خبر هزة في مصر.. هآرتس

الساعة 08:30 ص|15 يونيو 2012

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: معضلة الاخوان هي بالتالي، اذا ما خرجوا منذ الان الى الشوارع، للاحتجاج على القرار وتنظيم ثورة جديدة في ميدان التحرير، أو التمسك بالخطوة الدستورية، والتنافس في الانتخابات للرئاسة والمخاطرة بفقدان الرئاسة والقوة في البرلمان - المصدر).

قرار المحكمة الدستورية في مصر أثار ليس اقل من ثورة على الثورة. هكذا على الاقل يُنظر الى القرار للسماح لاحمد شفيق بالتنافس في الانتخابات وحل البرلمان، في نظر الاخوان المسلمين وفي نظر حركات الاحتجاج. بل ان بعضها تتم المجلس العسكري الاعلى بالتخطيط المقصود للقرار وبالتحديد المسبق لنتائج البحث القضائي.

الخاسر الاكبر من القرار هو بشكل طبيعي حركة الاخوان المسلمين، التي ستضطر الى التنافس مرة اخرى على ثلث المقاعد في البرلمان والتي رفضت لاسباب دستورية، فيما ان البرلمان لا يمكنه في هذه الاثناء ان ينعقد ويتخذ القرارات. ولكن مقابل الروح الثورية التي سادت عشية الانتخابات للبرلمان، والتي منحت الاخوان تأييدا بنحو 40 في المائة (من أصل نحو 47 في المائة حظيت بها الكتلة التي قادوها، والتي تضمنت احزابا علمانية) فان الاجواء في مصر اليوم مختلفة.

دليل على الانخفاض في قوة الاخوان اتضح في الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية، والتي حظي فيها مرشح الاخوان، محمد مرسي، نحو 25 في المائة فقط، وبالاجمال حصل مرشحو الحركات العلمانية، احمد شفيق، عمرو موسى وحمدين صباحي باكثر من 50 في المائة. انتخابات جديدة للبرلمان من شأنها أن تقضم أكثر فأكثر من قوتهم، ولا سيما على خلفية الاعتراف بأن المشاكل الاقتصادية لمصر تعتبر أفضل بكثير من الحاجة الى تنفيذ ثورة في النظام وأن مرشحا ذات تجربة مثل شفيق كفيل بان يحل مشاكل مصر أفضل من الاخوان.

معضلة الاخوان هي بالتالي، اذا ما خرجوا منذ الان الى الشوارع، للاحتجاج على القرار وتنظيم ثورة جديدة في ميدان التحرير، أو التمسك بالخطوة الدستورية، والتنافس في الانتخابات للرئاسة والمخاطرة بفقدان الرئاسة والقوة في البرلمان. اذا ما قرروا مواصلة الانتخابات للرئاسة وخسروا، لن يتمكنوا عندها من الثورة ضد النتائج، وذلك لانهم سيخسرون مصداقيتهم وشرعية احتجاجهم. ولكن اذا ما خرجوا الى الشوارع ايضا، فليس لديهم ضمانات في أن ينضم الجمهور اليهم.

وينقل القرار مرة اخرى كل مواقع القوة الى المجلس العسكري الاعلى الذي أعلن منذ الان بان الرئيس القادم سيؤدي اليمين القانونية امامه وليس أمام البرلمان. وهو الذي سيشكل لجنة صياغة الدستور وهو الذي يمكنه أن يؤثر من جديد على نتائج الانتخابات للبرلمان. ولا غرو بالتالي من أنه هو الذي يقف الان على لوحة الهدف لكل الحركات السياسية، باستثناء الموالين لاحمد شفيق ومؤيدي النظام القديم.

بالنسبة للحركات التي ذهلت من قرار المحكمة لا يغير الامر من شيء أن القرار اتخذ على أساس تفسير قضائي ملموس. فهذا التفسير قضى بان حركات سياسية مثل الاخوان المسلمين والسلفيين تنافست على الاماكن المحفوظة للمرشحين المستقلين، بشكل يتعارض وتعديل قانون الانتخابات الذي اتخذ هذا العام. كما أن القرار برفض قانون العزل – الذي يحظر على من تسلم مناصب رفيعة في نظام مبارك العمل في السياسة على مدى عشر سنوات – كقانون غير دستوري، هو بذاته جزءا من الاصلاح القضائي الذي طالبت به حركات الاحتجاج. وبشكل مفعم بالمفارقة، فان الانجازات الدستورية بالذات التي حققتها الثورة هي التي منحت المحكمة، وربما ايضا المجلس العسكري الاعلى، القوة القانونية لاحداث ثورة جديدة.

بشكل رسمي لا يوجد ما يدعو الى عدم الاستمرار في حملة الانتخابات للرئاسة، وبالفعل اعلنت حركة الاخوان المسلمين بان في نيتها مواصلة المنافسة. ولكنها في نفس الوقت دعت قيادتها الى جلسة عاجلة لاعادة النظر في قرارات الحركة. غير أنه حتى لو جرت الانتخابات للرئاسة، فان الرئيس الجديد سيجد نفسه بلا برلمان يمكنه ان يعتمد عليه كي يطبق قراراته وبلا حكومة – يتعين على البرلمان ان يقر تشكيلتها – لتنفذ سياسته.

ومن شأن النتيجة أن تكون أن المجلس العسكري الاعلى، الى جانب الرئيس، هو الذي سيدير الدولة حتى الانتخاب القانوني لثلث اعضاء البرلمان فيعاد بذلك الوضع في مصر، على الاقل بشكل مؤقت، الى ذاك الذي كان متبعا في عهد مبارك. تعزيز لهذه الصورة قد تنشأ اذا ما فاز احمد شفيق، الذي يعتبر كممثل للنظام السابق، ويصبح رئيسا برعاية المجلس العسكري. اذا كانت هذه هي النتيجة، وهي ليست مستبعدة، فمن شأن مصر أن تجد نفسها في صراع سياسي شديد لن يعتبر فيه الجيش شريكا في الاحتجاج بل عدوا للشعب. المخرج المحتمل هو تأجيل الانتخابات للرئاسة – وهو حل يعارضه الجيش – أو على الاقل الاعلان منذ الان عن موعد قريب لانتخاب المقاعد المرفوضة في البرلمان وبذلك على الاقل خلق زخم سياسي متجدد كفيل بان يمنع صراعا عنيفا في الشوارع.