خبر إنسوا الحمص في دمشق- معاريف

الساعة 10:00 ص|20 يونيو 2012

 

إنسوا الحمص في دمشق- معاريف

بقلم: نداف هعتسني

        (المضمون: حرب أهلية في سوريا، حدود متوترة مع مصر، دولة ارهاب في لبنان وشريك غير موجود في رام الله. فهل لا يزال احد يؤمن بتحقيق السلام في الاجيال القادمة!؟ - المصدر).

        محبو الحمص الإسرائيليون سيخاطرون اليوم جدا اذا ما حاولوا مسح صحون الحمص بالخبز في القاهرة. فمسح الحمص في العواصم العربية شكل عنصرا هاما في الحاجة الى التحلل من كل ذخائرنا والمخاطرة باتفاقات مهزوزة مع مجتمعات معادية وأنظمة خائنة مثل مصر، سوريا والفلسطينيين. من يتحدث اليوم عن الحمص في السياق المصري. سفير اسرائيل يسافر في كل نهاية اسبوع الى البلاد لانه لا توجد شقة للسفارة، وأحد غير مستعد لان يؤجر مبنى لحكومة اسرائيل في مصر. والحكومة المصرية، تلك التي يفترض بها أن تتأكد من أن "السلام" ينفذ، كفت حتى عن اللعبة المزدوجة لعهد مبارك. قبل أن تسقط في ايدي "الاخوان المسلمين"، محبي الخلافة الاسلامية وعاصمتها القدس، فان مصر هي ببساطة دولة معادية؛ دولة مواطنوها يكرهوننا ولها حدود طويلة من الارهاب والثكل. من أجل اولئك سلمنا العمق الاستراتيجي لسيناء، النفط، المضائق، خط الساحل والشواطىء المذهلة.

        أما في دمشق، فحتى المحليين يمسحون دما من الشوارع أكثر مما يمسحون حمصا في المطاعم. تخيلوا اننا كنا أعطينا كل هضبة الجولان وثلث بحيرة طبريا وأنزلنا معهم اليوم أرجلنا في مياه الحرب الاهلية السورية. مشكوك أن يكون هناك من لا يزال يوهم نفسه في أن حكما ما مستقبليا في سوريا يمكنه أن يضمن لنا ان يمسح الحمص بالخبز بأمان في دمشق. العداء لنا يتميز به كل الاطراف. وسواء بقي الاسد أم صعد المدعومين من القاعدة وسواء تفككت الدولة الى عناصر فان شعبا سوي العقل لن يأخذ المخاطر حيالهم. أما عن الفلسطينيين فلا حاجة للاستطراد. باستثناء عناصر اليسار المسيحانيين ووكلاء "السلام" المهنيين الذين يتغذون بميزانيات أجنبية سمينة،  لم يعد أحد يؤمن أن حقا يوجد لنا شريك للسلام في رام الله، شريك جدير بان نأخذ حياله المخاطر.

        وما هي الدروس التي نستخلصها حيال حدة هذا الواقع؟ محافل اليسار المهني والمسيحاني لا يمكن تشويش عقله بالحقائق، ولكن ماذا عن كل من تبقى؟ وماذا عن حكومة اليمين لنتنياهو؟ متى جرى مؤخرا نقاش في الحكومة أو في مستويات رسمية اخرى، جرت فيه محاولة لبلورة استراتيجية تجاه البرهان المطلق في أن السلام الحقيقي لن يتحقق في الاجيال القريبة مع اي من جيراننا؟ ونتنياهو، بالمناسبة، لم يتراجع بعد عن خطاب الدولة الفلسطينية الذي القاه دون أي صلاحيات. أولم يحن الوقت لان يفعل ذلك؟

        حتى حيال ما يجري في الجبهة المصرية، تخاف حكومة نتنياهو التنفس. والان بات واضحا انه نشأت لنا في سيناء منطقة فاصلة من الارهاب. غير أنه للمفارقة صحيح حتى الان الاتفاق مع القاهرة يضع القيود على أيدينا، قيودا تمنعنا من عمل ما كنا سنعمله في كل حدود ارهابية اخرى، حتى في الحدود اللبنانية. نحن لا نتجرأ حتى على ارسال مروحيات خلف خط الحدود لاحباط الارهاب. وبشكل عام، في جبهة الجنوب نحن نقف أمام خليط من ثمار السلام: "الاغراض المتطايرة" على حد وصف مستشار شارون، دوف فايسغلاس، تسقط على الارض بكميات كنتيجة لعبقرية فك الارتباط وتحولت منذ زمن بعيد لتصبح تهديدا استراتيجيا. اما دولة الارهاب قيد الانشاء فتعتور في سيناء، تلتصق بقطاع غزة وتخلق خطرا أعلى بكثير من ذاك الذي أجبربنا على الشروع في حرب لبنان الثانية حيال دولة المخربين التي نشأت في حينه في لبنان. لعله حان الوقت لان نقف أخيرا امام الواقع ونكف عن خداع أنفسنا واطلاق أناشيد السلام؟

---------------------