خبر الرئيس انتخب– صلاحياته لم تحدد بعد- هآرتس

الساعة 08:47 ص|26 يونيو 2012

بقلم: تسفي بارئيل

الجلبة كانت متوقعة. في اللحظة التي بدأ فيها رئيس لجنة الانتخابات العليا، فاروق سلطان، يتلفظ بالارقام الاولى للعدد المصيري الذي حظي به محمد مرسي في الانتخابات، أوقفه الجمهور بهتافات عالية، بعضها بسعادة وبعضها بغضب شديد. عندها فقط، في تلك اللحظة المثيرة، بعد أكثر من ساعة من التلاوة المضنية لتفاصيل الطعون التي رفعت الى اللجنة، تبين أن مرسي فاز بالرئاسة باقل بقليل من مليون صوت.

وبذلك انتهى القسم الثاني من الحفلة الديمقراطية التي احدثتها الثورة في مصر التي بدأت في 25 يناير 2011. القسم الاول انتهى في شهر كانون الاول الماضي، عندما انتخب البرلمان الاول "للجمهورية المصرية الثانية" – لقب مصر بعد مبارك.

انتخاب مرسي هو استعراض لجوهر الثورة المصرية في عدة جوانب. بعد قرابة ستة عقود كانت فيها حركة الاخوان المسلمين محظورة حسب القانون، بعد صراع الجبابرة الذي أداره ضدها ثلاثة رؤساء – عبد الناصر، السادات ومبارك – استولت الحركة على الحكم، سواء في البرلمان أم على كرسي الرئاسة. انتخابها رمز الى تطلع الثوار، الكثيرون منهم علمانيون وليبراليون، للاطاحة برعب حكم مبارك القمعي. انتخاب مرشحي الحركة مثله كمثل الاحتجاج ضد النظام القديم. وليس غنيا عن الذكر بان ليس الاخوان المسلمون هم الذين بدأوا الثورة، فقد انضموا اليها وقبل أن تبدأ رأوا في حركة الشباب تهديدا لمكانتهم.

هذه ثورة ترجمت الاحتجاج من المظاهرات في ميدان التحرير الى فعل سياسي، ديمقراطي، لعب فيه الدستور، القانون والمحاكم دور الابطال الرئيسيين مقارنة بالنظام القديم الذي شكل فيه القانون والدستور أداة مساعدة مشوهة لتطبيق ارادة الحاكم. الجمهور، لاول مرة، كان يمكنه أن يقول كلمته دون خوف، ومعدل التصويت العالي نسبيا في كل الحملات الانتخابية يشهد على ذلك.

ولكن انتخاب مرسي يوضح بان 85 مليون مواطن مصري منقسمون في مواقفهم. فارق أكثر بقليل من 3 في المائة في صالح مرسي يوضح جيدا، للاخوان المسلمين ايضا بان الحديث لا يدور عن انتصار جارف وان الحركة ليست كلية القدرة رغم أنها تسيطر على مواقع أساسية. كما أن هذا هو السبب في أن مرسي بدأ منذ أمس ادارة اتصالات مع قادة حركات سياسية اخرى، غير دينية، للوصول الى توافق على تشكيلة الحكومة القادمة. احدى الامكانيات التي بحثت هي تعيين رئيس وزراء "حيادي" لا ينتمي الى أي من الحركات التي فازت في الانتخابات للبرلمان بل وطرح اسم د. محمد البرادعي. كما أن مرسي كفيل بان يعين لنفسه، ولرئيس الوزراء، نوابا من أوساط حركات الشباب والحركات العلمانية التي بدأت الثورة.

حيال التخوف الطبيعي من تحول مصر الى دولة شريعة، يشير انقسام الاصوات الى أن مرسي وحركته سيضطران الى السير بحذر شديد في كل سلوكهم السياسي الداخلي والخارجي. ذات ميدان التحرير الذي أحدث الثورة والذي احتشد فيه مئات الالاف انتظارا لنتائج الانتخابات، اصبح برلمانا شعبيا يمكنه أن يفرض ارادته على كل حكم مصري.

        مرسي لا يمكنه أن يتجاهل مكانة الجيش القوية وواجب ادارة شبكة علاقات طيبة مع الولايات المتحدة. ليس فقط بسبب المساعدة المالية التي تمنحها واشنطن لمصر، بل لان كل رئيس مصري يرغب في اعادة بناء مكانة الدولة الجغرافية السياسية يحتاج الى شراكة امريكية وسعودية. الاجندة الاقليمية لكليهما ستلزم مرسي، الذي يعرف الولايات المتحدة جيدا من فترة دراسته فيها، ومن الاتصالات المتواترة التي كانت له مع مندوبين امريكيين في السنة الاخيرة، بتبني لغة جديدة. لغة رسمية تختلف عن لغة الحركة.

        مرسي وان كان عضوا مؤسسا في "لجنة مكافحة المشروع الصهيوني" ووصف اسرائيل بـ "الكيان الصهيوني" الا انه في القرار الاستراتيجي لحزب الحرية والعدالة للاخوان، الاعتراف بكل الاتفاقات التي وقعتها الحكومة المصرية مع كل الدول، اوضح الناطقون بلسان الاخوان بانهم متمسكون باتفاق كامب ديفيد. اذا كانت توجد نية خفية لاعادة النظر في بنوده من جديد او تغييرها، فان هذه بالتأكيد لن تصل الى البحث في الفترة القريبة القادمة.

        احتفالات النصر للاخوان المسلمين و "خيمة العزاء" لخصومهم ستستبدل في الايام القريبة القادمة بمعركة سياسية جديدة وكثيرة المخاطر. على مؤسسات السلطة، المجلس العسكري الاعلى، الرئيس الجديد والحركات السياسية ان يحسموا فورا مسألة الدستور الجديد، الانتخابات للبرلمان لـ 166 مقعدا سبق أن الغيت، وصلاحيات الرئيس المؤقتة. وحسب الجدول الزمني الذي قرره المجلس العسكري، سيتعين على لجنة الدستور ان تصيغ الدستور في غضون ثلاثة اشهر. بعد شهر من ذلك سيطرح الدستور على استفتاء شعبي وفقط بعد ذلك سيتبين ماذا ستكون عليه صلاحيات الرئيس.