خبر معركة طنطاوي- معاريف

الساعة 08:21 ص|19 يونيو 2012

بقلم: داني آشر

عميد احتياط ومؤرخ مختص بتاريخ الجيوش العربية

        (المضمون: المجلس العسكري السائد في مصر سيتخذ كل الخطوات "الدستورية" كي يبقي في ايديه المكانة والمواقف التي بواسطتها سيتاح الدفاع عن مصر الحديثة في وجه التدهور او الغرق نحو دولة الشريعة الاسلامية برئاسة رجال الاخوان المسلمين - المصدر).

        حتى إذا تبين بان اعلان مرشح الاخوان المسلمين محمد مرسي بانه تغلب على "رجل الجيش" احمد شفيق في الانتخابات للرئاسة في مصر يعكس بالفعل النتائج الحقيقية، من الصعب ان نرى تغييرا فوريا في انماط احكم في القاهرة. المنظومة العسكرية، برئاسة بطل "معركة المزرعة الصينية" حسين طنطاوي، المنظومة التي تعمل بصفة حكم مؤقت وتدير مصر منذ اسقاط الرئيس مبارك – لن تتنازل. وهي ستفعل كل ما في وسعها كي تواصل الابقاء في ايديها على مقاليد الحكم، بما في ذلك استخدام القوة.

        لمصر توجد تقاليد حكم مركزي يعود الى الاف السنين. مؤسسة الفرعونية ترمي الى السيطرة على المقدرات الاقتصادية للبلاد والسماح باستغلالها الاقصى كاكسير حياة للامة المصرية. هذه المقدرات، التي كانت في الماضي فقط المياه (مياه النيل) والارض الزراعية على ضفاف النهر وفي دلتاه، تطورت في الحاضر الى سد أسوان (صنبور المياه ومصدر الطاقة الكهربائية) والى جانبه قناة السويس، المواقع السياحية وحقول النفط والغاز التي تسمح بصعوبة باستقرار اقتصادي للامة المصرية.

        الجيش كأداة مركزية للسيطرة على المقدرات وحمايتها احتل مكانه منذ قبل نحو مائتي سنة، في عهد محمد علي، الذي غمز نحو الغرب وبنى جيشا حديثا. هذا الجيش، كجهاز مركزي سائد، شكل عمليا سندا للحكم في مصر منذ الثورة في 1952 وعلى نحو متواصل حتى سقوط مبارك، بل وبعده، حتى ايامنا هذه تماما.

        الجيش، انطلاقا من قلق حقيقي على مستقبل مصر، ولكن ايضا انطلاقا من قلق على مصالحه المباشرة، التي اخذت في التعمق في العقود الاخيرة على المستوى الاقتصادي ايضا، سيفعل كل ما في وسعه كي يبقي في أيديه على الخيوط لادارة مصر. وهو يعرف على نحو افضل ما هو خير للشعب المصري. وهو لن يبقى سلبيا اذا ما اكتشف بان وجه مصر نحو الخلف وربما نحو الجنوب، في طريقها لان تشبه جارتها السودان.

        المجلس العسكري السائد في مصر برئاسة رئيس الاركان ووزير الحرب السابق حسين طنطاوي سيتخذ كل الخطوات "الدستورية" كي يبقي في ايديه المكانة والمواقف التي بواسطتها سيتاح الدفاع عن مصر الحديثة في وجه التدهور او الغرق نحو دولة الشريعة الاسلامية برئاسة رجال الاخوان المسلمين، حتى لو كان هؤلاء أكثر الاخوان اعتدالا.

        بيان المجلس العسكري عن تطبيق قرار المحكمة العليا بحل المجلس الادنى في البرلمان، المصادقة على القرار من رئيس المجلس العسكري والابقاء في "الضباب" صلاحيات الرئيس – هي مجرد رصاصات البداية فقط في معركة متعددة المراحل ستكافح فيها المؤسسة العسكرية ضد التغيير المحتمل. الخطوات التالية ستكون، أغلب الظن، "خطوات مناورة جافة"، وفي أعقابها، اذا ما كانت الحاجة لخطوات أكثر شدة، "خطوات رطبة" أيضا مع نار. الجيش، حتى لو ظهرت فيه شقوق، سيبقى متراصا بصفته القوة الحامية للتقدم ولمصالح قادته.