خبر والآن..لبنان- معاريف

الساعة 09:43 ص|13 يونيو 2012

 

بقلم: نداف ايال

عائلة الأسد آمنت دوما بان لبنان هو محافظة سورية فصلت عنها بمؤامرة استعمارية. وقد رحل حافظ الاسد الى اجداده قبل أكثر من عقد من الزمان، الا ان رؤياه الكبرى تتجسد بطريقة فظيعة: لبنان لم يصبح سوريا، سوريا أصبحت لبنان. لا لبنان في عصرنا هذا بالطبع، حيث يسود هدوء متوتر بين الطوائف المختلفة؛ بل لبنان السبعينيات والثمانينيات للحرب الاهلية التي هي في واقع الامر حرب قبلية ودينية. لبننة سوريا: ارساليات سلاح سرية وأفعال ذبح جماعية وسلسلة من المصالح التي تلعب بين الاطراف المتقاتلة التي تنشغل بالتطهير العرقي. سوريا، مركز الاستقرار الاقليمي منذ الستينيات، اصبحت مستنقعا يتصبب دما. التاريخ السوري الحديث يكتب الان من جديد، والصدمة الحالية ستعتبر الفصل الاكثر ظلامية منذ قيام الجمهورية.

        الاعلان الرسمي للامم المتحدة عن وجود حرب أهلية ليس ذا مغزى بحد ذاته. فالقانون الدولي لا يتعاطى بشكل مختلف مع الدول التي تعيش مثل هذه الحرب؛ فعلى اي حال النظام يسيطر في دمشق وسيعتبر المسؤول عما يجري في أرجاء الدولة. غير أن انهيار الدولة السورية وتعريف القتال كحرب أهلية ستعزز أكثر فأكثر اولئك الذين يدعون الى العمل بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، عمل يرمي الى "اعادة الامن والسلام الى المنطقة".

        التعزيز هو اساسا فكري؛ سياسيا، روسيا والصين تواصلان منع كل عمل حقيقي. الواقعيون سيقولون انهما تريدان ان تمنعا سوريا من أن تصبح منطقة نفوذ أمريكية اخرى. المتهكمون سيضيفون: الروس والصينيون لا يريدون ان يقع السوريون في فكاك الديمقراطية، من الانتخابات المفتوحة والحرة.

        يوجد في هذا شيء، ولكن المصلحة السورية نقية من الايديولوجيا: بوتين لا يشعر بالتزام تجاه عائلة الاسد شخصيا، وبتعابير معينة اصبحت عبئا عليه. ولكنه يريد أن يحافظ على آليات القوة القائمة في النظام، آليات تضمن له بان تواصل دمشق كونها منطقة نقوذ ذات مغزى لروسيا. بوتين يواصل النظر الى العالم عبر المناظير الشوهاء لانهيار الاتحاد السوفياتي؛ ثورة سورية هي فقدان لذخر استراتيجي.

        أمس تبين كم هي الحرب الاهلية السورية لعبة بين القوى العظمى. فلاول مرة تتهم الولايات المتحدة موسكو بتوريد سلاح هجومي لنظام الاسد. هيلاري كلينتون حذرته من نقل مروحيات هجومية الى سوريا – حاولت عمليا الكشف علنا عن خدعة بوتين ونظامه، اللذين يدوران العيون وبالتوازي يوقعان على صفقات سلاح جديدة مع دمشق. واشنطن لم تبدأ بعد بتوريد السلاح الهجومي رسميا للثوار، ولكنها في الطريق الى هناك، والمعاني الناشئة واضحة: الحرب في سوريا يمكن أن تصبح ليس فقط حمام دماء طائفي بل وايضا معركة مبعوثين بين القوى العظمى.

        بمفهوم ما، نحن بتنا هناك. كميات السلاح الكيماوي والبيولوجي، امكانيات القتل الكامنة، الاهمية الاقليمية لسوريا، كل هذه تستدعي قيادة دولية يمكنها ومستعدة للعمل على حسم الامور بسرعة. في هذه اللحظة، لا توجد مثل هذه القيادة.