خبر الاقتصاد سينتصر -معاريف

الساعة 07:51 ص|24 يونيو 2012

 

الاقتصاد سينتصر -معاريف

بقلم: اسرائيل زيف

        (المضمون: أمامنا توجد امكانيتان: الابقاء على الجمود، الذي يؤدي الى رصاص مصبوب 2، وبعد ذلك رصاص مصبوب 3 أو السير نحو استراتيجية بديلة: الاقتصاد أولا، وبعد ذلك فقط اتفاق سياسي - المصدر).

        عندما تبدأ غزة بالاشتعال، فان سكان الجنوب يكونون مرة اخرى تحت النار، وسيناء تصبح لبنان ومستقبل مصر لا يزال غير واضح – يوجد مجال لفحص نهج آخر. نهج يمكنه أن يجيب على المشاكل المتعاظمة حولنا وقد يسمح بتعطيل الرغبة المتطرفة التي تؤدي الى اطلاق صواريخ غراد من غزة، احراق أعلام اسرائيل في ميدان التحرير وارسال الاساطيل مثل مرمرة. حان الوقت لان نفهم بان الحلول العسكرية الحماسية لا تجلب حلا.

        الصين وافغانستان وقعتا مؤخرا على اتفاق تعهدت فيه الصين بتزويد أفغانستان بمساعدة امنية شاملة بعد الانسحاب الامريكي وزيادة استثماراتها بالدولة بعشرين مليار دولار. للصين توجد حدود مشتركة مع افغانستان ومصلحة امنية كبيرة في الدولة: فهي تخشى من القرب وامكانية التعاون بين منظمات الارهاب الاسلامية في افغانستان وبين طالبان الآخذة في التعزز.

        كقوة عظمى مع عدد سكان يبلغ اكثر من مليار نسمة، فان النظام الشيوعي في بيجين على علم بحقيقة أن استخدام الايديولوجيا والقوة العسكرية فقط يجعل مستقبل كل حكم محدود الزمن. الشعب، في كل مكان، يريد أن يأكل ويضمن مستقبله. وعليه فقد تبنى النظام سياسة السياقات الاجتماعية – الاقتصادية مع تحول ليبرالي محدود قادرة على ان توجه هذه السفينة الهائلة بشكل مدروس وسليم وتجلب النتائج.

        هذه الفلسفة تنقلها الصين ايضا الى سياستها الخارجية. فهي تتخذ سياسة خارجية برغماتية اقتصادية، دون ايديولوجيا وسياسة، وتوجه نفسها الى كل مكان يمكنها فيه أن تخلق نفوذا وربحا اقتصاديا.

        النهج الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة – استخدام القوة وفرض ايديولوجيا ديمقراطية – ليست فقط مسألة عدل وظلم، ولا حتى مسألة نجاعة. هذه مسألة جوهرية للاستقرار العالمي. التدخل، حتى لو كان صحيحا في البداية، سرعان ما يتحول من عطف الى كراهية، ولما كان لكل دخول موعد خروج أيضا – فان ما يتبقى في الخلف هو بشكل عام تفاقم للوضع الذي أدى الى الدخول منذ البداية. العراق المتفتت هو مثال حي على ذلك.

        اسرائيل، التي ترى نفسها قوة عظمى اقليمية، تسير في أعقاب النهج الامريكي وتعتمد على قوتها وردع سلاحها. مشكلتها الاساسية لا تكمن بالضرورة في اختلاف النهج السياسي بين حكوماتها، مثلما درج على التفكير في مسألة القضية الفلسطينية. فقد تبين لنا بان النهجين لم يجلبا اتفاق سلام حقيقي. مشكلتنا الاساسية هي غياب استراتيجية وطنية طويلة السنين وواعية، استراتيجية تنظر الى ما وراء الولاية السياسية وتنطوي في داخلها على فهم في أنه يحتمل الا يكون الزمن بالضرورة ناضجا لحل كامل في هذا الوقت، والطريق الى اتفاق حقيقي يتطلب مسيرة انضاج طويلة.

        ما هو القابل للتحقق الفوري حقا؟ تفكيك المحفز الاساس – ضائقة الفقر والاستياء في الطرف الاخر، والتي تخدم المتطرفين. يمكن أن نحدد مرحلة انتقالية، موضوعها "الانتصار على اليأس من خلال ممارسة "القوة الناعمة" على نحو يشبه ما يجري في افغانستان. ولا حاجة الى الابتعاد حتى هناك: يمكن أن ننظر الى ما يجري تحت أنفسنا. ابو مازن نجح في أن يخلق في يهودا والسامرة سيطرة من خلال الرفاه، الامر الذي عظم قوته وساعد على تخفيض الدافعية للمس باسرائيل.

        كمية المتصفحين في الهواتف الخلوية الذكية في شوارع بيت لحم تجسد الى أين يتجه الجمهور هناك. لسكان غزة، الذين يعيشون في ضائقة اقتصادية متعاظمة، لا يوجد ما يخسرون. هذه الضائقة تشكل وقودا مركزيا في صعود قوة حماس وباقي منظمات الارهاب. والامر صحيح ايضا في علاقاتنا مع مصر: السلام السياسي لم ينجح في أن يقوم على أساس مصالح اقتصادية عميقة، وعليه فسهل اليوم للمرشحين للرئاسة التلويح بالغائه لارضاء شعبهم.

        أمامنا توجد امكانيتان: الابقاء على الجمود، الذي يؤدي الى رصاص مصبوب 2، وبعد ذلك رصاص مصبوب 3 أو السير نحو استراتيجية بديلة: الاقتصاد أولا، وبعد ذلك فقط اتفاق سياسي. على اسرائيل أن تعترف بالقوة المتصاعدة للتأثير الاقتصادي والرفاه واتخاذ أعمال بعيدة المدى تنتج تأثيرا ايجابيا لزمن أطول.