خبر جدران في الوعي- يديعوت

الساعة 08:23 ص|19 يونيو 2012

جدران في الوعي- يديعوت

بقلم: دانيال هارتمن

اشتغل رئيس الوزراء والوزراء وجهاز القضاء والصحف اياما كثيرة جدا في مصير خمسة مبان وسكانها في حي الاولبانه. وبرغم اصرار رئيس الوزراء الشديد على رفض قانون التسوية كان أمر واحد واضحا وهو ان المستوطنين وقادتهم ومؤيديهم انتصروا في هذه المعركة. والسؤال هو هل انتصروا في الحرب؟.

"إصنعوا سياجا للتوراة"، هذه استراتيجية شرعية تربي الانسان على ألا يقترب مما حُرم عليه. فاقامة الأسيجة وبناء الجدران يصوغان السلوك في مستوى اللاوعي بقصد ابعاد الانسان عن المخالفة الشرعية.

ان القيادة في يهودا والسامرة التي ترعرعت على مباديء السياج تستعملها على الدوام لتصوغ الوعي العام في شأن اخلاء للمستوطنات في المستقبل. وان جعل موضوع تل الاولبانه موضوعا مبدئيا جدا هو جزء من استراتيجية ترمي الى تعويدنا وتعويد الساسة انه حتى التفكير في الاخلاء أمر محظور. اذا كانوا يراكمون هذا القدر الكبير من الصعاب على خمسة مبان فانه يصعب ان نتخيل ماذا سيحدث حينما يُطرح للنقاش اخلاء المستوطنات خارج كتل القدس ومعاليه ادوميم وغوش عصيون واريئيل. لكن هذه هي النقطة بالضبط وهي ان ما يصعب تخيله يصبح خياليا.

ان رئيس الوزراء باستقرار رأيه على حل البيوت وتركيبها على تل قريب وبناء ما بين 10 مبان الى 150 مبنى اخرى مقابل كل واحد منها سقط في شرك "المحظور تناوله" الذي دفنه المستوطنون له. وقد كادت تصبح الحاجة الى الارضاء بلا وعي أمرا ضروريا يجعل عقيدة المستوطنين في مركز سياسة الحكومة. وليست المشكلة الحقيقية هي البيوت الخمسة في بيت ايل بل بيت ايل نفسها ومستوطنات مشابهة.

إننا باعتبارنا مجتمعا نستعمل سياسة النعامة فندفن رؤوسنا في الرمل ونؤمن بأن هذا هو الواقع. ما يزال الحل السياسي في الحقيقة للصراع الاسرائيلي الفلسطيني غير بادٍ في الأفق ولهذا لا توجد حاجة فورية الى اهدار مال سياسي على أمر اخلاء في المستقبل. لكننا باعتبارنا شعبا يطمح الى ان يرى المولود والى ان يخطط مستقبله كما ينبغي لا يجوز لنا ان نوهم أنفسنا بأن اقرار حدود الدولة بين البحر والنهر ممكن في الأمد البعيد. وسيأتي يوم يوضع فيه على المائدة اقتراح سلام ذو شأن وسنضطر آنذاك الى ان نبت أمرنا هل نراه "محظورا تناوله" أو فرصة لتحقيق أسمى قيمنا اليهودية.

لا يجب علينا للاستعداد لهذا اليوم ان ننقض المستوطنات الآن. لكن يجب علينا ان نُسقط الأسيجة بعد الأسيجة بعد الأسيجة التي أُقيمت في وعينا فيما يتعلق بفكرة اخلاء المستوطنات. ويجب علينا ان نعتاد على العمل سريعا وفي تصميم لمواجهة بؤر استيطانية أو مبان غير قانونية بحسب القانون الاسرائيلي. ويجب علينا ان نبدأ حوارا عاما صادقا يعترف بالآثار المدمرة لسياستنا الاستيطانية في الماضي ويعترف على الأقل بالحاجة الى عدم الاستمرار في تكرار هذه الأخطاء. ويجب ان يجعل هذا الحوار المستوطنين في المستوطنات من خارج الكتل الاستيطانية يستوعبون فكرة ان استيطانهم في ذلك المكان مؤقت ويؤمنون في نفس الوقت بأنهم سيحظون بدعم مناسب وعادل من المجتمع الاسرائيلي كله حينما تصبح الحاجة الى الاخلاء واقعا.

ان خطر سياسة الأسيجة هو انه لكثرة الجدران قد لا يعلق الانسان بينها فقط بل قد ينسى أين هو موجود والى أين يريد ان يصل. وهذا بالضبط هدف سياسة "المحظور تناوله" فيما يتعلق باخلاء ما في يهودا والسامرة. وعلينا باعتبارنا مجتمعا ان نقرر هل هذا هو مكاننا وهل نريد ان نعيش بين جدران أم نريد ان نخرقها، وبهذا نقرر ونُمكّن لاتجاه جديد لمستقبلنا.