وغيرها واعتماد سياسة لعبث الطائفي والمذهبي فرض سياسة الفوضى الخلاقة ليسهل التدخل الخارجي والسيطرة على مقدرات الأمة وثرواتها

لكن هذا المشروع فشل بسبب صمود سورية ومحور قوى المقاومة والصمود في المنطقة التي حققت انتصارات مهمة على قوات الاحتلال الصهيوامريكي التي انهزمت تحت ضربات المقاومة من لبنان في عدوان تموز عام 2006 إلى العدوان على غزة نهاية العام 2008 بداية العام 2009 مرورا بالهزيمة الكبرى من العراق بداية هذا العام دون تحقيق أي نتائج سياسية أو عسكرية للغزو العسكري الذي احتل العراق عام 2003

 وها هم اليوم في أفغانستان يبحثون عن مخارج لتغطية هزيمتهم العسكرية تحت ضربات المقاومة الشعبية الأفغانية الباسلة

 وهذا ما اسقط هيبة الإدارة الأمريكية على الصعيد العالمي وافقدها المصداقية واثبت عجزها في تحقيق أهدافها وأهداف عملائها الصغار في المنطقة ممن راهنوا على سقوط النظام العروبي المقاوم في سورية بعد استيراد العصابات الإرهابية المسلحة من كل أنحاء العالم لضرب القلعة من الداخل والاعتماد على الشركات الإرهابية الأمنية الأمريكية والصهيونية الخاصة مثل " بلاك وتر " المتواجدة في بعض البلدان المجاورة لمتابعة الإعداد والتدريب الإشراف والتوجيه بغطاء إعلامي عالمي وتشكيل محور دولي داعم على الصعيد السياسي والاقتصادي مثل ما يسمى" مجموعة أصدقاء سورية " التي فرضت عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على سورية لفرض المزيد من الضغط وتشديد الحصار على الشعب العربي السوري وقيادته المقاومة

واستحضار التدخل العسكري الأجنبي تحت يافطة الفصل السابع لكنهم فشلوا بعدما أصبح من الماضي بعدما سرع الصمود الأسطوري للشعب السوري تشكيل معادلة قطب دولي جديدة حال دون تحقيق أهدافهم العدوانية بعد اتخاذ حق النقض الفيتو المزدوج الروسي الصيني لمرتين متتاليتين خلال فترة زمنية قصيرة وفرضت مبادرة روسية دولية جديدة تهدف لعقد مؤتمر دولي بخصوص الأزمة السورية بحضور البلدان ذات التأثير الجدي على أطراف الأزمة وفي مقدمتهم الجهورية الإسلامية الإيرانية التي حاولوا استبعادها لكنهم فشلوا بعدما اقر المبعوث الدولي الخاص كوفي عنان بضرورة مشاركتها في مؤتمر جنيف الدولي حل الأزمة سلميا

وانطلاقا من هذه القناعة فان القيادة في سورية قررت حسم المعركة مع المجموعات الإرهابية بعد الإنذار بتسليم أسلحتهم وإلا سيكون مصيرهم في مهب الريح لان الدولة لن ترحم بعد ذلك

  لان قرار الحسم العسكري سيمنح الحلفاء الروس والصينيين أوراق قوة في المفاوضات لفرض شرطهم على المحور الغربي المتصهين بقيادة الإدارة الأمريكية التي سترفع الغطاء السياسي عن العصابات الإرهابية المسلحة بموجب مقررات مبادرة عنان وتضغط على عملائها الصغار من المتصهينين في المنطقة وفي مقدمتهم قطر العظمى والسعودية وتركيا لوقف تمويل العصابات الإرهابية وتسليحها واحتضانها لتصبح هذه العصابات خارج اللعبة السياسية لأنها فقدت مبرر وجودها بعدما انهزمت في ميدان المعركة ومما يعزز هذا الموقف الصمودي السوري المقاوم الجاهزية القصوى للقوات المسلحة السورية التي حاول عملاء النيتو الصغار اختبار قدرتها واستعدادها وجها زيتها بعد اختراق إحدى الطائرات التركية  للمجال الجوي السوري وتم إسقاطها أسرع من صوت طائراتهم المعادية وهذا يعني أن سورية وجهت للمحور المعادي وعملائه الصغار في المنطقة وفي مقدمتها النظام التركي المتصهين  العاجز والذي يحاول الاستقواء باسياده في حلف الناتو بقيادة العدو الصهيوامريكي صفعة قوية ورسائل مهمة تحذرهم ن اللعب بالنار لأنها لن تحرق إلا  أصحابها مهما كانت قوتكم لان سورية  ليست ليبيا

وهذا يعني أن  فرص الحل السلمي للازمة في سورية أكثر من فرص الحل العسكري لان المحور الغربي بقيادة العدو الصهيوامريكي يدركوا أكثر من غيرهم أن سورية ليست ليبيا وأي محاولة للحل العسكري ستفجر المنطقة بحرب إقليمية قد تطال شظاياها الأمن والاستقرار العالمي لان سورية اليوم محصنة بالقوة في الداخل ولها عمق تحالفي استراتيجي إقليمي ودولي من طهران إلى المقاومة في لبنان وفلسطين إلى كل شرفاء الأمة وأحرار العالم وفي مقدمتهم الروس والصينيين وقد تشكل هذه الحرب الفرصة الذهبية لإزالة الكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين وفرصة ذهبية لإسقاط أنظمة الردة العربية المتصهينة وانهيار المصالح الأمريكية في المنطقة تعكس نتائجها على الشعب الأمريكي والشعوب الأوروبية لا تحمد عقباها واللبيب من الإشارة يفهم .