خبر رؤية ايلان رامون بعيون فلسطينية- هآرتس

الساعة 08:39 ص|27 يونيو 2012

 

بقلم: روني شوكان

نجح عضو الكنيست احمد الطيبي هذه المرة في ان يُغضب "اليسار" ايضا. فقد تجرأ الطيبي على التوجه الى وزير العلوم دانيال هيرشكوفيتس وان يطلب ألا يُسمى مركز الفضاء في الطيبة باسم رجل الفضاء ورجل سلاح الجو ايلان رامون، الذي قُتل في كارثة تحطم سفينة الفضاء كولومبيا في 2003.

        يجدر حتى قبل الفحص الجوهري عن طلب الطيبي ان نتمهل عند الصورة التي تم عليها، فقد تم في سرية دونما قصد الى ان يُنشر. فالطيبي الذي خطب قبل نحو من سنتين ونصف خطبة في يوم المحرقة الدولي عرّفها رئيس الكنيست رؤوبين ريفلين بأنها أفضل خطبة سمعها قط في الكنيست هو الزعيم العربي الذي يتحدث بلغة يهودية أفضل من كل زعيم عربي آخر (بل قد تكون أفضل مما يتحدث زعماء يهود كثيرون). وهو يفهم جيدا من هو ايلان رامون عند الأكثرية اليهودية باعتباره انسانا ورمزا – وهو الرجل الذي كان مشاركا في تدمير المفاعل الذري في العراق وأول رجل فضاء اسرائيلي – ويعلم الجزء من السيرة الذاتية لرامون الذي يعلمه الجمهور بصورة أقل وهو مشاركته بصفة طيار في سلاح الجو في حرب لبنان الاولى.

        كتب الطيبي الى هيرشكوفيتش في سرية كي لا يفرض على الجمهور اليهودي مواجهة تحدٍ للحساسية بشأن رامون. لكن هيرشكوفيتش تهمه الآن قضايا أهم كثيرا من ميراث رامون مثل مواجهة زبولون اورليف ونفتالي بانيت على رئاسة "البيت اليهودي". ولما كانت واحدة من الاستراتيجيات المهيمنة على اعضاء الحكومة الحالية هي جمع نقاط سياسية بالهجوم على الأقليات والطوائف السكانية الضعيفة الاخرى، وجد ذلك التوجه طريقه الى الفضاء العام وفي أعقاب ذلك يجب علينا الآن الفحص عنه بصورة مجردة.

        في حرب لبنان قُتل آلاف من المواطنين اللبنانيين والفلسطينيين، وكان من جملة اسباب ذلك اطلاق سلاح الجو الصواريخ. وقد عاش الشاعر الوطني الفلسطيني محمود درويش في بيروت زمن الحرب وكتب عنها في كتابه النثري الأول "ذاكرة للنسيان"، يُصور بشاعتها. وعلى هذه الخلفية لا يمكن ان نُبطل ادعاء الطيبي أن تسمية مركز الفضاء باسم طيار شارك مشاركة فعالة في حرب لبنان قد "تمس بمشاعر سكان المكان والوسط العربي بعامة".

        يمكن ان نعارض توجه الطيبي. فأولا، والشيء الأساسي أنه ليس واضحا ماذا كان نصيب رامون نفسه في الحرب وبأي هجمات شارك وبأيها لم يشارك. ويثور ثانيا سؤال ما هو السمين وما هو الغث – أحقيقة افتتاح المركز في الطيبة أم تسمية المركز باسم رامون (يحسن ان نعلم في هذا السياق ان الحديث عن "مركز" في داخل مبنى قائم بكلفة منخفضة تبلغ بضع مئات من آلاف الشواقل فقط – وليست هي بالضبط نشرا ونقلا لمركز فضاء كندي الى الطيبة – ستتحمل جزءا كبيرا منها البلدية). لكن هذا النقاش لا يجعل سؤال لماذا الاصرار على ان يُفرض على الجمهور العربي الاجماع الاسرائيلي اليهودي مع التجاهل الظاهر المتعالي للمعاني الرمزية المختلفة التي ينسبها اليهود والعرب لنفس الحوادث والناس، لا يجعله غير مُحتاج اليه.

        ان زعامة الطيبي وسببها خاصة أنه يعرف الجمهور اليهودي جيدا لا يجب ان تُمتحن فقط بقدرته على الاشارة الى فروق بين الرواية اليهودية والرواية الفلسطينية، وان يعمل على ألا تُمحى الثانية. بل عليه ايضا ان يعثر على مباديء وناس يمكن ان تنشأ حولهم روح جامعة اسرائيلية مشتركة. لكن التحدي المهم هو تحدي الجمهور اليهودي خاصة، فعليه ان يسعى الى ان يعرف أكثر تاريخ الأقلية العربية وحضارتها. ولا يقل عن ذلك أهمية أنه لا ينبغي له ان يهب في كل مرة يتحدى فيها ناس كالطيبي روايته المجمع عليها.