خبر التأثير الافغاني- يديعوت

الساعة 08:09 ص|21 يونيو 2012

التأثير الافغاني- يديعوت

بقلم: غي بخور

بدأ مسار أفغنة العالم العربي قبل نحو من عشر سنين مع انحلال لبنان والعراق الى عصابات مسلحة وقبائل وطوائف، والسلطة الفلسطينية بعد ذلك وكذلك الصومال واليمن، فلبنان اليوم عصابة مسلحة – حزب الله – لها دولة. لكن هذا المسار حصل على دفعة ضخمة الى الأمام بما سُمي "الربيع العربي": فان سائر الدول العربية تنحل وتختفي وتظهر بدلها هويات محلية على هيئة عصابات مسلحة عنيفة على نحو عام. وليست الدولة العربية وحدها هي التي تختفي بل مؤسساتها ايضا وهذا مسار يمر به العالم العربي كله ويجعله افغانستان في صورة محلية. فالشعور الوطني يتهاوى لترتفع العصابات المسلحة مكانه.

لم تعد سوريا موجودة بصفة دولة ويتوقع ان تنقسم في نهاية سنوات قتال طويلة الى محابس طائفية تحتفل بينها منظمة القاعدة. وتتابع السلطة الفلسطينية انحلالها، وفي مصر تسقط الدولة مع مؤسساتها ويظهر بدلا منها الجيش الذي أصبح موجودا بصفة قوة قائمة بنفسها، أو حركات اسلامية متطرفة، فلم يعد في مصر مجلس شعب ولا دستور بل ان منصب الرئيس مهدد بعدم الشرعية من قبل جهات كثيرة  في المجتمع.

يبرز مسار الانحلال في ليبيا التي كانت في الماضي دولة مستقرة، وهي مؤلفة اليوم من عشرات العصابات المسلحة الاسلامية التي يحارب بعضها بعضا. بل ان واحدة من العصابات سيطرت في المدة الاخيرة على مطار طرابلس الدولي الى ان تُقبل شروطها. وقد انحلت ليبيا نفسها الى "دولتين" متعاديتين.

وهذا ما يحدث ايضا في الجزائر التي تنتقض أجزاؤها البربرية، وفي المغرب ايضا. وتحولت سيناء التي كانت ذات مرة قلعة مصرية مستقرة الى مملكة القاعدة وأصبح البحر الاحمر بحر القاعدة. وانحلت السودان الى دولتين والثالثة وهي دارفور في الطريق، ولن نتحدث عن العراق الذي أصبح اقليم كردستان منه مستقلا تماما تقريبا، وبدأ ينشأ محبس سني هو صلاح الدين أمام العيون. ومن المعلوم انه تعمل في العراق عصابات مسلحة كثيرة وتشهد على ذلك العمليات الانتحارية التي أصبحت أمرا معتادا هناك.

تجد اسرائيل نفسها محاطة بمنظمات اسلامية مسلحة حتى أعناقها، وبدل ان تكون محاطة بدول هي محاطة بمنظمات ذات سيادة. حزب الله من الشمال وسوريا المنحلة من الشمال الشرقي وحماس من الجنوب الغربي وسائر المنظمات الارهابية الفلسطينية، والسلطة الفلسطينية من الشرق وتعمل في اطارها سلسلة عصابات مسلحة اسلامية أو حمائل مسلحة، ومن الجنوب – صحراء سيناء مع الارهاب الذي فيها والذي يأتي جزء منه من ليبيا أو السعودية. ما تزال المملكة الاردنية وحدها مستقرة، لكن الاستقرار هناك ايضا بدأ ينتقض.

هذا يعني بالنسبة لاسرائيل ان اتفاق سلام مع نظم الحكم لم يعد ممكنا. فما الداعي الى التوصل الى اتفاق مع السلطة الفلسطينية أو مع نظام الاسد اللذين سيحل محلهما في الغد عصابة مسلحة اسلامية ما ولن يعودا موجودين؟ ان الاتفاق لا يُعقد لسنة أو سنتين بل لمئة سنة والأحمق وحده هو الذي يتوصل الى اتفاقات مع نظم حكم مؤقتة على الورق.

يبرهن الدرس التاريخي على ان كل ارض أخلتها اسرائيل من اجل السلام استولت عليها منظمات ارهاب، وهذا ما حدث في سيناء وفي جنوب لبنان وقطاع غزة وأجزاء من يهودا والسامرة. يرى العالم كله الارهاب الذي يأتي من سيناء ومن قطاع غزة اللذين كانا ذات مرة تحت سلطة اسرائيلية. فوق ذلك نشك في ان يكون مجرد مصطلح "نظام عربي" قد بقي موجودا.

وبعبارة اخرى لم تعد موجودة صيغة "السلام مقابل الارض" – التي تعتمد على نظام عربي قوي وضمانات وعلى التزامات لسنين طويلة للاستقرار والنظام.

ان البلقنة وتأثير افغانستان العربي خاصة يُسهلان جدا على اسرائيل في العالم ويُسقطان عنها الضغط وبحق. فالجميع في أنحاء العالم يرون الاضطراب في المنطقة العربية بحيث أصبح موقف اسرائيل الرسمي المعارض لتنازلات اخرى عن مناطق تتم بلا أساس تعتمد عليه، أصبح مفهوما ومنطقيا ومقبولا عند اوساط واسعة في الرأي العام العالمي.