خبر حرب الاستنزاف على سكان سوسيا -هآرتس

الساعة 08:26 ص|25 يونيو 2012

حرب الاستنزاف على سكان سوسيا -هآرتس

بقلم: عكيفا الدار

        (المضمون: تبيان للظلم الذي توقعه السلطات الاسرائيلية في المنطقة (ج) في الاراضي المحتلة على سكان قرية سوسيا جنوبي جبل الخليل - المصدر).

        من المؤسف ان شرطة اسرائيل لا تُظهر قدرا قليلا من التصميم في مواجهة مستوطنين يستولون على اراض خاصة لفلسطينيين، مثلما تُظهر في طرد المستوطنين المؤقتين في جادة روتشيلد. ومن المؤسف ان نشطاء العدالة الاجتماعية يديرون ظهورهم للطرد الزاحف الذي تنفذه حكومة اسرائيل في المناطق المحتلة. ومن المؤسف ان وزير الخارجية افيغدور ليبرمان لا يُظهر شيئا قليلا من الحساسية بصورة اسرائيل في العالم مما يُظهر بهجومه "الحق" على الطرد المغطى اعلاميا للمهاجرين الافارقة حتى حينما يكون الحديث عن سلب آلاف الفلسطينيين ارضهم وهو ما يُضر بصورة اسرائيل (وبحق).

        ان جمعية اليمين "رغافيم" خاصة تكشف عن العمل الفاسد الكبير، أعني أوامر الهدم، التي أصدرتها الادارة المدنية على 52 مبنى في سوسيا الفلسطينية على أثر استئناف الجمعية، وهي فصل آخر مظلم في قصة "السلب القانوني" – أعني طرد الفلسطينيين تحت ظل اتفاقات اوسلو. ان قضية القرية البائسة في جنوب جبل الخليل تحطم رقما قياسيا في الاستعمال السيء لصلاحيات مدنية وأمنية منحها الاتفاق المرحلي (اوسلو الثاني) اسرائيل في المنطقة (ج). فقد تحولت الصلاحيات التي كانت ترمي الى تمكين السلطات الاسرائيلية من تدبير شؤون المستوطنات الى ان تنضج التسوية الدائمة، تحول الى جهاز قاسٍ للضم الفعلي لـ "اراضي الدولة" والاستيلاء على ارض خاصة لعشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين يسكنون هذه المنطقة.

        تم توثيق وجود قرية سوسيا في موقعها في سنة 1830 وذُكر في خرائط انتدابية من سنة 1917. وتصدق وثائق رسمية للدولة ان اراضي القرية هي في ملكية خاصة وذاك شيء جعل من الصعب شيئا ما تسليمها الى المستوطنين. ولما كان الامر كذلك فانه في الطريق الى ضمها الى مستوطنة سوسيا، صودرت "لحاجات عامة" وأُعلن ان المكان موقع أثري. وحُظر على المستوطنين في ظاهر الامر ايضا ان يبنوا في داخل الموقع. لكن البؤر الاستيطانية في واقع الامر تنمو وتزهر بلا تشويش تقريبا. ونقول "تقريبا" لأن "منظمات مؤيدة للارهاب"، كما يقول ليبرمان، وعلى رأسها تعايش و"حاخامون من اجل حقوق الانسان" توثق اعمال السطو العنيفة لـ "المستوطنين": من إفساد للحقول والاشجار وتسميم لحقول الرعي وآبار الماء، واحراق الخيام والهجوم على عائلات في داخل بيوتها.

        ان حكومة اسرائيل مسؤولة بسبب صلاحياتها عن تزويد سكان المنطقة (ج) بالحاجات وعن تنفيذ القانون فيهم بلا تفريق ديني وقومي، لكن لا حاجة الى تقارير منظمات دولية كي نعرف سياسة السلطات التمييزية، وحسبُنا ان نزور واحدة من برك السباحة الجديدة للمستوطنين وان ننظر الى آبار ماء سوسيا. فالسلطات فوق أنها لا تهتم بأن تُربط المدرسة المرتجلة لاولاد القرية بشبكة الكهرباء، تريد ان تهدم المنشأة الشمسية التي أُنشئت في المكان بمساعدة حكومة المانيا وصودرت سيارة النقل التي تنقل الطلاب الى المدرسة المرتجلة.

        تتم حرب الاستنزاف على سكان سوسيا وعلى رفاقهم الذين يعيشون في المنطقة (ج) ايضا في احكام آثم، وسلطات التخطيط تؤخر منذ سنين الخطة الهيكلية للبلدات الفلسطينية. واذا لم توجد خطة فانهم يبنون بلا رخص، واذا بُني بلا رخص فهناك أوامر هدم.

        اذا كان قد أُجيز في 1972 نحو من 97 في المائة من الطلبات وعددها 2134 طلبا فقد أُجيز في سنة 2005، 13 طلبا فقط، أي 6.9 في المائة من 189. ولم يعد الفلسطينيون في السنين الاخيرة يُجهدون أنفسهم في تقديم طلبات رخص بناء. وفيما يتعلق بتنفيذ قوانين التخطيط والبناء تُبدي السلطات الاسرائيلية اجتهادا كبيرا حينما يكون الحديث عن الفلسطينيين. وبحسب معطيات الادارة المدنية نُفذ في السنين 2000 – 2007 نحو من ثلث أوامر الهدم (في نحو من 1100 مبنى) في بلدات فلسطينية قياسا بأقل من 7 في المائة في المستوطنات. وبرغم ان عدد السكان الفلسطينيين في المنطقة (ج) لا يبلغ نصف عدد سكان المستوطنات فانهم "يحظون" وتُفتح عليهم ثلاثة ملفات مخالفات بناء غير قانوني من كل اربعة.

        من المؤسف ان قلة قليلة فقط من الاسرائيليين يثورون على الطرد المنهجي لناس لا يريدون سوى العيش على ارضهم وان يُربوا أبناءهم في ارضهم. ومن المؤسف أنه لا توجد تغطية اعلامية لهذا الواقع – وهو قصة حقيقية تجري منذ سنين قرب بيوتنا. وسندفع الثمن باهظا عن هذا الاثم.