خبر إخلاء من طرف واحد، بالتوافق- هآرتس

الساعة 08:38 ص|27 يونيو 2012

 

بقلم: جلعاد شير

عسكريون متقاعدون وسياسيون كثيرون ينتقدون مؤخرا مبدأ "الارض مقابل السلام" بشكل عام، والخطوات احادية الجانب بشكل خاص. هكذا، مثلا، ادعت موشيه ارنس في مقاله "متلازمة الانسحاب احادي الجانب" (هآرتس – 5/6)، لان هذه الاستراتيجية، الى جانب مبدأ "الارض مقابل السلام"، تتخذ المرة تلو الاخرى رغم الاضرار التي الحقتها باسرائيل.

        ولكن، ما البديل؟ في الاسبوع الماضي فتح معرض الفنان الاسرائيلي لاري ابرسمون، "1967". تحت اللون الذي دهنت به اعداد قديمة لصحيفة "هآرتس" من عهد حرب الايام الستة، تطل اعلانات النعي للشهداء، الى جانب عناوين مثل "الجيش الاسرائيلي يضرب بشدة المعتدي العربي" واعلانات تدعو الى ضم المناطق. عند النظر الى المعرض يخيل أن الـ 45 سنة التي مرت منذ حرب الايام الستة لم تقربنا، ولا بقليل، من تحقيق الحلم الصهيوني لدولة قومية، تقوم على اساسا مبادىء المساواة والديمقراطية. في العقد السابع من وجودها ليس لاسرائيل وحدود معترف بها ولا دستور، الحيويين لضمان هويتها كدولة الشعب اليهودي، صهيونية وديمقراطية. انعدام الحدود يتغلغل كالسم في كل مجالات حياتنا. الواقع الديمغرافي المتشكل على الارض غربي نهر الاردن يعرض للخطر هويتنا القومية وتكافلنا الداخلي، وهي من أسس اسرائيل في سنواتها الاولى. تآكلت جدا ايضا مكانتنا الدولية.

        المصلحة الاسرائيلية تستوجب العمل – بالتوازي مع السعي لاستئناف الحوار السياسي واستنفاده – وسائل سياسية مبادر اليها ومستقلة ايضا. هذه السياسة يجب أن تكون منسقة جيدا ومسبقا مع الاسرة الدولية – كعنصر أساس في الاستعداد لواقع الدولتين للشعبين. وذلك لانه اليوم، حقيقة أن المفاوضات السياسية عالقة تمنح المتطرفين من كل الاطراف حق الفيتو على تحقيق غاية اسرائيل كدولة ديمقراطية وكوطن للشعب اليهودي.

        خلافا لما يفهم من الشعارات ضد "احادية الجانب" – ثمة مجال لخطوات احادية الجانب مدروسة وموزونة. مثل هذه الخطوات ستسمح بتلطيف حدة النزاع من خلال الخلق التدريجي لواقع الدولتين، وهي غير منوطة بوضع المفاوضات. وذلك بالتوازي مع التطلع الثابت لاستنفاد المفاوضات على الاتفاق الدائم، او على الاقل لتحقيق تسويات سياسية في الطريق الى التسوية الدائمة المستقبلية.

        خطوة احادية الجانب هامة من هذا النوع هي اعداد خطة وطنية لاستيعاب المستوطنين الذين سيعودون الى دولة اسرائيل في حدودها المعترف بها، سواء بالاتفاق او بدونه. هذه خطوة غير مشروطة، يجدر القيام بها دون صلة بالموعد الذي ستطبق فيه. ينبغي السماح للمستوطنين الذين يرغبون في ذلك بان يجلوا قبل الاتفاق، في ظل الحصول على تعويض مناسب. هذا هو الواجب الاخلاقي من اسرائيل تجاه مواطنيها، الذين في حينه طلب اليهم الاستيطان في يهودا والسامرة. القانون الذي سيسن لهذا الغرض سيحل بذات الفرصة ايضا مشاكل مثل مسألة التعويض لاولئك من سكان تل الاولبانه ممن يختارون العودة الى نطاق الخط الاخضر.

        ومع أنه لا يدور الحديث هنا عن اجلاء اكراهي – ينبغي أن يترافق وحوار مع المستوطنين. تغيير الحوار بين الحكومة وبينهم كفيل بان يوسع التأييد النشط لغالبية الجمهور، الذي يؤيد حل الدولتين. والاستعداد المسبق سيسهل التصدي للتحدي المعقد الذي يفرضه الاجلاء. ومع الوقت، فان استيعاب المستوطنين الذين يضطرون الى الجلاء في اطار التسوية، او بعد قرار ذاتي من حكومة اسرائيل، يجب أن يتم في ظل مراعاتهم وكرامتهم. وذلك لان التخلي عن مشروع حياتهم الايديولوجي سيجبي من اولئك المواطنين ثمنا شخصيا واجتماعيا.

        اما بالنسبة لمسألة الامن – فعلى اي حال الجيش الاسرائيلي سيبقى ايضا في مناطق المستوطنات وفي مواقع تجلى طواعية، وسيبقي لنفسه حرية العمل. دروس فك الارتباط من غزة استوعبت.

        بدلا من الانشغال بامور حماسية مثل نشر المنازل وتسويغ موضعي لسلب الاراضي، على الحكومة أن تعمل انطلاقا من رؤية شاملة لتثبيت أمن اسرائيل والاستعداد لاجلاء المستوطنين بشكل مباشر ونزيه – وليس تضليل الجمهور بشعارات فارغة. مثل هذا الاجلاء سيكون مطلوبا حين تحل الساعة للانفصال الى دولتين. الائتلاف الحالي يسمح لبنيامين نتنياهو بان يسجل في التاريخ كزعيم قرر حدود اسرائيل وضمن في داخلها الاغلبية اليهودية، التكافل والديمقراطية للاجيال القادمة أيضا.

        وإذ تدفع بنفسها الى الامام الاستعداد لواقع الدولتين، فان اسرائيل ستنقل الرسالة التي تقول انها لا ترى في الاراضي شرقي الجدار الامني جزءا مستقبليا منها، وذلك دون تعريض امنها للخطر في المراحل الانتقالية والمراحل اللاحقة. مفهوم التقدم الحذر والمدروس، بخطوات احادية الجانب، يسمح لاسرائيل بالعمل حسب مصلحتها القومية بعيدة المدى، دون صلة بافعال الطرف الاخر او قصوراته.