خبر الأزهر والتخطيط: بين الامتحانات ومناسبة الإسراء والمعراج! د. أيوب عثمان

الساعة 06:21 ص|17 يونيو 2012

الدكتور/ أيوب عثمان

كاتب وأكاديمي فلسطيني

جامعة الأزهر – غزة

هالني وكثيرين غيري ما يقتحم جامعتنا بين الحين والآخر من عشوائية كارثية لا تستقيم معها جامعة على وجه الأرض. إذا كان من العجب أن تحتوي العشوائية أي جامعة مهما كانت رداءة التخطيط فيها، فإن من أعجب العجب أن تحتوي جامعتنا – جامعة الأزهر بغزة المحاصرة – مثل هذه العشوائية الفريدة في خطورة نتائجها في وقت تتمتع فيه بمنصب رفع المسؤولون الرئيسيون الكبار عن الجامعة مستواه إلى ما وصفته المادة (21) من النظام الأساسي المعدل مؤخراً بـ "نائب رئيس الجامعة لشؤون التخطيط والجودة" والذي من أهم صلاحياته: "المشاركة في إعداد الخطة الاستراتيجية التطويرية للجامعة + تقييم ومراجعة دورية للخطط الدراسية بالتعاون مع الشؤون الأكاديمية والكليات وإعداد مقترحات التطوير"، علماً أن من أهم ما يدفع إلى التطوير وأيسره هو الابتعاد عن التخلف والتعطيل! فإذا كان المسؤولون الكبار عن جامعتنا قد بلغ طموحهم هذا المبلغ فجعلوا لرئيس الجامعة نائباً يختص بشؤون التخطيط للجامعة وضبط الجودة فيها، فإن من حقنا أن نتساءل: أين هو التخطيط للجامعة؟! وكيف ستتحقق الجودة فيها؟! أليس من البديهيات أن نوع المنتج مرتبط بمدى جودة التخطيط أو رداءته؟! أليس صحيحاً أنه كلما زادت جودة التخطيط زادت جودة المنتج؟! وتبعاً لذلك، فإن التخطيط للجامعة كلما زادت جودته زادت الجودة في مخرجاته التي ترتبط بالمستوى الإداري والمستوى الأكاديمي الذي يطال الأستاذ الجامعي والطلبة من حيث تحصيلهم العلمي.

فإذا كان يوم غد الأحد 27 رجب 1433هـ الموافق 17 يونيو2012 يصادف مناسبة دينية معروفة على نحو سنوي هي "الإسراء والمعراج"،

وإذا كانت مناسبة "الإسراء والمعراج" مناسبة تجاز فيها المؤسسات،

وإذا كانت المؤسسة المعنية بهذه المناسبة هي جامعة مثل جامعتنا، جامعة الأزهر بغزة،

وإذا كانت جامعة الأزهر تتمتع برئيس ينعم بمرتبة الأستاذية في "الفيزياء النووية"، وتتمتع بنائب أكاديمي ينعم هو الآخر بمرتبة الأستاذية في "الفيزياء الرياضية"، كما تتمتع بمنصب رفع المسؤولون مستواه – كما قلنا سابقاً – إلى "نائب الرئيس لشؤون التخطيط والجودة"، فكيف فات أولئك الكبار جميعاً، ومعهم من تلاهم من عمداء، أن مناسبة "الإسراء والمعراج" هي إجازة تتوقف فيها جامعتنا عن العمل؟! وكيف فاتهم – وهم من يخطط لصالح الجامعة لا ضد صالحها كما هو الحال – أن مناسبة "الإسراء والمعراج" تصادف يوماً يعج بالامتحانات النهائية في مختلف التخصصات وفي معظم الكليات، إن لم يكن جميعها؟! كيف تخطط الجامعة للامتحانات وتصدر جداولها وتقر الجداول في عقول المعنيين بها ويرتبون أمورهم بمقتضاها ثم تقوم الجامعة – وبجرة قلم – بإصدار إعلان مغاير مفاده أن يوم امتحان الأحد 17/6/2012 ينقل إلى آخر أيام الامتحانات؟!

