خبر حكاية الأسيرين جمال أبو الهيجاء ووصفي قبها والغياب عن عقد القران

الساعة 05:37 ص|17 يونيو 2012

غزة

في فلسطين تسير الأمور وتسجل الأحداث بطريقة تختلف عن أي مكان في العالم ، قد لا يستطيع أن يتفهمها من هم خارج حدود الوطن ، وحتى الذين بداخله ممن لم يخوضوا حياة الأسر والسجن,  فقد لا يتمكنون من فهم آليات وطرق سير الأمور... لكنها فلسطين أم الحكايات.

منذ ما يقارب الشهر وبعد أن أنهى الشيخ جمال أبو الهيجاء معركة الأمعاء الخاوية التي خاضتها الحركة الأسيرة من أجل خروجه من العزل الانفرادي ورفاقه, وبعد مشاورات مع الأهل وخلال قدوم أحد المحامين لزيارته, طلب من المحامي أن ينقل رسالة من سجن إيشل جنوب فلسطين المحتلة لسجن هداريم شمال فلسطين المحتلة , وكان نص الرسالة كالآتي :

"أخي وصديقي ورفيق دربي الوفي على الدوام لإخوانك, وصفي قبها, أبا أسامة, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..إنه ليشرفني أن أتقدم بطلب يد مصونتكم صاحبة الصون والعفاف (دانية) لولدنا الأسير المحرر (عماد) فلن أجد جدّاً لأحفادي أفضل منك, علماً أني كنت قد طلبت مصونتك دانية من عمها الدكتور أمجد قبها والموجود معي في ذات الزنزانة وقد أجاب بالقبول وأسلم لمحبك الشيخ جمال أبو الهيجاء".

توجه المحامي بالرسالة إلى سجن هداريم وانتظر خروج المهندس الوزير وصفي قبها بزيّه البنّي, وكانت ملامح الابتسامة تعتري وجه المحامي فسأله الوزير قبها: ماذا تحمل لي من أخبار, فقام بوضع الرسالة على اللوح الزجاجي ليقرأ ما أرسله له الشيخ, قرأ الرسالة وزينت وجهه النقي المضيء ابتسامة ، فهم منها المحامي رد الوزير الأسير وأمسك بقلمه ليكتب الرد التالي على رسالة الشيخ:

"شيخي وأخي وصديقي أبا عبد السلام .. يبدو أن قدرنا أن تكون أفراحنا ونحن داخل السجون ، ونتراسل من خلال هذه الطريقة وأنت تعلم مكانتك ومنزلتك في قلبي ، وكما تعلم أنت من تطلب العروس وأنت من تعطي فهي ابنتك كما عماد ولدي ، وكما قال لك شقيقي وأخي الدكتور أمجد على بركة الله, أقول لك بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما على خير إن شاء الله" .

وكما قلت في مقدمتي كل شيء في فلسطين مراسيمه تختلف عن أي مكان في العالم قد لا يستطيع أن يفهمها البعيد كهذا هي بلادنا, أن يطلب والد العريس المعتقل من والد العروس المعتقل هو أيضاً يد كريمته ، وكهذا تكون المراسلة وهكذا يحدث القبول ... صورة حصرية من فلسطين .

 

في فلسطين الشيخ جمال أبو الهيجاء يزف أولاده الثلاثة دون أن يشاركهم الفرحة ، وتنجب ابنته وابنه ولديهما دون أن يشاركهم الفرحة , وتعتقل زوجته وجميع أولاده بما فيهم ابنته دون أن يجد من يربت على كتفه, ومع كل هذا الألم تجد البسمة على وجنتيه الطاهرتين يبتسم لقدر الله راضياً بقضائه , منتظراً جزاء الصابرين .

في فلسطين المهندس وزير الأسرى معتقل ينقل من سجن لآخر, محروم من لقاء شقيقه الدكتور الأسير أمجد قبها, تنجح بناته في الثانوية العامة وينجح ولده الوحيد في الثانوية العامة ويدخلون الجامعة ويتخرج من تخرج منهم, وها هي ابنته تطلب يدها عبر السجون دون أن يشارك العائلة الفرحة, ومع ذلك قلبه العامر بالإيمان يبتسم, ومحياه يبتسم ويقابل كل هذا بالشكر والحمد لله الذي شاء أن تسير الأمور على هذا الوجه.

من فلسطين أقول للأسيرين المهندس الحبيب وصفي قبها, أشهد الله أني تذكرتك سيدي يوم عرس عبد السلام , كيف كنت تستقبل الحضور, وتقف مكان والد العريس الشيخ جمال المعتقل, وكيف كنت تسد مسد والده, لقد علّمتنا أخي حينها درساً في الأخوة وكيف يسد الأخ مكان أخيه.

حاولت أخي أن أقلدك وأن  أقف مكانك وليس مثلي من يسد مكانك يا صاحب الهمة العالية ، كنت أحاول أنا ومن معي أن نقلدك في وقفتك وحركتك, حتى كلمتك التي ترددها على الدوام (يا طيب), كنت ومن معي نرددها لكي نشعر من يحبك ويعرف عنك ترديدك لهذه الكلمة أن يشعر بوجودك وكان الجميع يقابل الكلمه بالضحك ويقول فرج الله كربك يا أبا أسامة .

لمحت سيدي وصفي في عيون الحضور حباً كبيراً لك وانقسم الأحباب إلى قسمين, قسم يقول نحن من طرف أهل العروس, والآخر من طرف أهل العريس, لأن الأمور أخي التبست فأحبابكما أنت والشيخ جمال مشتركين, والجميع شارك حباً ووفاء وتقديراً  لكما يا أصحاب الفضل السابق .

الجميع شارك بعقد القران, والكل تمنّاكم معنا ولم يبقَ أحد لم يتوجه لله بأن يفرّج كربكما ويفك أسركما ويعيدكما سالمين غانمين, مبارك لكما في زنزانتيكما العامرات بذكر الله أيها الصابران, وجمعنا بكما الله خارج السجون على خير .