خبر تحذير بعيون غير استشراقية- هآرتس

الساعة 09:48 ص|13 يونيو 2012

 

بقلم: عميره هاس

هل يحتاج بنيامين نتنياهو، وهو خبير عالمي بالارهاب، الى مشورة خبراء ليعلم ان احراق يهود لمسجد كبير ذي شأن قد يشعل حريقا أكبر؟ قدّر مستشرقون أجلاء أنه يجب على رئيس الوزراء ان يستمع الى هذا منهم مع تحذيرهم من ان البناء والتعويض في المستوطنات باعتبارهما الرد الوطني المناسب على اخلاء حي الاولبانه، سيساعد بصورة غير مباشرة على نشوب انتفاضة ثالثة ("هآرتس"، 10/6).

يشتمل تحذير الخبراء ضمنا على ثلاثة افتراضات: الاول ان نتنياهو والمستويات العسكرية والمدنية التي تعمل الى جانبه غير معنيين بانتفاضة ثالثة. والثاني ان نتنياهو هو العنوان الصحيح للتحذير. والثالث ان الفلسطينيين يُكيفون أنفسهم على نحو ما لكل شر غير ديني تجلبه عليهم سلطتنا المعادية. يوجد الكثير من الحقيقة في الافتراض الثالث. ان العيون غير الاستشراقية ترى على الأقل خمسة أضرار احتلال بنيوية تستحق، مجموعة ومفرقة، ان تؤدي الى هبة شعبية. وكالعادة يضيق المقام وينفد صبرنا ايضا من التذكير بكل ذلك، ولهذا سنتحدث حديثا مختصرا قبل ان نعود الى نتنياهو، وسيكون هذا هو اسهامنا للذكرى السنوية الخامسة والاربعين لسلامة البلاد.

\أصبح الصيف هنا، ومعه مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين سيعيشون فيه بلا ماء جارٍ، فنحن نسيطر على موارد الماء ونقرر ان يكون لليهود ماء بلا حد وان يرتب الفلسطينيون أمورهم مع الباقي. وهذا الباقي في غزة لا يستحق حتى ان يُشرب. ان نحوا من مليوني انسان يعيشون في ظل الارض التي سُلبت منهم من اجل المستعمرات، وفي ظل تنكيل سكانها واشعال الحريق واطلاق النار والتخويف والمس الجسمي بالمزارعين والرُعاة. ونحن نسيطر على المنطقة، ولهذا نطور خططا هيكلية لليهود وتحريم البناء على الفلسطينيين.

ان المستعمرات والتمييز في البناء أحدثا على الخريطة البقع المعروفة بأنها جيوب فلسطينية (معازل). ويعبر عن السيطرة على المنطقة ايضا الجدران والبيروقراطية المتشعبة لحظر واحلال التنقل والشوارع المغلقة. وتنشأ مع السيطرة على سجل السكان سياسة الحصار وجوهرها حق التنقل والزواج والعمل والسكن لليهود ("الرجل الابيض"، بلغة وزير داخليتنا) في جميع أجزاء البلاد، والفصل والقطع والحصر والخنق للفلسطينيين. والحاصل العام لكل ذلك هو أكذوبة الدولة الديمقراطية وحقيقة الدولة اليهودية. وبخلاف توقع العقل السديد لا تنجح كل هذه الاضرار في اشعال هبة شعبية، ربما لأن الانتفاضتين الأوليين أفضتا فقط الى تطوير اجهزة السيطرة والكذب الاسرائيلية (انتصر الجيش الاسرائيلي بلغة المشاجرين النازفين القصيرة النظر).

وهذا هو السبب الذي يجعل لحلقات اليمين خاصة مصلحة في تطوير اسباب الانتفاضة الثالثة، أي إدخال العامل الديني التهويلي. وليست مصلحتهم بالطبع في الانتفاضة بل في قمعها. وليست المصلحة في انتفاضة شعبية بل في نشوبها والعالم العربي غارق في حروب أهلية، فالمصلحة هي جمع مكاسب سكانية ومناطقية مثل طرد جماعي الى الاردن الذي هو "الدولة الفلسطينية" كما يقول كثير من المستوطنين. واليمين الذي رفع الاستيطان الى منزلة القداسة هو المستنبت الطبيعي لنتنياهو وحلقات عسكرية ومدنية مهيمنة، ولا ينبغي ان ننسى هذا. ان نشر بيوت الاولبانه هو اختلاف تكتيكي فقط في طريقهم المشترك الذي يكون فيه قمع الانتفاضة الثالثة جزءا من الخطة الأم.

لهذا يجب ألا يُحذر المستشرقون نتنياهو، فمكانهم بين ملايين الاسرائيليين الذين يرغبون في تناول جبن الكوتج وفي شقة سكنية وفي حياة طبيعية، ممن يخطط فريق منهم لاحتجاج الصيف. يجب على هؤلاء الخبراء ألا يُحذروا الاسرائيليين من احراق مسجد بل ان يُحذروهم من حكومتهم.