خبر تماس في الاتصال- معاريف

الساعة 08:38 ص|14 يونيو 2012

 

بقلم: البروفيسور يحزقيل درور

النتائج الخطيرة في تقرير مراقب الدولة عن الاسطول الى غزة، في الجزء الذي يعنى بمنظومة الاعلام الوطني، تشير الى "استمرار التدهور الخطير بعيد السنين في الاعلام وفي البث باللغة العربية في التلفزيون والراديو، وتخلف واضح في تقدم الاعلام بهذه اللغة على الانترنت". بمعنى ان اسرائيل لم تبذل جهدا حقيقيا للاتصال بالجمهور العربي الغفير الذين وسائل الاعلام السائدة في حياته هي التلفزيون، الراديو والانترنت. ليس صعبا اعطاء معاذير لهذا القصور الجدي، بدء بالادعاء بانه على اي حال لا يوجد احتمال للتأثير الايجابي على رأي الجمهور العربي بالنسبة لاسرائيل وانتهاء بالتخوف من أن التوجه المباشر الى الجمهور العربي "سيغضب" الحكام الذين تجتهد اسرائيل للتوصل معهم الى تسويات.

ولكن بتقدير، السبب الحقيقي يرتبط بالاستخفاف باهمية "الشارع العربي" كجهة ذات مغزى في النزاع العربي – الاسرائيلي، ومنه ينبع عدم الرغبة في توظيف مصادر كبيرة في وسائل التأثير عليه. هذا خطأ تاريخي لانه لرأي الجمهور تأثير على دول وكذا أنظمة بعيدة عن الديمقراطية، ويمكن التأثير ولو جزئيا على موقف الجماهير العربية من اسرائيل من خلال وسائل اعلام متطورة، بالتداخل مع سياسة دافعة للسلام الى الامام ضرورية لاسرائيل على اي حال. ولكن اذا كان ممكنا في الماضي طمس هذا الخطأ من خلال الاشارة الى انعدام الوسيلة المزعومة لدى الجمهور في معظم الدول العربية، فقد جاء الربيع العربي ووضعنا عند الوهم الذي في هذا التقدير. سياقات الربيع العربي التي تمر على الدول العربية يمكنها أن تؤدي الى اتجاهات مختلفة: من أنظمة طغيان جديدة وحتى انظمة دينية او شبه حديثة. ولكن أمرا واحدا مؤكدا: تأثير "الشارع" سيكون الان أكبر، لانه لا يمكن لاي حكم أن يتجاهل امكانية الاعمال الجماهيرية.

ويترافق مع هذا التقدير توقع آخر بموجبه التأثير المتزايد للجماهير الغفيرة سيعمل سلبا على الموقف من اسرائيل لدرجة التعريض للخطر اتفاقات السلام والتسبب بمواجهات بل وحروب، الا اذا نجحت اسرائيل في التأثير على مواقف الجمهور والذي هو مهمة ليست متعذرة. وعليه فان جهدا متواصلا وذكيا على نطاق واسع للوصول الى اتصال مع جمهور عربي متزايد هو حاجة سياسية – أمنية يجعلها الربيع العربي واجبا مطلقا. من هنا فان على اسرائيل أن تقيم منظومة تلفزيون، راديو وانترنت كبيرة باللغة العربية وبلغات اخرى منطوقة في دول اسلامية أساس، مثل ايران، تركيا واندونيسيا. برامج ملائمة يجب أن تعرض اسرائيل بكل جوانبها – الثقافية، القيمية، الدينية – العلمانية والسياسية – في ظل دمج للترفيه الجذاب للجمهور وبرامج جدية.

 لا مكان للاوهام: لا يمكن لاي اتصالات أو اعلام ان تشكل بديلا عن مبادرات سلام ونشاطات اسرائيلية تجسد استعدادا لتكون جزءا من الشرق الاوسط الذي هو في أساسه عربي اسلامي، مثلما قُدر لنا، حتى عندما لا يكون مجال للابتعاد عن الغرب ومطلوب الدفع الى الامام بالعلاقات مع دول آسيا.

لو كان رئيس الوزراء سأل نصيحتي ما الذي يمكنه شخصيا أن يفعله كي يلطف حدة النزاع العربي – الاسرائيلي اضافة الى الدفع الى الامام بمسيرة سياسية وتفعيل  منظومة تلفزيون، راديو وانترنت نوعية باللغة العربية، لاقترحت عليه ان يتعلم العربية وان يتوجه في الجمعية العمومية للامم المتحدة على نحو مفاجيء بلغة عربية سليمة للشعوب العربية باقتراحات سلام حقيقية؛ وذلك لان أسس النزاع هي ثقافية ودينية وليست اقليمية فقط، ومن هنا أهمية الخطوات الرمزية – الاتصالاتية. مهما يكن من أمر فان اقامة منظومة تلفزيون، راديو وانترنت كبيرة بالعربية وبلغات بلدان اسلامية اخرى هي خطوة ملحة يفترضها الربيع العربي، بكل تطوراته المحتملة.