أهكذا تخطط جامعة ينبغي لها أن تخطط لدولة؟! هل الأمر بسيط إلى هذا الحد؟! ما الذي يجعل المخططين يضعون ليوم الأحد خطته الامتحانية ثم ينهزمون عنها؟! لِمَ لَم يتداركوا الأمر وهم يخططون لجداول الامتحانات؟! أين العمداء؟! أين النائب الأكاديمي الذي هو عميد كل العمداء؟! أين النائب الأكاديمي الذي طلب – جزافاً وقفزاً في الظلام ودون تخطيط ودون دراسة – أن يُعطى الطلبة الذين لم يتقدموا للامتحانات النصفية سؤالاً أو أكثر في ورقة الامتحان زيادة عن الأسئلة المعطاة لمن تقدموا للامتحانات النصفية؟! أين نائب الرئيس لشؤون التخطيط والجودة؟! بل أين رئيس الجامعة؟! وفوق كل ما سبق، أين  هو مجلس الأمناء الذي عناه كثيراً، وأعطي نفسه  الحق المطلق، أن يجري تعديلاته على النظام الأساسي ونظام مجلس الأمناء؟ أين مجلس الأمناء الذي تنص المادة (9) من النظام الأساسي الخاصة به في ثانياً: مجلس الأمناء أن "للجامعة مجلس أمناء يشرف عليها (أين الإشراف إذن؟!) ويعمل على تنميتها وازدهارها؟! (أين هي تنميتها وأين هو إزدهارها؟!) وهو صاحب الولاية عليها (أين حيثيات هذه الولاية ومسوغاتها؟!) أين هو مجلس الأمناء الذي تنص المادة (10) من النظام الأساسي المعدل والمادة (8) من نظام مجلس الأمناء على "اتخاذ جميع الوسائل المؤدية إلى رفع شأنها... والرقابة الأكاديمية عليها؟! أم هل أن هذا الشطط المتعلق بتأجيل امتحانات يوم غد الأحد 17/6 لا علاقة له بالرقابة الأكاديمية؟!

وبعد، فهل فكر المخططون لهذه الجامعة التي تتعثر بفعل الشطط والتخطيط المتعثر في تبعات تأجيل امتحانات يوم غد إلى نهاية الامتحانات؟! أجزم يقيناً أن أحداً من كبار مخططي الجامعة لم يفكر في تبعات هذه العمل وما يجره على الجامعة من سوءات، اللهم إلا إذا كان ما جرى في نظر البعض ليس أكثر من جرة قلم أو إعلان في الشبكة العنكبوتية هي كلفة هذا الأمر؟! أليس هذا هو الاستهتار بعينه؟! إن لم يكن هو الاستهتار، فهل هو الاستحمار؟! هل هو استهتار بالناس أم استحمار لعقولهم؟! هل فكر أحد في طالب كان – بناء على جدول الامتحانات الصادر منذ زمن بعيد – قد رتب نفسه للسفر إما إلى أهله في دول الخليج أم إلى العلاج أو غيره، لاسيما وإن مثل هذا السفر ليس سفراً عادياً لأنه سفر من غزة المحاصرة؟! هل فكر أحد في أستاذ رتب نفسه على أن يوم غد هو آخر امتحاناته التي سيقوم بتصحيحها ورصد درجاتها وتسليم نتائجها خلال يوم أو اثنين أو ثلاثة أجرى ترتيباته المعقدة للسفر بعدها بصحبة أسرته سواء من أجل رؤية الأقارب والأحبة أو من أجل العلاج، أو للاستمتاع بالإجازة؟! هل فكر أحد بمعاناة السفر من بلادنا المحاصرة وإليها؟!

أما آخر الكلام، فإن ما استطعت رصده من امتحانات تم تأجيلها بسبب غياب التخطيط أو بسبب التخطيط المعيب قد بلغ عددها (40) امتحاناً تختص بآلاف الطلبة وعشرات الأساتذة! أليس هذا عيباً؟! أليس هذا حراماً؟! أليس هذا جريمة ترتكب في حق جامعتنا وطلبتها وأولياء أمورهم وأساتذتها وأسرهم؟! إن لم يكن هذا الذي جرى ويجري هو استهتار أو استحمار، فماذا يمكن له أن يكون؟! وإذا كانت جامعة تأتي على مثل هذا العمل، فهل هناك من يلام على أي عمل مثيل؟!

"يا آيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم"